أظن - وبعض الظن اثم - انه باستثناء فئة المنتفعين ممن حصلوا علي الأمان في كنف النظام السابق ليعيثوا في الأرض فسادا لا يوجد مصري لم يشارك في ثورة يناير ولو بقلبه وذلك اضعف الايمان. الثورة التي انطلقت بالشعب ونجحت ايضا بالشعب تواجه التحدي الأكبر بسبب التجاهل المستمر من مختلف الفصائل والتيارات السياسية لرأي الشارع الذي ضج من كثرة المليونيات والجمع وينشد الاستقرار لالتقاط الانفاس وتوفير المناخ الملائم للبحث عن لقمة العيش واعادة بناء الاقتصاد الذي تعرض خلال الاشهر الماضية إلي هزات وخسائر متتالية. الشعب يريد ان يمارس حياته اليومية في هدوء وأمان فالمظاهرات والمسيرات اوقفت الحال واستمرار تحدي ارادة القاعدة الجماهيرية ينذر بعواقب وخيمة فللصبر حدود علي رأي الست. الميادين - وعلي رأسها التحرير - تلك التي كانت رمزا للكبرياء والصمود تحولت إلي ساحات للفرقة والتناحر وتاه الناس بين مختلف التيارات التي تتلذذ بالجدل البيزنطي المقيت فالكل يتحدث في صوت واحد ولا أحد ينصت أو يفكر في صيغ توافقية للعبور بالوطن من تلك المرحلة الفارقة والمفصلية. اعجبني ما قاله الناشط السياسي وائل غنيم: ان تدهور الاقتصاد هو الثورة المضادة الحقيقية وان ضعف الاقتصاد يقلل من دعم الشارع.. ورغم اعجابي بالتصريح -الذي نشره الموقع الالكتروني لليوم السابع - إلا ان الأمر لا يخلو من الطرافة وبدا وكأنه مزحة فعندما يتحدث من خرجوا يوم 25 يناير بهذا المنطق فمن إذن يحرك الشارع ويتحدث باسم الثورة؟! في تصوري ان الثورة فقدت البوصلة وسط تدافع الائتلافات والاحزاب والتيارات السياسية المختلفة للفوز بالغنائم فاختلطت الرؤي وتاه الهدف الذي من أجله خرج ابناؤنا واستشهد في سبيله فلذات اكبادنا بعد ان تحولت الثورة إلي غاية لا وسيلة للتغيير والإصلاح. هذا المفهوم بحاجة إلي المراجعة لانقاذ الوطن من دوامة المبارزة السياسية المتواصلة التي تحولت إلي لعبة سخيفة وثقيلة الدم ربما ترضي غرور البعض ممن تصدروا شاشات الفضائيات لكنها في نفس الوقت تساهم في دعم الثورة المضادة التي نعطيها الفرصة لتكتسب ارضا جديدة كل يوم. *** يقول النبي صلي الله عليه وسلم "أنا زعيم ببيت في ربض الجنة لمن ترك المراء وان كان محقا وببيت في وسط الجنة لمن ترك الكذب وان كان مازحا وببيت في أعلي الجنة لمن حسن خلقه" صدق رسول الله صلي الله عليه وسلم.