أصدرت الدائرة الأولى بمحكمة القضاء الإداري صباح يوم 10/4/2012 حكمها التاريخي بوقف تنفيذ قرار - مجلسي الشعب والشورى – بتشكيل الجمعية التأسيسية لوضع الدستور على أن يُنفّذ الحكم بمسودته الأصلية وإحالة الدعوى إلى هيئة مفوضي الدولة لإعداد تقرير بشأنها. وذلك تأسيسا على مخالفة القرار الإداري المطعون عليه للمادة 60 من الإعلان الدستوري. ويرجع الأساس القانوني لهذا الحكم إلى المادة 49 من قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972، والتي تنص على أنه : "لا يترتب على رفع الطلب إلى المحكمة وقف تنفيذ القرار المطلوب إلغاؤه على أنه يجوز للمحكمة أن تأمر بوقف تنفيذه إذا طلب ذلك في صحيفة الدعوى ورأت المحكمة أن نتائج التنفيذ قد يتعذر تداركها"، وقد أوضحنا ذلك تفصيلا في موسوعتنا شرح الدساتير المصرية والمستويات الدستورية الدولية. وقد طلب المدّعون في الدعوى موضوع الحكم وقف تنفيذ القرار، وقد استجابت المحكمة لطلبهم، ويثور التساؤل عن الآثار المترتبة على صدور هذا الحكم والتي سوف نبيّنها فيما يلي : أولا: سوف يقوم المدّعون بالحصول على صورة رسمية معتمدة ومختومة وممهورة بالصيغة التنفيذية من الحكم المستعجل الصادر في الدعوى، والذي يجب أن يتضمّن الصيغة التنفيذية المنصوص عليها في المادة 54 من قانون مجلس الدولة والتي تنص على أنه: "على الوزراء ورؤساء المصالح المختصين تنفيذ هذا الحكم وإجراء مقتضاه". ثانيا : يقوم المدّعون بإعلان الصورة التنفيذية إلى رئيس مجلس الشعب ورئيس الجمعية التأسيسية لوضع الدستور للعلم بالحكم، وإجراء مقتضاه. ثالثا : سوف يكون من حق كل ذي مصلحة أن يطعن على هذا الحكم أمام المحكمة الإدارية العليا دائرة فحص الطعون، وقد بادر ظهر يوم 10/4/2012 حزب الحريّة والعدالة بالطعن على هذا الحكم أمام دائرة فحص الطعون بالمحكمة الإدارية العليا، وذلك تأسيسا على أن حكم محكمة القضاء الإداري ينتهك مبدأ الفصل بين السلطات ويعتدي على الاختصاص التشريعي لمجلسي الشعب والشورى لأن ما صدر عن المجلس يُعتبر هو تشريعا وليس قرارا إداريا كما ذهبت إلى ذلك محكمة القضاء الإداري في حكمها المطعون عليه، ويقوم هذا الطعن تأسيسا على نص المادة 46 من قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972، والتي تتضمّن : "تنظر دائرة فحص الطعون الطعن بعد سماع إيضاحات مفوضي الدولة وذوى الشأن، إن رأى رئيس الدائرة وجهاً لذلك ، وإذا رأت دائرة فحص الطعون أن الطعن جدير بالعرض على المحكمة الإدارية العليا، إما لأن الطعن مرجح القبول أو لأن الفصل في الطعن يقتضي تقرير مبدأ قانوني لم يسبق للمحكمة تقريره أصدرت قرار بإحالته إليها أما إذا رأت – بإجماع الآراء – أنه غير مقبول شكلاً أو باطل أو غير جدير بالعرض على المحكمة حكمت برفضه. ويكتفي بذكر القرار أو الحكم بمحضر الجلسة، وتبين المحكمة في المحضر بإيجاز وجهة النظر، إذا كان الحكم صادراً بالرفض، ولا يجوز الطعن فيه بأي طريق من طرق الطعن. وإذا قررت دائرة فحص الطعون إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا يؤشر قلم كتاب المحكمة بذلك على تقرير الطعن ويخطر ذوو الشأن وهيئة مفوضي الدولة بهذا القرار". رابعا : سوف يكون من حق كل ذي مصلحة أن يرفع إشكالا في التنفيذ على هذا الحكم أمام محكمة القضاء الإداري التي أصدرت الحكم لوقف تنفيذه، وقد استقر قضاء محكمة القضاء الإداري وقضاء المحكمة الإدارية العليا بمجلس الدولة على اختصاصها بنظر الإشكالات في الأحكام الصادرة منها أمام مجلس الدولة وليس أي جهة قضائية أخرى. خامسا : سوف يكون من حق كل ذي مصلحة أن يرفع إشكالا في التنفيذ على هذا الحكم أمام القضاء العادي، وقد جرى قضاء المحاكم العادية على رفض مثل هذه الإشكالات على أحكام محاكم القضاء الإداري ومجلس الدولة، وتقوم بإحالة الإشكال إلى محاكم مجلس الدولة للاختصاص، وقد استقر قضاء محكمة القضاء الإداري وقضاء المحكمة الإدارية العليا بمجلس الدولة على عدم اختصاص القضاء العادي واختصاص مجلس الدولة – وحده دون غيره - بنظر الإشكالات في تنفيذ الأحكام الصادرة منها أمام محاكم مجلس الدولة وليس أي جهة قضائية أخرى، كما سبق القول. سادسا : في حالة استمرار امتناع مجلسي الشعب والشورى عن تنفيذ الحكم القضائي الصادر من محكمة القضاء الإداري بعد انتهاء الإشكال في التنفيذ عليه، يكون لكل ذي مصلحة الحق في رفع جنحة مباشرة ضد رئيس مجلس الشعب ورئيس الجمعية التأسيسية لوضع الدستور لارتكابه جريمة الامتناع عن تنفيذ حكم قضائي والمنصوص في المادة 123 من قانون العقوبات والتي تنص على أنه: "يُعاقب بالحبس والعزل كل موظف عمومي استعمل سلطة وظيفته في وقف تنفيذ الأوامر الصادرة من الحكومة أو أحكام القوانين واللوائح أو تأخير تحصيل الأموال والرسوم أو وقف تنفيذ حكم أو أمر صادر من المحكمة أو من أية جهة مختصة. كذلك يُعاقب بالحبس والعزل كل موظف عمومي امتنع عمداً عن تنفيذ حكم أو أمر مما ذُكر بعد مضى ثمانية أيام من إنذاره على يد محضر إذا كان تنفيذ الحكم أو الأمر داخلاً في اختصاص الموظف". وقد شرحنا ذلك تفصيلا في كتابنا: شرح جرائم الامتناع عن تنفيذ الأحكام وغيرها من جرائم الامتناع.