عمرو أديب: خبرة وزير التعليم تقتصر على العمل في مدارس مملوكة لأسرته    ننشر أسعار الذهب في ختام تعاملات اليوم 5 يوليو    عضو شعبة السيارات: الأسعار لن تنخفض في الفترة المقبلة    ستارمر يؤكد لبايدن دعم بريطانيا «الراسخ» لأوكرانيا    اللجوء للوقت الإضافي بعد التعادل الإيجابي بين فرنسا والبرتغال    وزير التربية والتعليم يوضح المشاكل والتحديات التي تواجه الوزارة الحالية    محمد رمضان يطرح أحدث أغانيه «بمزاجي» | فيديو    محافظ سوهاج : مدينة أخميم عاصمة التاريخ ويجب الاستفادة منها    «التوأم» يتحدى منتخبات تصفيات أمم المغرب    طارق سعدة.. مسيرة إعلامية حافلة تقوده للاقتراب من رئاسة الهيئة الوطنية للإعلام    القبض علي المتهم بقتل عامل خلال مشاجرة أسرية في البساتين    إنقاذ 46 مصطافا من الغرق بشواطئ رأس البر    انتهاء مسيرة تونى كروس مع كرة القدم بعد وداع يورو 2024    مصطفى عمار: مصر حققت معجزة بإزالة 13 مليون لغم وتحويل العلمين من الموت إلى الحياة    بأغنية أمازيغية ورايق وفاضى شوية.. حمزة نمرة يفتتح ليالى تيميتار فى المغرب (صور)    جيش الاحتلال يعلن إصابة جنديين جراء إطلاق قذائف من لبنان    ابنة رجاء الجداوي تكشف عن الدور التي حلمت بتجسيده.. «بداية ونهاية»    السفير نبيل فهمي: والدي اعترض على التحاقي بالسلك الدبلوماسي    أول أنشطته الوزارية.. تفاصيل زيارة وزير الأوقاف ل"مستشفى الدعاة بمصر الجديدة" (فيديو)    وزير التعليم لطلاب الثانوية: الاجتهاد أهم من النتيجة.. وسنحل أي مشكلة فورا    نقابة المهندسين في الإسكندرية تقدم خدمات نيابات الأسرة والمرور لأعضائها بمقر النادي    خبير اقتصادي: الحكومة الجديدة هدفها ملفات الاقتصاد والاستثمار    عمل بالسجن وأُستبُعد من الدوري الإنجليزي.. معلومات مثيرة عن حكم مباراة ألمانيا وإسبانيا (صور)    وزير التعليم العالي: اختبارات في المرحلة الثانوية لتحديد مسار الطالب    مصطفى بكري: أي وزير في الحكومة عليه علامات استفهام مش هيكمل    ترامب يهنئ نايجل فاراج بانتخابه في البرلمان البريطاني    محمد رمضان يطرح أغنية «بمزاجي» عبر «المنصات الصوتية» ويستثني «يوتيوب».. ما القصة؟    العام الهجري الجديد.. دار الإفتاء تعلن موعد أول أيام شهر محرم    أعراض النقرس الحاد وطرق علاجه بالمنزل    وكيل وزارة الصحة بالشرقية يتفقد مستشفى منيا القمح المركزي    رؤية هلال شهر المحرم 1446 كما أعلنتها دار الإفتاء    قافلة «التحالف الوطني» تنقذ بصر فوزي محمد وتستعد للمزيد في القليوبية    حياة كريمة.. توقيع الكشف المجانى على 1800 مواطن بأسوان    الفائز في مسابقة «تبيان للقرآن»: حفظته في سن ال6.. وأحرص على الورد اليومي    المفتي: الجيش احتضن الإرادة الشعبية لثورة 30 يونيو كاحتضان الأم لوليدها في لحظة الخطر    الليلة تصل ل 72 ألف جنيه.. 55 صورة ترصد أرخص وأغلى فنادق العلمين الجديدة    "عمرها 17 عاماً".. ميسي يحمل الرضيع لامين جمال (صور)    بالفيديو| أصالة ترحب ب نبيلة عبيد في كواليس حفل "ليلة وردة": ست الستات    تحركات الرئيس السيسي لاحتواء الأزمة السودانية.. جهود مصرية مكثفة لإنهاء معاناة الأشقاء وإحلال السلام    القوات البحرية تستقبل وفداً من الأمم المتحدة (تفاصيل)    شيخ الأزهر من ماليزيا: مأساة فلسطين هي جريمة إبادة تجاوزت بشاعتها كل الحدود    الكشف عن شرط تعاقد برشلونة مع نجم الدوري الإسباني    حقيقة حصول محافظ البحيرة على درجة الدكتوراة في عام واحد فقط.. فيديو    بسبب شريف مدكور.. سائق تائه يسلم نفسه للشرطة في أكتوبر    أحكام الأسبوع الماضي| تأجيل محاكمة المتهمين بقتل طفل شبرا الخيمة وإحالة أوراق قاتل منجد المعادي للمفتي الأبرز    شيخ الأزهر: معاناة فلسطين مأساة العرب والمسلمين والعالم الحر    إحراج جديد.. بايدن يتلعثم مجددا ويفتخر بكونه أول امرأة سوداء تعمل مع رئيس أسود    القوات المسلحة تحتفل بالعام الهجرى الجديد 1446ه    الداخلية تواصل فعاليات مبادرة «كلنا واحد – معك فى كل مكان».. وتوجه قوافل إنسانية وطبية بنطاق محافظة الإسماعيلية    الصحة تنظم البرنامج التدريبى الدولى لعلاج إصابات العظام وتثبيت الكسور    مركز "التايكوندو شباب" يواصل تدريباته ضمن المشروع القومي للموهبه ببورسعيد    محافظ الشرقية يشرف على أعمال إصلاح خط مياه الشرب المغذى لمدينة الزقازيق    قوات الاحتلال تنفذ حملة اقتحامات في الضفة الغربية    منتخب السلة يفشل في التأهل إلى أولمبياد باريس 2024    "المجتمعات العمرانية" تهيب بالعملاء المخصص لهم وحدات ومحال تجارية وقطع أراضٍ بسرعة سداد المستحقات المالية    مستعمرون يقتحمون الأماكن الأثرية في مسافر يطا جنوب الخليل بالأراضي الفلسطينية المحتلة    مواعيد مباريات اليوم الجمعة 5- 7- 2024 في جميع البطولات والقنوات الناقلة    أستاذ بترول: ملف الكهرباء شديد الحساسية ومتفاءل بالتشكيل الوزاري الجديد    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إنما الأعمال بالنيات
نشر في الفجر يوم 03 - 07 - 2014

المقاصد والنيات هي محل نظر الله جل وعلا , وهي من الأعمال بمثابة الروح من الجسد , فكيف يكون حال الجسد إذا نزعت منه الروح , وكيف يكون حال شجرة اجتثت من فوق الأرض ما لها من قرار , وكل عبادة لم تقم على نية صالحة ومقصد شرعي صحيح , فإنها في ميزان الله هباء تذروه الرياح , وسراب إذا طلبه صاحبه لم يجده شيئا , من أجل ذلك عني الشرع عناية عظيمة بإصلاح مقاصد العباد ونياتهم , وورد في ذلك الكثير من النصوص في الكتاب والسنة .

ومن الأحاديث العظيمة التي وضحت هذا المعنى الحديث الذي في الصحيحين عن عمر رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( إنما الأعمال بالنيات , وإنما لكل امرئ ما نوى , فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله , فهجرته إلى الله ورسوله , ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها أو امرأة ينكحها , فهجرته إلى ما هاجر إليه ).

فهذا الحديث أحد الأحاديث التي يدور عليها الدين , ولذلك صدر به أهل العلم كتبهم , وابتدؤوا به مصنفاتهم , قال الإمام الشافعي رحمه الله : ( هذا الحديث ثلث العلم , ويدخل في سبعين بابا من أبواب الفقه , وما ترك لمبطل ولا مضار ولا محتال حجة إلى لقاء الله تعالى ) .

والنية هي القصد الباعث على العمل , ومقاصد العباد تختلف اختلافا عظيما بحسب ما يقوم في القلب .

فقوله صلى الله عليه وسلم : ( إنما الأعمال بالنيات ) يعني أحد أمرين الأول : أن وقوعها واعتبارها شرعا لا يكون إلا بالنية , فكل عمل اختياري يفعله العبد لا بد له من نية باعثة على هذا العمل , والثاني أن صحة هذه الأعمال وفسادها , وقبولَها وردَّها , والثواب عليها وعدمه لا يكون إلا بالنية .

فالعبادات والأعمال الصالحة بأنواعها , من طهارة وصلاة وزكاة وصوم وحج وغيرها لا تصح ولا تعتبر شرعا إلا بقصدها ونيتها ، بمعنى أن ينوي تلك العبادة المعينة دون غيرها , فلا بد من النية لتمييز صلاة الظهر عن صلاة العصر مثلا , ولا بد منها لتمييز صيام الفريضة عن صيام النافلة , وهكذا .

وكما أن النية مطلوبة لتمييز العبادات بعضها عن بعض , فهي مطلوبة أيضا لتمييز العادة عن العبادة , فالغسل مثلاً يقع للنظافة والتبريد ، ويقع عن الحدث الأكبر ، وعن الجمعة ، والنية هي التي تحدد ذلك , وهذا المعنى للنية هو الذي يذكره الفقهاء في كلامهم .

وأما المعنى الثاني , فهو تمييز المقصود بهذا العمل , هل هو الله وحده لا شريك له , أم غيره, ففيه دعوة للعبد إلى إخلاص العمل لله في كل ما يأتي وما يذر , وفي كل ما يقول ويفعل , فيحرص كل الحرص على تحقيق الإخلاص وتكميله ، ودفع كل ما يضاده من رياء أوسمعة ، أوقصد الحمد والثناء من الخلق ، وهذا المعنى هو الذي يرد ذكره كثيرا في كلام النبي صلى الله عليه وسلم وسلف الأمة , ولذلك قال صلى الله عليه وسلم بعد ذلك : ( وإنما لكل امرئ ما نوى ) , أي أنه ليس للإنسان من عمله إلا ما نواه من خير أو شر , فمن نوى نية حسنة تقربه إلى الله , فله من الثواب والجزاء على قدر نيته , ومن نقصت نيته وقصده نقص ثوابه , ومن اتجهت نيته إلى غير ذلك من المقاصد الدنيئة فاته الأجر والثواب , وحصل على ما نواه .

ثم ضرب النبي صلى الله عليه وسلم مثالا للأعمال التي صورتها واحدة , واختلف صلاحها وفسادها بسبب اختلاف نيات أصحابها , وهو مثال الهجرة من دار الكفر إلى دار الإسلام , كما هاجر النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه الكرام , فأخبر أن هذه الهجرة تختلف باختلاف النيات والمقاصد منها , فمن هاجر إلى دار الإسلام حبا لله ورسوله ورغبة في تعلم دين الإسلام , وإظهار شعائره التي يعجز عنها في دار الشرك , فهذا هو المهاجر حقا , وهو الذي يحصل أجر الهجرة إلى الله ورسوله , ومن هاجر لأمر من أمور الدنيا , أو لامرأة في دار الإسلام يرغب في نكاحها , فهذا ليس بمهاجر إلى الله ورسوله على الحقيقة , وليس له من هجرته إلا ما نواه .

وسائر الأعمال الصالحة في هذا المعنى كالهجرة , فإن صلاحها وفسادها بحسب النية الباعثة عليها , وحين سئل صلى الله عليه وسلم عن الرجل يقاتل شجاعة أو حمية أو ليُرَى مكانُه , أيُّ ذلك في سبيل الله ؟ قال : ( من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله ) كما في الصحيحين , وقال تعالى في اختلاف النفقة بحسب النيات : {ومثل الذين ينفقون أموالهم ابتغاء مرضات الله وتثبيتا من أنفسهم كمثل جنة بربوة ... الآية } (البقرة 265 ) وقال : { والذين ينفقون أموالهم رئاء الناس ولا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ... الآية } (النساء 38) وهكذا جميع الأعمال.

فالأعمال إنما تتفاضل ويعظم ثوابها بحسب ما يقوم بقلب العبد من الإيمان والإخلاص ، حتى إن صاحب النية الصادقة يكون له أجر العامل نفسه ولو لم يعمل , ولهذا لما تخلف نفر من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم عن غزوة تبوك بسبب بعض الأعذار الشرعية التي أعاقتهم عن الخروج قال عليه الصلاة والسلام كما في الصحيح : ( إن بالمدينة أقواماً ما سِرْتُم مسيراً، ولا قطعتم وادياً إلا كانوا معكم حبسهم العذر ) .

وكما تجري النية في العبادات فكذلك تجري في المباحات , فإن قصد العبد بكسبه وأعماله المباحة , الاستعانة بذلك على القيام بحق الله والواجبات الشرعية , واستصحب هذه النية الصالحة في أكله وشربه , ونومه وراحته , ومكسبه ومعاشة , أُجر على تلك النية ، ومن فاته ذلك فقد فاته خير كثير , يقول معاذ رضي الله عنه ( إني لأحتسب نومتي كما أحتسب قومتي ) , وفي الصحيح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( إنك لن تعمل عملاً تبتغي به وجه الله إلا أجرت عليه ، حتى ما تجعله في فيِّ امرأتِك ) ، وأما الحرام فلا يكون قربة بحال من الأحوال حتى لو ادعى الإنسان فيه حسن النية .

وبذلك يكون هذا الحديث جامعاً لأمور الخير كلها , فحري بالمؤمن أن يفهم معناه وأن يعمل بمقتضاه في جميع أحواله وأوقاته .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.