تقف الحكومة البريطانية متهمة بأنها تتعمد «تهميش الدين المسيحي» بعدما عُلم أنها تتهيأ لمعركة قانونية فصل ضد اولئك الذين يصرون على ارتداء الصليب في أماكن العمل. وتقول الجماعات المسيحية المعنية بالأمر إن التحرك الحكومي««خارج تماما عن إطار المعقول»، بعدما نما الى علمها أن الحكومة تهدف للتصدي لشكوى امرأتين الى المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان ورد فيها إن القوانين البريطانية الأخيرة تحرمهما من حريتهما الدينية. وتقول الحكومة إن ارتداء الصليب «ليس من شروط اعتناق المسيحية ولهذا يحق للمخدمين طرد العاملين الذين يصرّون على ارتدائه». وبهذا يجد رئيس الوزراء ديفيد كامرون أنه يخوض حربين في الوقت نفسه ضد الكنيسة، تتعلق الأخرى منهما بسعي حكومته الى تقنين «زواج» المثليين بدلا عن «الشراكة المدنية» المكفولة لهم حاليا. يذكر أن معركة الصليب هذه تفجرت بعدما رفضت امرأتان هما نادية عويضة وهي موظفة سابقة في «بريتيش ايرويز»، وشيرلي تشابلن وهي ممرضة، الانصياع لقانون يحظر ارتداء هذا الرمز الديني اثناء ساعات العمل. وتعود قضية عويضة الى العام 2006 عندما قررت إدارة «بريتيش ايرويز» منعها من العمل بعد إصرارها على ارتدائه مخالفة بذلك لوائح الزي. وقالت هذه المرأة (61 عاما) إن قرار الشركة يميّز ضدها كمسيحية لأنها تسمح لأتباع ديانات أخرى بارتداء ما تمليه عليهم معتقداتهم. لكنها خسرت دعواها القضائية في المحكمة العليا البريطانية ولذا رفعت الأمر برمته الى المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان. ويضم هذا الإطار نفسه الممرضة شيرلي تشابلن (56 عاما) التي فُصلت من عملها بعد 31 سنة فيه بسبب إصرارها على ارتداء الصليب أثناء عملها. وأضافت السلطات الصحية في ديفون آند إكزيتر - حيث كانت تعمل - إن ارتداء الرموز الدينية ينتهك ايضا لوائح تحوطات النظافة والسلامة الطبية الواجب اتباعها في سائر دور العلاج. وأمس أضاف كبير أساقفة كانتربري سابقا، اللورد كاري، ثقله الى الجماعات المسيحية حين قال في تصريحات نقلتها الصحف: «الحجة التي تقف وراءها الحكومة تقوم على ادعائها فهم الأمور والشعائر الدينية وهذا ليس صحيحا لأنها تفتقر تماما الى الخبرة في هذا المجال». لكن كل هذا لم يثن الحكومة عن قرارها إذ قالت وزيرة المساواة، لين فيذرستون، إنها أصدرت توجيهاتها الى ممثلي الحكومة القانونيين بالسعي الى أن تصدر المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان حكما ترفض فيه الدعويين القضائيتين من كل من نادية عويضة وشيرلي تشابلن. ويؤذن هذا ببداية معركة حامية الوطيس بين حكومة ديفيد كامرون والجماعات الدينية الكنسية ذات المصادر المالية الهائلة القادرة على حرب استنزاف طويلة المدى