يحتشد عشرات الآلاف من أقباط مصر أمام مقر الكاتدرائية القديس مرقس في القاهرة لليلة الثانية على التوالي حيث يقيمون الصلوات ترحما على البابا شنودة الثالث بابا الاسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية التي توفي السبت. واصطف عشرات الآلاف منذ صباح الأحد خارج الكاتدرائية لإلقاء نظرة الوداع على البابا شنودة الذي وضع جثمانه في نعش قبل أن يوضع فوق الكرسي البابوي وهو في كامل ملابسه البابوية. وبلغ التدافع ذروته بعد ان امتد طابور المنتظرين لالقاء نظرة الوداع على جثمان البابا إلى اكثر من كيلومتر. وأفادت أنباء بوفاة ثلاثة اشخاص بسبب التدافع والاختناق امام الكاتدرائية. وارتدى الاقباط المتوافدون على الكاتدرائية ملابس الحداد السوداء وكان العديدون منهم يبكون. وبدأ الاقباط منذ مساء السبت في التوافد على الكاتدرائية فور سماعهم نبأ وفاة البابا الذي لم يعرفوا غيره راعيا لطائفتهم منذ عقود. ونظمت الكنيسة القبطية بعد صلوات الليل قداسا إذ وضع جثمان البابا على كرسي البابوية مرتديا ملابس الشعائر الكهنوتية. طائرة في غضون ذلك، وافق المشير حسين طنطاوي رئيس المجلس الاعلى للقوات المسلحة على نقل جثمان البابا شنودة إلى وادي النطرون عقب انتهاء مراسم توديعه، وذلك بطائرة عسكرية وذلك وفقا لوكالة أنباء الشرق الأوسط. وقد أعلن الأنبا موسى أسقف الشباب أنه وفقا لوصية البابا الراحل سيتم دفنه في دير الأنبا بيشوي بصحراء وادي النطرون، بعد أن يلقي كبار رجال الدولة والشخصيات العامة والأقباط نظرة الوداع على الجثمان في الكاتدرائية المرقسية بالعباسية لمدة ثلاثة أيام. وكان أعضاء المجلس العسكري الحاكم قد زاروا مساء الأحد الكاتدرائية لإلقاء نظرة الوداع على جثمان البابا شنودة وتقديم العزاء إلى الأساقفة أعضاء المجمع المقدس للكنيسة والاطلاع على خطة تأمين مراسم الصلاة. يواجه خلف البابا مهمة الحفاظ على مكانة الأقباط في ظل التغيرات التي تشهدها مصر وقد توفي البابا السبت عن عمر ناهز 89 عاما بعد معاناة مع مرض السرطان. ويشكل أقباط مصر نحو 10 في المئة من السكان البالغ عددهم 80 مليون نسمة، ما يجعلهم أكبر أقلية مسيحية في منطقة الشرق الأوسط لكن مصر ترفض وصفهم بالأقلية. وكان البابا شنودة دعا السلطات المصرية إلى بذل المزيد من الجهود بعد تعرض الأقباط إلى هجمات خلال السنوات الأخيرة. ويقول مراسل بي بي سي في القاهرة، جون لين، إن الكنيسة لم تحدد جدولا زمنيا بعد لاختيار خلفه الذي سينتخب من قبل مجمع يضم كبار الأساقفة. وقدم الكثير من القادة العالميين تعازيهم في وفاة البابا ومن ضمنهم بابا الكنيسة الكاثوليكية، البابا بندكتوس السادس عشر والرئيس الأمريكي باراك أوباما الذي وصف البابا شنودة بأنه كان " نصيرا للتسامح والحوار الديني". وعبر قادة المجلس العسكري الحاكم في مصر في صفحتهم بموقع الفيسبوك عن أملهم في تحقق أمنية البابا "بالحفاظ على وحدة مصر ووحدة نسيجها الاجتماعي". كما عبر إمام الأزهر، الدكتور أحمد الطيب، عن حزنه، قائلا إنه "يتذكر تماما رؤيته بشأن القدس وتاريخها". ويقول مراسل بي بي سي إن البابا شنودة كان يسعى إلى حماية أقباط مصر داخل العالم الإسلامي من خلال التوفيق بين نبرة معتدلة في خطاباته ومنح الدعم الضمني لحكم الرئيس السابق، حسني مبارك. وأضاف المراسل أن مهما كان الشخص الذي سيخلفه في المنصب، فإنه سيواجه مهمة الحفاظ على وضع الأقباط في ظل تطلع الإسلاميين وعلى رأسهم الإخوان المسلمين إلى تقاسم السلطة في مصر لأول مرة. مشكلات أمام خليفة البابا ومن جهة أخرى، توقع النائب القبطي الدكتور إيهاب رمزي عضو مجلس الشعب أن يواجه من يخلف البابا شنودة الثالث بعض المشكلات. وصرح رمزي لوكالة أنباء الشرق الأوسط بان أولى هذه المشكلات تتعلق بارتباط بعض البلدان في أفريقيا بالكنيسة، وبالنسبة لإثيوبيا على وجه الخصوص حيث تقضي اللائحة المعمول بها داخل الكنيسة المصرية بأن يشارك إمبراطور إثيوبيا إضافة إلى 20 شخصية إثيوبية عامة يختارهم الإمبراطور الإثيوبي في اختيار بابا الكنيسة المصرية التي تتبعها الكنيسة الإثيوبية وعدد من الكنائس الأخرى في أفريقيا. وأضاف أن المشكلة الأخرى تتعلق بضرورة صدور قرار من رئيس الجمهورية بمصر باختيار البابا الجديد وفي ظل عدم وجود رئيس في مصر في الوقت الحالي فهناك بعض العوائق التي ستقف أمام اختيار البابا. وتوقع رمزي أن يقوم المجمع الكنسي المقدس بمهام البابا في مرحلة انتقالية تستمر حتى اختيار رئيس جمهورية في مصر ومن ثم اختيار البابا الجديد.