فى مثل هذا اليوم 19 مارس من العام الماضى خرج ملايين المصريين مسلمين وأقباط الى الشوارع للاستفتاء على التعديلات الدستورية، لا بل كما صورتها بعض القوى السياسية على انها تعديلا للمادة الثانية من الدستور والخاصة بالشريعة الاسلامية. فنقسم المصريون على انفسهم بين مؤيدا ومعارض لقبول التعديلات الجزئية فالمؤيدين يرون أن تأخير عودة الاوضاع لطبيعتها وإطالة الفترة الانتقالية تعطي الفرصة لأنصار الثورة المضادة والمظاهرات الفئوية ودعاة الفتنة الطائفية والحزب الحاكم سابقا وكذا القوي الخارجية لإشعال مزيد من الأزمات !. وعلى العكس طالت المدة ولم يأتى رئيس أما الرافضين للتعديلات فيرون أن الطرف الآخر المؤيد لهذه التعديلات من زاوية التخوف من عودة أنصار النظام السابق .. فأحزاب الوفد والتجمع والجبهة والناصرى والغد ومعها الدكتور محمد البرادعى، مؤسس الجمعية الوطنية للتغيير، وعمرو موسي أمين عام الجامعة العربية يرفضون التعديلات الجزئية ويطالبون بإلغاء الاستفتاء وتشكيل لجنة دستورية لوضع دستور جديد لهذا السبب ، وزاد من مخاوفهم أن الحزب الوطني البائد أيد التعديلات الدستورية . فالجميع يرى أن الطرف الثانى خائن وعميل ويقود الثورة المضادة، ومن هنا خرج علينا الاخوان والسلفين وأطياف كثيرة من الشعب المصرى لتقول نعم عن علم أو بدون علم ، وهذا ما طالب به قادة الجماعات الاسلامية والجبهة السلفية ومشايخ الدعوة ، وهذا ما حدث فخرجت نتيجة الاستفتاء "بنعم". أما الكنيسة قد طالبت من أبنائها التصويت ب"لا" خوفا من وصول الاسلامين الى الحكم، ومن هنا قال المستشار محمد أحمد عطية، رئيس اللجنة القضائية العليا المشرفة على الاستفتاء، أنه فى حال التصويت على التعديلات ب (لا) سنكون أمام فراغ تشريعى، ويصبح القرار للمجلس الأعلى للقوات المسلحة. وقال المحامي صبحي صالح عضو لجنة تعديل المواد الدستورية إن الاستفتاء بلا على التعديلات 19 مارس، سيجعل الاختيارات مفتوحة أمام المجلس الأعلى للقوات المسلحة والذي يدير البلاد، ما بين تعيينه لأعضاء لجنة تأسيسية لصياغة دستور جديد، أو دعوته لانتخاب أعضاء هذه اللجنة، أي أن القرار سيكون بيد المجلس الأعلى وليس بيد الشعب أو القوى السياسية، إذا ما تم رفضنا استلام السلطات التي يمسك بها الجيش تباعا . وكما توقع الجميع من "نعم" الزمت التعديلات "مجلسى الشعب والشورى" بانتخاب جمعية تأسيسية خلال ستة أشهر، وعلى هؤلاء أن يضعوا دستورا جديدا . ونحن الأن بصدد خلاف حاد بين القوى السياسية بسبب الجمعية التأسيسية للدستور ، فمجلس الشعب قد حصل على نصيب الاسد بنسبة 50% فى الجمعية التاسيسية، مع العلم بأن الاغلبية داخل المجلس تخضع للاخوان والسلفين وهو ما دفع بالقول بأن الدستور القادم سيكون اسلاميا. وبعد معركة الدستور تخرج معركة أخرى وهى انتخابات الرئاسة حيث تقدم حتى الأن ما يقرب من 800 شخص الى اللجنة العليا بطلب الترشح بين فلاح وعامل ومواطن عادى ومثقف وسياسى واعضاء شعب ومسجلين على ذمة قضايا و طامعين فى السلطة ، وسط رفضا شديد من الطبقة السياسية والنخبة من عملية اجراء الانتخابات فى ظل المادة 28 من الدستور. ومن المتوقع أن يخرج المصريون لكى يقولوا أن مصر إسلامية برئيسها ودستورها وقادتها وذلك بعد انتخاب الرئيس الذى ينتمى الى التيار الاسلامى كما يتوقع الكثيرون.