بكل مشاعر الحب والاحترام ... وأرق وأسمى معاني الكلام ... اتقدم لكل اخوتي المسلمين الكرام ... بخالص التهاني والأمنيات بعيد مبارك مملوء بالفرح والسلام ... مصلياً وداعياً لله بتعويض مصر على ما ولى وفات ... متمنياً لها الفرح الدائم ونسيان كل الآهات ... وأن يرحم الله مصرنا من كل الآفات ... وكل عام وكل اخوتي المسلمين بكل خير وبركات ... أعاد الله عليكم هذا العيد باليمن والخير والبركات . وإن كان هناك بعض الخلافات في الرؤى ، لا سيما في النظر لهذا العيد بيننا نحن المسيحيين وبين اخوتنا المسلمين من حيث الذبيح ، والإشارة والرمز ... إلا إنني أدعو الجميع لنبني جسراً بالمحبة فوق هذه الاختلافات ، ولنأخذ من هذا العيد ما فيه من عظات وعبرات .
فعلى الرغم من أننا نعرف ونعلم ونؤمن جميعاً ... إيماناً يقينياً بأن الله تبارك اسمه افتدى ابن أبونا إبراهيم بذبح عظيم ، نراه نحن المسيحيون أنه رمزاً وإشارة لفداء الله لجنس البشر جميعاً بذبح عظيم هو السيد المسيح ، ويراه اخوتنا المسلمون أنه كان مجرد اختبار طاعة لإيمان أبونا إبراهيم الخليل ( ونحن نؤمن بذلك أيضاً ) وتعظيم لهذا الإيمان ، لكن ما هو متفق عليه بيننا أن محبة أبونا إبراهيم وثقته في الله جل شأنه هو ما دفعه ليضحي بابنه الذي يحبه كثيراً ، والذي طال شوقه وانتظاره له سنوات وسنوات إلا أنه رغم كل هذا أراد أن يذبحه ويهلكه محبة وإكراماً وطاعة لله تبارك اسمه ، ومن هنا يمكننا أن نبني جسراً من المحبة التي بلا رياء أو نفاق ، ففي هذا العيد المبارك أود أن أوجه رسالة حب إلى إخوتي المسلمين .... رسالة محبة حقيقية ليس فيها رياء أو نفاق أو مكر أو خوف من أحد لأن محبتنا لكم هي محبة كاملة حقيقية من القلب وهذه المحبة التي من القلب هي التي تطرح كل خبث وخوف ورياء ونفاق إلى خارج أراضينا لأنها محبة لا نريد من وراءها أي منفعة ، ولا نطمع من خلفها لشيء ، بل هي إرضاء وإكراماً لخالقنا جميعاً الذي دعانا أن نحب بعضنا بعضاً وبشدة من قلب طاهر ، فهذه المحبة هي من الله الذي دعانا جميعاً لنحبه ونعبده ونطيع أوامره ، ولنأخذ أبونا إبراهيم مثالاً لنا في طاعته ومحبته لله سبحانه جعل الله تبارك اسمه يخلد ذكرى هذه المحبة والطاعة لليوم ، فغبراهيم الذي أراد أن يهلك ابنه أوضح له الله الذي هو غني في المراحم أنه لايريد أن يهلك الإنسان أخيه الإنسان أو ابنه حتى ولو كان هذا طاعة لله سبحانه تبارك اسمه فبادل محبة إبراهيم له بحب أعظم وفدى ابن أبونا إبراهيم فداءً مباركاً ، فهل نستطيع نحن أن نتعلم أن نفدي بعضنا بعضاً ؟؟؟ نعم نستطيع إن أحببنا بعضنا بعضاً وأحببنا وطننا .
فإن كان أبونا وسيدنا إبراهيم الخليل قد أحب الله الذي لا يراه إلى هذا الحد الذي استطاع أن يقدم ابنه الذي يحبه ببذل حقيقي قلب تام لله جل شأنه ..... أفلا نحب بعضنا بعضاً ببذل وتضحية حباً في الله وحباً لله سبحانه ؟؟؟!
وإن كان الإنسان لا يحب أخيه الإنسان الذي يراه ... فكيف يتجرأ ويقول أنه يحب الله الذي لا يراه سبحانه تبارك اسمه ؟؟!!
انظروا يا اخوتي جميعاً إلى هذا الحب العظيم حب أبونا إبراهيم لله ، وكذلك حب ابنه أيضاً لله تبارك اسمه ، فابن أبينا إبراهيم لم يعص أمر أباه ولا أمر الله لأبيه ، بل أطاع حتى الموت حباً وإكراماً لله وحباً وإكراماً لأبيه ... فما كان من الله سبحانه أمام هذا الحب العظيم إلا أن ينجي الهالك ، وهل جزاء الإحسان إلا الإحسان ، لأن كل من يؤمن ويثق بالله لن يهلك ، بل تكون له الحياة .. فابن أبونا إبراهيم الذي كان لامحالة هالك أنقذه الله سبحانه بحب وفداه بذبح عظيم ، وهذا الدرس يعلمنا من خلاله الله تبارك اسمه كيف يكون الحب والبذل ؟ وكذلك كيف يكون رد فعل الله نفسه تجاه هذا الحب والبذل ؟
وفي هذه الأيام المباركة التي نود فيها جميعاً أن نبني جسوراً من المحبة بها نستطيع أن نبني مصرنا الغالية ... مصرنا التي ضحى ومازال يضحي شبابها من رجال الشرطة الشرفاء ورجال الجيش الأوفياء من أجل أن تنهض مصر ويعلو شأنها وتتعافى من فترة عصيبة مرت بها . أقول إن مصر تطلب منا جميعاً المزيد من التضحيات ، وليس هناك أجمل من أن نضحي بمحبتنا لأنفسنا ليتنازل كل منا عما يريده من منصب أو سلطة لأجل مصر لا أن نتصارع ونتناحر فيما بيننا لأجل ما هو زائل ، فكمسيحي مستعد أن أضحي بنفسي من أجل أخي المسلم ليس بالكلام بل بالفعل ... لنتنازل عن ذواتنا لأجل مصر فلا يدوس بعضنا بعضاً ولا يأخذ بعضنا بعضاً درجاً نتسلق عليه لنرتفع وينخفض غيرنا ... بل لنحب بعضنا بعضاً ببذل حقيقي .
فلنأخذ درساً من هذا العيد ... عيد التضحية ، فهل روح هذا العيد سيجد صدى عند أبناء إبراهيم الخليل جميعاً ، ونحن نثق أننا إن تسلحنا بهذه النية نية الموت والألم وتحمل الأوجاع لأجل بعضنا بعض بمحبة وإكرام لله عز وجل فلسوف ينجي الله سفينة الوطن من الهلاك ومن كل الأمواج والرياح العاتية ، وسيزرع المولى بيننا الحب إكراماً لطاعتنا لنداء الحب الإلهي بعضنا لبعض .
فيا أهل مصر جميعاً ... مسلمون ومسيحيون
كل عام وأنتم بخير وحب بمناسبة هذا العيد المبارك ، وإنها لمناسبة عظيمة تستطيع أن تدفعنا أن نحب مصر وأن نعمل لأجل رفعة شأنها ونمو اقتصادها ونضحي في سبيل ذلك بكل غال ونفيس ، عالمين وواثقين أن الله سوف ينجي وينقذ ويفدي مصر من كل سوء وشر فإنه نعم الحافظ الأمين ، والحارس الأمين لبلادنا ، وكل عام وأهل مصر جميعاً في رباط وألفة ومحبة وسلام .