يقال إن القهوة واحدة من بين أكثر المشروبات الصحية على الكرة الأرضية. خلاصة توصل اليها العديد من الدراسات على مرّ العصور، وإن كانت تحمل بعض المبالغة. ذلك أن النتيجة تشترط الضوابط وعدم الإفراط في الاستهلاك، وخصوصاً أن الإكثار من تناولها يحمل آثاراً سلبية عدة. تالياً، سنتوقف عند حسنات "مذهلة"، لم تكن تخطر في بال ونحن نرتشف يومياً فنجانين من القهوة. ¶ تجعلك اذكى: القهوة قادرة على مساعدة المرء في الشعور بالراحة وخفض مستوى التعب الذي يعانيه، وذلك مردّه الى انها تحتوي على منبّه يسمّى الكافيين. بعد تناول القهوة، تنتقل مادة الكافيين الى مجرى الدم الذي ينقلها الى الدماغ. في الدماغ، تمنع مادة الكافيين، الناقل العصبيّ المسمى Adenosine، لتزداد اعداد الناقلات العصبيّة الاخرى كNorepinephrine وDopamine. هذه العملية اثبتت الدراسات أنها تؤدي الى تحفيز مناطق ووظائف عدة من الدماغ كالذاكرة، المزاج، درجات النشاط، ردود الفعل وغيرها من مهمات الوعي والادراك.
¶ أهم مشروب مضاد للأكسدة: القهوة جزء اساسي من الحمية الغذائية لسكان البلدان الغربية. ذلك أنها تحتوي على كمية كبيرة من مضادات الاكسدة، وتوازي لا بل تتخطى الكمية التي قد يحصل عليها المرء من تناول الفاكهة والخضر في الوقت عينه. بينّت الدراسات ان جسم الانسان قادر على امتصاص مضادات الاكسدة الموجودة في القهوة بطريقة اسهل واسرع من تلك الموجودة في الفاكهة والخضر.
¶ تساعد في حرق الدهون: هل تدري أن مادة الكافيين التي تحتويها القهوة موجودة في كل المكمّلات الغذائية المخصّصة لحرق الدهون المبيعة في الاسواق؟ فالكافيين هي من المواد الطبيعيّة النادرة جداً القادرة على المساهمة في حرق الدهون. وتوصلت الدراسات الى ان الكافيين قادرة على زيادة الأيض (Metabolism) بنسبة 3 الى 11% عن معدلاته الطبيعيّة. كما ان الدراسات اثبتت ان مادة الكافيين قادرة على رفع نسبة حرق الدهون 10% عند الاشخاص البدينين و29% عند الأقل وزناً.
¶ تحسّن القدرة الجسدية وتزيد النشاط: الكافيين تحفّز الجهاز العصبيّ، وتجعله يرسل اشارات الى الخلايا الدهنيّة لتكسير الدهون. لكن الكافيين ترفع ايضا معدلات Epinephrine والادرينالين الموجودين في الدم. وباعتبار ان الكافيين مسؤولة عن "تكسير" الدهون وتحويلها جزئيات صغيرة وتركها تتنقّل في الدم، فإن هذه العملية تجعل من تلك الدهون بمثابة وقود للجسم. وبالتالي يتنشّط الجسم وتزداد قدرته ويرتفع مستواه بنسبة 11 الى 12%.
¶ تقوي العضلات: نشرت مجلة "Cell metabolism" الاميركية دراسة وجدت ان مادة الكافيين لها تأثير التمارين الرياضيّة نفسها على العضلات. الدراسة التي عاينت واختبرت عن قرب DNA العضلات، وجدت النتيجة ان عضلات الفرد الذي يتناول القهوة والشخص الذي يقوم بالتمارين الرياضيّة شبيهة الى حدّ كبير. والخبر السارّ في الموضوع ان النتائج اتت سريعاً ومفعول القهوة ظهر بعد فترة غير بعيدة على العضلات.
¶ تمنع الاصابة بالسكري من الدرجة الثانية: هو مرض مزمن يعانيه أكثر من 300 مليون شخص في العالم. ولكن ما الرابط بين القهوة والسكريّ؟ لقد توصلت دراسة للجمعية الاميركية للكيميائيين، الى ان مستهلكي القهوة بمعدلّ 4 الى 5 فناجين يومياً، معرضون أقل ب23 الى 50% من سواهم للاصابة بداء السكري، وقد وصلت احدى الدراسات الى نسبة 67%. من ناحية اخرى، اكدت دراسة لخصت 18 دراسة اخرى، الى ان كل كوب اضافي من القهوة يومياً قادر على خفض نسبة الاصابة بداء السكري من الدرجة الثانية بمعدّل 7% اضافي.
¶ تمنع تليف الكبد: الاشخاص الذي يتناولون ما يزيد عن 4 فناجين قهوة في اليوم معرضون أقلّ من سواهم بنسبة 80% للاصابة بالتليّف الكبدي، وهو مرض يحول دون اتمام الكبد مهماته الطبيعيّة في الجسم. وقد توصلت دراسة اجريت عام 2006، وشملت 125 الف شخص على مدى 22 سنة، الى ان الاشخاص الذين لا يتخطى استهلاكهم للقهوة الفنجان يومياً، يبقى خطر اصابتهم بالتليّف الكبدي أقّل ب20% عن سواهم. وأكدّ المشرف على الدراسة آرتور كلاتسكي، ان القهوة اظهرت مدى فعاليتها ومنافعها لحماية الكبد من آثار الشرب المفرط. كذلك توصلت مجموعة من الباحثين العالميين الى ان القهوة تمنع ايضاً مرض التهاب الكبد الدهني الناتج من سبب غير كحولي.
¶ تمنع امراض السرطان: مستشفى Brigham and women في بوسطن وجامعة هارفرد الطبيّة توصلا بعد دراسة لمجموعة من 112897 شخصاً على فترة 20 سنة الى ان النساء اللواتي يتناولن ما يتخطى 3 اكواب من القهوة يومياً معرّضات أقّل من سواهن للاصابة بمرض سرطان الجلد. كذلك توصلت دراسة اخرى الى ان القهوة قد تحدّ الاصابات بسرطان الكبد بنسبة 40%. كما وجدت دراسة ثالثة شملت عيّنة من 500 الف شخص تقريباً، ان القهوة خفضّت خطر الاصابة بمرض سرطان الكولون بنسبة 15%.
¶ تقي من الالزهايمر: الجميع يدرك ان لا علاج للالزهايمر متى اصاب الشخص، ولكن تبقى الوسائل الوقائية خيراً من ألف علاج. واحدى وسائل الوقاية تناول القهوة، التي اثبتت الدراسات أنه يخفضّ نسبة الاصابة بمرض الالزهايمر 65%. وقد وجد باحثون من جامعة جنوب فلوريدا ومن جامعة ميامي، ان الاشخاص الذين تخطوا عمر ال65 مع معدلات عالية من مادة الكافيين في دمهم اظهروا بوادر الالزهايمر بعد 4 سنوات عن سواهم. واوضح المتخصص في الاعصاب والمشرف على الدراسة الدكتور شوانهاي ساو، ان استهلاك القهوة بشكل معتدل يومياً قد لا يمنع الاصابة بالالزهايمر كلياً، لكنه قد يؤخره بضعة سنوات ويخفّض نسب الاصابة به.
¶ تمنع وتعالج الباركنسون: أشارت مجلة Sciencedaily عام 2012 إلى ان تناول القهوة يساعد الافراد المصابين بمرض الباركنسون في السيطرة على تحركاتهم. وشرح الدكتور رونالد بوستوما، المشرف على الدراسة، ان الدراسات السابقة اجمعت على ان استهلاك القهوة يقلل من خطر الاصابة بمرض الباركنسون، ولكن هذه الدراسة الأولى من نوعها التي تؤكد ان استهلاك القهوة يساعد في السيطرة على أعراض هذا الداء.
¶ تحارب الاكتئاب: توصلت دراسة اجراها معهد الصحة الوطني الاميركي الى ان الافراد الذين يتناولون 4 او 5 اكواب من القهوة يومياً، انخفضت لديهم نسب الاصابة بالاكتئاب بنسبة 10% عن سواهم. واوضح الدكتور هونغلي شين ان سبب منع القهوة لحالات الاكتئاب لا علاقة له بمادة الكافيين، الموجودة في مشروبات ومأكولات اخرى لا اثر لها على الاكتئاب، وانما يعود ذلك الى احتواء القهوة على مواد مضادة للاكسدة بنسب عالية. وهذا ما توصلت اليه ايضاً دراسة لجامعة هارفرد، مضيفة ان القهوة لها مفعول الادوية المضادة للاكتئاب التي تعمل على انتاج ناقلات عصبيّة كالserotonin والdopamine وال Noradrenaline، والتي تحدّ من حالات الانتحار.
¶ تطيل العمر: القهوة تمنع امراضاً عديدة جسدية ونفسية قد تؤدي الى وفاة الفرد في حال اصابته، كالسكري، السرطان، الالزهايمر، الباركنسون، تليّف الكبد، الاكتئاب ومحاولة الانتحار، وتالياً فان مستهلك القهوة الدائم مرشّح للعيش حياة اطول بعيداً من الامراض التي قد تصيب غيره. في الختام، يبقى ان نذكّر ونشدّد على اهميّة وضرورة الاعتدال وعدم الافراط في تناول القهوة، لما قد ينجم عن ذلك من آثار غير مرغوبة. والأهم يبقى أن فوائد القهوة قد تنقلب الى مضار بالنسبة الى النساء الحوامل والمصابين بأمراض الضغط مثلاً. وتالياً، يبقى على كل شخص يعاني من حالة صحيّة معيّنة استشارة طبيبه قبل اتخاذ أي قرار قد يضرّه أكثر مما يفيده.
