استقبل المشير عبد الفتاح السيسى المرشح لرئاسة الجمهورية وفداً من رؤساء تحرير الصحف المصرية بمختلف توجهاتها القومية والحزبية والخاصة ، فى إطار حرصه على الاهتمام بالتواصل مع الإعلام ومؤسسات تشكيل الرأى العام ، والتعرف على أهم التحديات التى تواجه الصحافة خلال الفترة المقبلة ، وطبيعة الدور الذى تقوم به لتشكيل وعى المواطن المصرى .
وأعرب المشير عبد الفتاح السيسى فى بداية اللقاء عن سعادته بالتواصل مع رؤساء تحرير الصحف ، وأكد أن الصحافة تقوم بدور كبير فى خدمة المجتمع والتعبير عن قضاياه المختلفة ، ويمكنها أن تساهم بدور كبير فى تحقيق نقلة نوعية على مستوى الوعى المجتمعى المطلوب تنميته خلال المرحلة القادمة ، لمواجهة التحديات التى تعترض طريق بناء الدولة المصرية .
وأكد المشير عبد الفتاح السيسى خلال اللقاء أن هناك مشكلة كبيرة فى قراءة الواقع الذى نعيشه الآن ، حيث نتجه دائما إلى استدعاء صورة فى ديمقراطيات مستقرة ، ودول سبقتنا بسنوات طويلة ، ومقارنتها بالوضع فى مصر ، موضحا أن تطبيق النماذج الديمقراطية الغربية على الواقع المصرى ، يظلم المصريين ، ولا يساهم فى عملية بناء الدولة المصرية بشكل حقيقى. وأضاف المشير السيسى : " نحن نخلط بين التطور الذى يحدث فى مصر الآن ، وأسس بناء الديمقراطية ، مؤكدا أن المجتمع المصرى مازال أمامه وقت حتى ينعم بالديمقراطية الحقيقة كما ينبغى أن تكون ، وهذا أمر يدعونا إلى ضرورة الالتصاق بالواقع المصرى وما يحدث فيه وعدم الانفصال عنه ، وضرورة الإجابة على السؤال الرئيسى فى قضية الديمقراطية بمصر ، وهو هل آليات الديمقراطية الموجودة فى مصر الآن تساعد على خلق ديمقراطية حقيقة فى هذا البلد أم لا ؟ ، وحتى نرى ديمقراطية حقيقية فى مصر يجب أن نرضى بالنتائج التى يفرزها الواقع المصرى . وأوضح المشير أن إختلاف المستوى الثقافى والفكرى والتعليمى بين الأنساق الغربية والبئية المصرية ، لا يمكن أن يخلق ديمقراطية فى مصر تتماثل مع النموذج الغربى . وبيّن المشير عبد الفتاح السيسى أن المجتمع المصرى غير مستريح لفكرة الإسلام السياسى ، التى قدمتها الجماعات التى حكمت مصر فى الفترة الماضية ، إنطلاقا من فكرة قلقه على حاضره ومستقبله ، خاصة بعد التجربة السابقة لذلك التيار فى الحكم خلال الفترة الماضية . وأشار المرشح الرئاسى خلال اللقاء إلى أن رؤساء التحرير والصحفيين يديرون آلة عملاقة جدا ، لها دور خطير فى توجيه وقيادة الرأى العام ، بل لهم دور أيضا فى صياغته وتطويره ، بما يضع عليهم مسئوليات كبيرة ، وتحديات ثقيلة لخدمة وطنهم خلال الفترة المقبلة ، بما يقوده نحو النهوض والاستمرار التطور . وأوضح المشير السيسى أن حديث الصحف ووسائل الإعلام عن الديمقراطية فقط ، دون النظر إلى المشكلات والتحديات المحيطة بالمجتمع ، يخلق حالة من الشك والإقلاق للمجتمع ، وسيقودنا فى النهاية إلى أن مصر ستتقطع ، مؤكدا أن السنوات الثلاث الماضية أثرت بشكل كبير تطور مستويات الفكر والثقافة ومستوى الوعى لدى المواطن المصرى ، إلا أنها اثرت أيضا على الاقتصاد وعجلة الإنتاج ، ومستويات الأمن والخدمات الاجتماعية .
وذكر المشير عبد الفتاح السيسى أن الخطاب الإعلامى يجب أن يقود وعى الناس ، ويدفع مع الدولة فى إتجاه التنمية خلال المرحلة القادمة ، قائلا : " ثورتا 25 يناير و30 يونيو خطوة عملاقة جدا على طريق الديمقراطية ، والتجربة التى نؤسس لها الآن فى حكم مصر ، سيحكم عليها بعد نحو 100 سنة ، حيث نستهدف خلالها مستقبل أفضل للأجيال القادمة ، فى بلد يسير وفق خريطة تنموية حقيقية ."
وأكد المشير أن المصلحة الوطنية لمصر ليست رؤيتنا الشخصية للأمور فقط ، أو التشكيك فى كل إجراء تتخذه الدولة ، فهذا أمر سيفقد وسائل الإعلام جزء كبير من مصداقيتها لدى الرأى العام مؤكدا أن التعامل مع المشكلات الوطنية يجب أن يتم فى إطار شديد التجرد ، والوطن لا يحتمل التجربة لمرة أخرى . وبيّن المشير عبد الفتاح السيسى أن المشهد فى مصر خلال المرحلة الراهنة مرتبك ومضطرب تماما ، وأى مسئول سيتخذ قرارا سيكون به قدر من الارتباك ، بما يدعو إلى ضرورة خلق حالة من الوعى المجتمعى لطمأنة الناس من القادم فى المستقبل . وأضاف المشير السيسى : " الرأى العام يطمئن بكلام الصحف عن المسئولين وتوجهاتهم ، والإعلام له دور غير تقليدى فى رفع وعى المواطن ، وانا أرغب فى أسمع الناس من خلال صحفكم ، واتمنى أن يكون للإعلام دور حقيقى فى دفع هذا البلد نحو التقدم والتنمية ، وتحقيق اصطفاف المصريين ، وتوحيد جهودهم لبناء مصر ." واستطرد المشير : " نحن نحتاج إلى إرساء ثقافة كيف نختلف فى الرأى ، وكيف نضع هذا الخلاف فى موضعه الطبيعى نعرف كيف نختلف ، ويجب أن يقود هذا النخب والمثقفين والمفكرين ." واكد المشير خلال اللقاء ان برنامجه طموح يرتكز على حشد طاقات المصريين ، وبه الكثير من نقاط الأمل للمستثمرين المصريين والعرب والأجانب . وأوضح المشير عبد الفتاح السيسى ردا على سؤال حول دور الجيش فى التنمية خلال الفترة المقبلة أن الجيش لديه استعداد أن يقدم دماء أبنائه من أجل هذا الوطن ، فلن يضن عليهم أبدا أن يعاون ببرامج التنمية القادمة . وأكد المشير أن عدم التواصل مع الناس لشرح المواقف إجراء يحتاج مراجعة ، والمسئول يجب أن يصل صوته للناس بكل شفافية ، ولابد للناس أن تسمعه وتعرف وجهة نظره ، ونحتاج إلى خلق وعى حقيقى لدى المواطن عن مشكلات مصر الملحة ، خاصة مشكلة الطاقة ، بالواقع والمنطق ، ونحتاج إلى تقديم حلول تستنهض همم الناس ، وتفجير طاقات الإبداع داخل المواطن المصرى وأضاف المشير : " الكلمة مسئولية خطيرة جدا ، أمام الله أولا ، ثم لها تأثير كبير على مصلحة الوطن ، وسوف يحاسبنا الله على كل كلمة نكتبها ، وهذا أمر يدعونا إلى تدقيق المعلومات ، والنظر إلى التجارب المقارنة لدى الدول التى تم بنائها بعد فترة الحرب العالمية الثانية ، مثل اليابان والمانيا ، وعلى الأعلام أن يركز على هذه التجارب النجاحة ، ويقدمها للمواطن البسيط ." واستطرد المشير أن حشد طاقة المصريين أحد أهم مصادر تمويل برنامجى الانتخابى ، قائلا : " أنا أراهن على قدرة المصريين ، موضحا أن الطروحات السلبية ، التى يقدمها البعض تضيع على الوطن فرص حقيقية فى التطور والتقدم ، وعلى الإعلام أن يتناول الوعى الحقيقى وليس المزيف ." وأضاف : " نحتاج إلى أن نشكل فى وجدان المواطن فكرة أن مصر هى الأسرة الكبيرة التى يجب أن يحافظ الجميع عليها ، والوطن فى هذه اللحظة يحتاج من الصحف ووسائل الإعلام العمل على هذا ، فمصر لو سقطت لن تعود مرة اخرى ." وفى سؤال حول قوة التدخل السريع التى تم تشكليها فى الجيش قبل خروج المشير السيسى من اخلدمة اكد أن هذه القوات ، موجودة فى دولتين فقط بنفس مستوانا هما روسيا وأمريكا ، ولها دور كبير جدا فى حماية مصر وأمنها القومى فى الداخل والخارج ، وتكوينها بهذه القدرة إنجاز عظيم داخل القوات المسلحة . وبيّن المشير فى رده على سؤال حول التحديات الإرهابية التى تواجه مصر أن خريطة أجهزة الأمن لمتابعة العناصر الإرهابية تم إغلاقها لمدة سنتين بعد ثورة 25 يناير ، وهذا خلق عناصر إرهابية جديدة وأحدث مشكلات أمنية غير مسبوقة ، على الرغم من أن وزارة الداخلية قامت بدور غير مسبوق خلال الفترة الماضية ، لحفظ الاستقرار داخل مصر ، مؤكدا ان الإرهاب الذى تكون على مدار سنوات ، لا يمكن أن يتم القضاء عليه فى أيام أو شهور . وفى رده على سؤال حول العدالة الاجتماعية أكد المشير السيسى أنها لن تكون أبدا على حساب الغلبان والفقير ، وسوف تعطى الفقير ولن تأخذ منه ، قائلا :" انا شفت الغلبان وفاهم يعنى ايه ثقافة العوز ." وأضاف المشير الدولة ليس أمامها سوى التحرك بمحاور متوازية على كافة الاتجاهات المختلفة ، ومواجهة التحديات الحقيقية التى أثرت على التنمية ومعدلات النمو الاقتصادى والاجتماعى . وذكر المشير : " ليس لدى خيار آخر سوى الاعتماد على مؤسسات الدولة القائمة ، وليس لدينا سوى الترفق بالناس فى المعالجة واستنهاض هممهم ، الدولة المصرية الآن فى أضعف حالاتها ." واستطرد المشير : " سوف نأخد إجراءات حاسمة مع مراكز الفساد ، وقيمى ومبادئى لا تقبل اتفاقات أو مصالح مع أحد على حساب وطنى ، ولكن يجب ان نستدع الخير داخل نفوس الناس بدلا من استدعاء الشر ، ويجب أن نتحمل مسئولية وطنا بمنتهى الشرف والامانة ، وأنا بمفردى لن أتمكن من مواجهة التحديات العملاقة التى تعترض مصر ، ولكن لآبد أن يعمل معى الجميع وأولهم وسائل الإعلام ، وإلا سيحاسبنا التاريخ والإنسانية بطرقة قاسية جدا ." وفى رده على سؤال حول القطاع العام ودوره فى التنمية المقبلة ، اكد المشير السيسى أن هناك بنية أساسية كبيرة تمتلكها مصر فى شركات القطاع العام ، ويمكن تصويب الخلل ، الذى أصابها دون إهدارها وإهمالها ، والإعلام يجب أن يتحمل دوره ومسئوليته تجاه المجتمع ، دون ان يساهم فى تعميق الخلاف . وقال المشير : " عندما يقول الشعب لى إرحل سأنفذ فورا ، فانا مستدعى من المصريين ، والوطن الآن فى خطر ويحتاج من جميع المصريين أن يتحملوا المسئولية معنا ، المهمة كبيرة جدا وتحتاجنا جميعا ." وفى رده على سؤال حول الاحتكارات التى تمارسها بعض القطاعات على السوق ، لرفع الأسعار ، قال المشير : " لن تكون هناك " مافيا " واحتكارات وكلام من هذا القبيل فى أى قطاع بالدولة واحنا موجودين مع المصريين ، ولازم يكون فيه سعره مناسب يستفيد منه الفقير والمحتاج ، واليات السوق يجب أن تتحرك من أجل نصره المحتاجين ، وانا أخشى من يوم يخرج فيه المصريين على المصريين ." وأكد المشير أن الإعلام لآبد أن يأخذ وضعه الطبيعى فى الفترة المقبلة ، من خلال عمل آلية لتبادل المعلومات والاتصال وتدفق المعلومات بين الدولة والمجتمع وتنظيم العلاقة بينهم ، ويجب الا نفصل الإعلام عن وضع مصر . وأضاف المشير : " انا لا أرغب فى أن أجد من يعوقنى أو يعرقلنى الآن عن مسيرة البناء ، التى أخطط لها ، فليس لدى سوى الفهم والفهم والفهم ، ولا أمانع أن أجلس مع كل مواطن وأفهمه ما تحتاج إليه المرحلة من أجل مصلحة بلادى ." وبيّن المشير السيسى ان جهاز الشرطة يحتاج إلى دعم كبير خلال المرحلة الراهنة ، من أجل استعادة والأمن والاستقرار فى ربوع البلاد ، وخلق مناخ آمن للتنمية والاستثنمار ، مؤكدا أن القوات المسلحة سوف تعاون جهاز الشرطة على تأدية هذه المهام حتى يتمكن من النهوض وممارسة دوره كما ينبغى ان يكون . وكشف المشير السيسى خلال لقائه مع رؤساء التحرير أن يسعى بقوة خلال الفترة الراهنة لتشكيل الفريق الذى من الممكن أن يعتمد عليه خلال الفترة المقبلة حال فوزى برئاسة الجمهورية . وفى رده على سؤال حول المصالحة الوطنية قال المشير ، لا يوجد شخص يكره أن تكون هناك مصالحة بين المصريين وبعضهم ولكن ما يحدث على الأرض لا يدعم هذا الاتجاه ، واذا كان المصريين يرفضون هذا التوجه ، لآبد ان نعالج المسألة مع الشعب اولا ثم نتكلم عن مصالحة يطرحها الحاكم أو الرئيس . واختتم المشير لقائه مع رؤساء التحرير قائلا : " مصر أمانه فى رقابكم ، ويجب أن تكونوا سندا حقيقيا لها ، مؤكدا انه سيحرص على التواصل مع الإعلام بشكل دورى خلال المرحلة القادمة ."