إنقسامات لم يشهدها الشارع المصري، ولم تشهدها الأسرة المصرية من قبل، هل تتوقع، أن في أيامنا هذه، ووسط كل ما يحدث، أن تجلس بجانب أخيك في غرفة واحدة، وأنتم لا تحدثون بعضكم ؟ .. هل تستطيع أن تقابل صديقك المنتمي إلي جماعة الإخوان أو المحب لها في عملك دون أن تمسي أو تصبح عليه ؟..
كل هذا يحدث الأن، كثيرا من الإنقسام والمخاصمات والتجريح، سببها الرئيسي هو إختلافات في الرأي، مِنّا من يدافع، وأخر يهاجم ومِنّا متمسك برأية، وأخر متشدد في حديثه .
كل ذلك ذكرني بما كتبة ، الأستاذ " مؤنس زهيري " الكاتب الصحفي بجريدة الأخبار ، حيث قال : " سأقول رأيي الذي أؤمن به و أظل فخوراً بصداقتي معك حتي و إن إختلف الرأيان فأرجو أن تكون كذلك ... سأدافع عن حقك في إبداء رأيك الذي أختلف معك فيه، وأظل فخوراً بصداقتي معك فأرجو أن تكون كذلك ... لو إختلفت معي في الرأي، فلن أُسفه رأيك فأرجو أن تكون كذلك... لو كذبت عليَّ فسأكون صادقاً معك دائماً، فأرجو أن تكون كذلك ... لو تعاملت معي بغرور و كِبر فسأعاملك بتواضع ومودة، فأرجو أن تكون كذلك ... بناء الوطن يحتاج إلي رأيين وطنيين، فالرأي الواحد لايبني وطناً، حتي وإن كان علي جانب الصواب".
أتحدث أنا وصديقي المحب للجماعة أو يرفض " الإنقلاب " كما يقول هو، في أمور وأحداث راهنة تخص كل المصريين، يجرنا الحديث إلي صوت عال، إذا كنا نتحدث إلي بعض
" حديث مباشر" أما إذا كنا نتبادل " الرسائل " عبر موقع التواصل الإجتماعي، فينتهي بنا الأمر، إلي حذف من قائمة الأصدقاء، أو "حظر" نهائي ... السؤال هنا يطرح نفسه ، ما هي هذه الحالة التي إنتابت أغلب المصريين.
خبراء " علم النفس والإجتماعيات" وصفوا هذا الأمر بالطبيعي ، مبررين أن الظروف الراهنة والأحداث ، وما يمر به المصريون من قتل وترويع ونهب ، يجعل أي شخص يشعر بالتوتر، وبالتالي " كلما إرتفعت درجة التوتر، كلما قلت قدرة الأشخاص علي التواصل " .
وأن الإختلافات السياسية والإجتماعية بين المجتمع المصري، كانت موجودة قبل الثورة، ولكن ليست بهذه الحدة، وإن هذا أمر طبيعي، وإهتمام المواطن البسيط بالسياسة أصبح هو العامل الأساسي في الحياة اليومية .
بالإضافة إلي ذلك يري المحللون والخبراء النفسيين، أن السياسة "أفسدت" الناس، وهذه هي حالة مؤقتة ستمر مرور الكرام، ولتجنب هذا الإحتقان، لابد من عملية تعليمية متوازنة تضع خطوط عريضة، لأسلوب النقاش وتقبل الرأي الأخر ، وإحترام أراء الأخرين، وعدم التسفيه بها، وعن الحلول، لابد علي من يتحدثون إذا تطور بهم الأمر إلي مشاده كلامية، أن يتوقفوا تماماً عما كان يدور في حديثهم، وعليهم أن يتحدثوا في أمر أخر، وتجنب الموضوعات التي تؤدي إلي إنقسام بينهم .
إن كثرة النقاش هي حالة إيجابية، تشكل ثقافة أخرين، ولكن إذا إتجه الأمر إلي جدال ونقاش حاد، فهذا هو الخطر بأم عينه، فقد تحدث رسول الله " ص " في حديث نبوي قائلاً" أنا زعيم ببيت في ربض الجنة لمن ترك المراء وإن كان محقا، وببيت في وسط الجنة لمن ترك الكذب وإن كان مازحاً، وببيت في أعلى الجنة لمن حسَّن خُلُقَه " صدق رسول الله .
حيث قال علماء التفسير أن الحديث يؤكد على أصول الأدب ، وجوامع حسن الخلق، وكيفية التعامل مع الناس، وأن النبي "ص" وعد في حديثة الشريف، علي الجزاء والأجر لمن عمل بما جاء فيه ، بثلاثة بيوت في الجنة :
البيت الأول : في ربض الجنة، أي أسفل الجنة، لمن ترك المراء وإن كان على حق.
البيت الثاني: في وسط الجنة، لمن ترك الكذب في كل موضع لا يجوز فيه، وإن كان مازحاً، وهذا الأمر مما يخالف فيه كثيرٌ من الناس حيث يسمحون لأنفسهم بالكذب، ويعللون ذلك بأنهم مازحون.
البيت الثالث: في أعلى الجنة، لمن حسَّن خُلُقَه، أي سعى في تحسين أخلاقه، وأبتعد عن كل ما يدنسها ويفسدها ، وترك جميع ما يخالف فطرة الله التي فطر الناس عليها.
إن بلدنا تحتاج إلي التكاتف والتصالح بيننا جميعاً، ونبذ العنف الواضح بين المصريين وبين الأسرة الواحدة، إختلفوا مع من تشاءون، وإختلفوا مع أي تنظيم أو جماعة أو في أفكار معينة ولكن لا تستفزون بعضكم فتخسرون الأخرين بل وتخسرون أنفسكم " إنتهي".