نص بيان اعتذاره عن الترشح الذى سحبه فى اللحظات الأخيرة عمر سليمان يلتقى المشير قبل حسم موقفه من الرئاسة! ■ ترشيح الشاطر الفرصة الأخيرة للإخوان بعد حل البرلمان وإلغاء سيطرتهم على اللجنة التأسيسية! ■ المرشد من أسعد الناس بتقديم خيرت الشاطر لاستقالته.. فالرجل كان يعرف قوته وخطورته ■ الجنزورى أخطأ عندما هدد سعد الكتاتنى وقال له: «حل البرلمان فى الدرج» وهو ما يعنى تدخلاً فى شئون القضاء ■ نزول الشاطر سباق الرئاسة سيزيد من تفتيت الأصوات بين مرشحى التيار الإسلامى الأربعة.. وتوقعات بانسحاب العوا بعد الكلام عن جذوره السورية ■ مجلس الأمن القومى الأمريكى: لن تقام دولة إسلامية على حدود إسرائيل! يحدد الحديث النبوى الشريف آيات المنافق بدقة محكمة.. إذا تحدث كذب.. وإذا وعد أخلف.. وإذا أؤتمن خان.. وإذا خاصم فجر. لو سألنا المرشد العام للإخوان: ترى ما هى الجماعة التى تتمتع بهذه الصفات.. ترى ما الذى سيقوله؟! ولو فتحنا أمامه ملفات الجماعة.. وأثبتنا له أنها تكذب حين تتكلم.. وتخون بعد أن تتعاهد.. وتخالف فور أن تعد.. وتفجر حينما تخاصم.. ترى بماذا سيجيب؟! لقد أصبحت عداوتها ضارية.. وسلوكياتها متغطرسة.. ومعدتها متوحشة.. فالدولة والسلطة والأمة أصبحت على قائمة طعامها. لن أسرد ما يدلل على هذه السلوكيات والصفات والتصرفات.. فالملفات السوداء شاهدة.. وجاهزة.. ودامغة.. والذاكرة الشعبية حاضرة.. وواعية. لكنى.. أتوقف عند سر جديد أكشفه.. أن رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة بصفته رئيسا للجمهورية وافق على طلب خيرت الشاطر بإسقاط العقوبات التى وصمت صحيفة سوابقه.. بعفو شامل.. يرد اعتباره.. ويعيد إليه كامل حقوقه السياسية.. وفى المقابل وعدت الجماعة بأن تترك حكومة كمال الجنزورى مستمرة فى عملها إلى نهاية الانتخابات الرئاسية.. وإن كنت أتمنى أن تترك الفرصة كاملة لحكومة إخوانية كى تفقد شعبيتها عند أول مواجهة مع متاعب الناس المتزايدة والمتفجرة.. فى اختبار مباشر لن تنجو منه. أصبح الشاطر بعد هذا القرار مواطنا مكتمل الحقوق لأول مرة منذ سنوات طويلة.. لكنه.. لم يقل للمجلس العسكرى شكرا.. وإنما وضع أصبعه فى عينه.. وأعلن عن ترشحه للانتخابات الرئاسية رغم إعلان الجماعة بأنها لن تدخلها. والغريب.. أن الجماعة بررت ترشح الشاطر بأن المجلس العسكرى عاندها وأبقى على حكومة الجنزورى.. مع أن العفو عن الشاطر كان مقابل بقاء الحكومة. والمثير للاستغراب أن قرار العفو لم ينشر فى الجريدة الرسمية.. وإن لحق به قرار عفو آخر مشابه عن أيمن نور الذى حكم عليه فى قضية تزوير ثابتة الأركان.. وأفرج عنه صحيا قبل الثورة كما حدث مع الشاطر نفسه بعد الثورة. أتصور أن الإفراج عن نور كان لتغطية الإفراج عن الشاطر كى لا تقفز إلى الأذهان من جديد تهمة الصفقات السرية بين المجلس العسكرى والإخوان.. وهى تهمة فرضت نفسها منذ تسليم ملف التعديلات الدستورية للجماعة.. وفرض سكة الندامة فى المرحلة الانتقالية على باقى القوى السياسية الأخرى. لكننى.. أجد فى ترشح الشاطر ما يبرره.. بل كان فى تصورى خطوة إجبارية للإخوان لم يكن أمامهم سواها.. فعندما اشتعلت الأزمة بين الحكومة والبرلمان.. جلس كمال الجنزورى وسعد الكتاتنى معا لحلها.. وعندما احتد النقاش بينهما.. لم ينس الجنزورى شعوره العميق بالديكتاتورية.. وهدد الكتاتنى بحل البرلمان قائلا: «الحل فى الدرج».. وهو خطأ يجب محاسبة رئيس الحكومة عليه بشدة لأنه يكشف عن تدخل فى أعمال القضاء. والمعروف أن المحكمة الدستورية العليا تفحص مدى دستورية قانون مباشرة الحقوق السياسية الذى جرت الانتخابات التشريعية على أساسه.. وهناك مؤشرات على أنها ستحكم بالبطلان.. ليس على طريقة « الحل فى الدرج».. وإنما لأسباب موضوعية منها تقسيم الدوائر.. وعدم تكافؤ الفرص بين الفردى والقائمة وترشح الأحزاب على المقاعد الفردية بجانب القوائم.. وسبق أن حلت نفس المحكمة المجلس لأسباب مشابهة من قبل. وبادرت الجماعة بالهجوم على المحكمة لتشكك فى مصداقيتها.. فى محاولة يائسة للابتزاز السياسى.. ردت عليه المحكمة بقوة وجرأة فى مؤتمر صحفى عاجل. بات حل البرلمان هاجسا يؤرق الإخوان.. وفى الوقت نفسه.. لم يفلح تشكيلهم للجنة إعداد الدستور واستيلاؤهم عليها.. خاصة بعد أن اقترح المجلس الاستشارى على المجلس العسكرى بتعديل المادة (60) من الإعلان الدستورى بما يجعل تشكيل اللجنة معبرًا عن الأمة بأسرها. شعر الإخوان بأنهم سيخسرون كل ما جمعوه فى لحظة واحدة ولو كانوا هم السبب فى الخسارة.. فكان لابد من البحث عن فرصة أخرى.. وربما أخيرة.. وهى الترشح للرئاسة.. ولو كان الثمن ظهورهم أمام الرأى العام بمن لا مبدأ ولا كلمة له.. فقد أخرجوا عبد المنعم أبو الفتوح من مكتب الإرشاد لأنه خالف الجماعة وأعلن ترشحه للرئاسة.. «ومن يخالف الجماعة.. يخالف الله ورسوله».. حسب تبريرهم.. ولم تمر سوى شهور قليلة حتى وجد الرجل الثانى فى الجماعة نفسه يخالف الله ورسوله.. فى انتهازية سياسية سافرة اشتهرت بها الجماعة منذ أن تأسست قبل 84 سنة. والمعروف أن الشاطر هو الذى أطاح بأبو الفتوح وتخلص منه ومن التيار الانفتاحى (الإصلاحى) الذى يمثله ليبقى تيار الشاطر المتزمت (المتطرف) قائما ومسيطراً.. وهو تيار يعتبر الحفاظ على التنظيم غاية فى حد ذاتها.. لكن.. لست مناصرا لمن يرى أن ترشح الشاطر هدفه إسقاط أبوالفتوح.. فهذا تبسيط يصعب قبوله.. فترشحه تسبب فى تقسيم الجماعة بين مؤيدين ومعارضين بنسبة متساوية تقريبا (الفرق 4 أصوات فقط بين الفريقين) كما تسبب فى تقسيم الجماعة بين شبابها وشيوخها بجانب تقسيم ثالث بين المعتدلين والقطبيين (نسبة إلى سيد قطب).. لا يمكن أن تدفع الجماعة كل هذا الثمن مقابل تدخل الشاطر لإسقاط أبو الفتوح. وبسبب صرامته وديكتاتوريته (مولود فى نفس اليوم الذى ولد فيه مبارك) أصبح الشاطر الرجل القوى فى الجماعة.. ربما أقوى من المرشد نفسه.. لذلك لا يمكن إخفاء سعادة المرشد من تقديم الشاطر استقالته من مكتب الإرشاد ليكون مرشحا رئاسيا.. فقد تخلص المرشد منه بغض النظر عن النتيجة التى ستسفر عنها الانتخابات.. دون أن ينسى ذكر أن الشاطر دعوته مستجابة.. فقد دعا على مبارك حتى سقط.. وهذا نسيان للثورة.. وللشهداء.. وللدماء التى سالت.. والعيون التى فقدت نورها بطلقات الخرطوش. ولا شك أن نزول الشاطر السباق الرئاسى سيزيد من تفتيت الأصوات بين مرشحى التيارات الإسلامية.. خاصة الأربعة الكبار (الشاطر وأبو الفتوح ومحمد سليم العوا وحازم أبو إسماعيل) وإن كنت أتوقع انسحاب العوا مبكرا (بدأت تتسرب شائعات بأنه ينتمى إلى جذور سورية) خاصة بعد أن نقل حزب الوسط تأييده له إلى أبوالفتوح.. وفى الوقت نفسه أصبح على أبو الفتوح بعد نزول الشاطر إعادة حساباته. أما أبو إسماعيل فإن قصة والدته الأمريكية ستجهز على فرصته.. فقد تحفظ فى الإقرار الذى وقعه أمام لجنة الانتخابات الرئاسية بأن بياناته صحيحة فى حدود علمه.. كما أنه بعد النفى المطلق لجنسية والدته والسخرية ممن كشفوا ذلك عاد واعترف بأنها تحمل «الجرين كارد».. وهو أمر غريب ألا يعرف رجل مثله يرى فى نفسه الكفاءة لرئاسة البلاد الموقف القانونى لجنسية أمه.. وألا يعلنه منذ اللحظة الأولى للحديث عنه. أما أول الآثار المباشرة لإعلان الشاطر ترشحه فهو تفكير المؤسسة العسكرية فى وجود مرشح يعبر عن مصالحها.. مثلهم مثل الإخوان تماما.. ولم يكن ذلك المرشح سوى عمر سليمان.. فهناك تفكير فى التفاهم معه.. وربما جرى ما يمكن تسميته بجس النبض.. ولكن قرار سليمان سيتوقف على حوار مباشر بينه وبين المشير.. ربما يحدث قبل طبع الجريدة.. لقاء توضع فيه النقاط تحت الحروف وفوقها. كان عمر سليمان قد طلب من شخصية معروفة صياغة بيان اعتذار عن الترشح يوم الثلاثاء قبل الماضى.. لكن.. تقرر تأجيل إذاعته بضغط من الجماعة التلقائية التى جمعت التوكيلات له دون طلب منه.. وتضمن البيان عبارات واضحة وسلسة.. مثل «كنت جنديا فى خدمة الوطن لمدة نصف قرن لم أتردد فى قبول كل ما يوكل إلى من مهام».. ومثل «إن المترشحين من كل الأطياف السياسية فيهم من يصلح لدور الرئيس».. ومثل «إنى أعتذر عن الترشح بعد أن أديت واجبى على أكمل وجه». ويمكن القول إن سليمان الذى فقد 13 كيلوجرامًا من وزنه يشعر بألم بسبب ما جرى له بعد تنحى مبارك.. لقد جرى التراجع عن فكرة المجلس الرئاسى التى انتهى إليها هو والمشير وأحمد شفيق فى يوم التنحى (راجع صفحة الأسرار السياسية داخل العدد) بجانب إغلاق القصر الجمهورى الذى فيه مكتبه ليفهم دون حاجة إلى ذكاء أن دوره السياسى انتهى. من المتوقع أن يدور حوار سليمان وطنطاوى حول مستقبل البلاد.. ودور كل منهما فى المرحلة القادمة.. ومن المتوقع أن يمتد الحوار إلى حدود العلاقة بين الرئاسة والمؤسسة العسكرية.. وفرص نجاح عمر سليمان فى الانتخابات. وفى الوقت نفسه يدرس عمر سليمان كيفية تمويل الحملة الانتخابية ووسائل صد هجمات التشهير به. وربما كان أحمد شفيق ينتظر موقف عمر سليمان كى يتقدم للترشح أو يتراجع عنه.. خاصة أنه حسب ما صرح به جاهز بالأوراق المطلوبة.. وفى الوقت نفسه حجز كل لوحات إعلانات الشوارع المكتوب عليها الآن كلمة الرئيس وتصل تكلفتها إلى أكثر من عشرين مليون جنيه. وفى اليوم التالى لإعلان ترشح الشاطر اجتمع المجلس العسكرى لبحث ما أسماه بسيناريوهات المواجهة.. ولا نعرف ما توصل إليه.. وإن كنا نتوقع وجود ثغرات فى البنيان الإخوانى يمكن للمجلس العسكرى النفاذ منها.. فالجماعة غير شرعية ولم توفق أوضاعها.. وبسهولة يصدر قرار بإغلاق مقارها.. ومصادرة ممتلكاتها.. ومحاسبة أعضائها بتهمة الانتماء إلى جماعة محظورة.. كما أن حزب الحرية والعدالة نفسه هو حزب دينى مخالف لقانون الأحزاب الذى يحظر قيام حزب على أساس دينى.. يضاف إلى ذلك.. الأسباب القانونية الموضوعية لحل البرلمان. لكن.. فى الوقت نفسه.. يخشى المجلس العسكرى من حشود إخوانية تنزل الشارع بالملايين فيما يسمى بإعادة إنتاج الثورة.. فالمواجهة هنا ستكون بالدم.. وهو ما يتحاشاه ويتجنبه العسكريون. إن العسكريين يشعرون بأنهم تحملوا إهانات أكثر مما تقبله طبيعتهم.. وربما لهذا السبب يسعون للعودة إلى ثكناتهم فور انتخاب رئيس للجمهورية.. وساعتها سيحاسبون كل من يتعرض إليهم بسوء.. وإن كانوا يقدرون أن الشارع سيطالب بهم من جديد.. وهنا يمكن أن يفرضوا شروطهم.. أو هكذا يتصورون. وعلى الجانب الآخر هناك تيارات داخل الإخوان لا تتردد فى الصدام.. وترى أن الجيش يجب أن يعود إلى معسكراته ولا يتدخل فى الحياة السياسية.. مثله مثل القضاء.. بل إن هذه التيارات تستفز الجيش بمطالبته بتسليم مشروعاته الاقتصادية للحكومة المدنية.. وهنا يؤكد العسكريون أنهم فى حاجة إلى 62 مليار جنيه لسد حاجاتهم.. بينما هم الآن لا يحصلون من ميزانية الدولة سوى على خمسة فى المئة.. نصف ميزانية التعليم.. وفى ندوة أخيرة قال اللواء محمود نصر، مساعد وزير الدفاع للشئون المالية والإدارية، إنهم سيقاتلون إذا ما فكر أحد فى الاقتراب من هذه المشروعات.. فى تهديد واضح.. لا يخطئه أحد. وفى المنظور الإقليمى سيضر سيطرة الإسلاميين على مقدرات الحكم بالمصريين العاملين فى الخليج.. وبمساعدات دوله.. وقد بدأت دول كثيرة هناك فى التخفيف من أعداد المصريين العاملين على أرضها.. خشية من تسريب الفكر الإخوانى إليها. وعلى المستوى العالمى.. لن تقبل أوروبا بمساعدة مصر وهى تطلق لحيتها.. ستوقف صادراتنا إليها.. وليس من الصعب خلق حجة مناسبة للرفض.. سيتكرر مشهد التعامل مع حماس الذى خنق غزة.. وحرمها من الحد الأدنى للمعيشة. وحسب تقديرات مجلس الأمن القومى الأمريكى.. فإنه لا يمكن قيام حكومة إسلامية فى دولة من دول الطوق (مصر وسوريا والأردن) حماية لإسرائيل وحرصا على السلام معها.. وقد أضيفت إيران لدول الطوق بعد أن توصلت إلى صواريخ طويلة المدى تصل إلى إسرائيل وبعد أن قويت شوكة حزب الله. إن هناك كلامًا كثيرًا قبل أن نستيقظ ذات يوم ونجد خيرت الشاطر يحكمنا. السنة الخامسة - العدد 349 - الخميس - 5/ 04 /2012