كشفت دراسة علمية حديثة بالمركز القومى للبحوث أن غالبية المصابين بفيروس الالتهاب الكبدى الوبائى "سي" المزمن يعانون من المشكلات المالية بنسبة 75.5%، والتي تأتي من خلال فقدان العمل، أو من خلال تكلفة الدواء المضاد للفيروسات، تليها مشكلات العلاقات الأسرية بنسبة 36.4%، ثم مشكلات الصداقة بنسبة 35.3 %. وأكدت الدكتورة آمال مختار متولى أستاذ الصحة العامة والطب الوقائى ورئيس قسم بحوث طب المجتمع ورئيس لجنة صياغة المشروعات البحثية بالمركز، والمشرفة على الدراسة، أنها أجرت وفريقها البحثى من المركز الدراسة بالتنسيق مع وزارة الصحة والسكان بهدف تحديد الضغوط النفسية والاجتماعية لمرضى الالتهاب الكبدي الفيروسي المزمن "سي" في مصر، وذلك بتمويل من صندوق العلوم والتنمية التكنولوجية.
وقالت - فى تصريح لوكالة أنباء الشرق الأوسط اليوم - إن الدراسة ركزت على ردود الفعل عندما يتم تشخيص المرضى والمصابين بالالتهاب الكبدي سي، وتم تحديد تأثير الفيروس على اضطراب علاقات المرضى من حيث العلاقة الأسرية والصداقة والعمل والوضع المالي، تم تقييم حجم وأسباب وصمة العار الاجتماعية وعلاقتها بمستوى التوعية حول المرض.
وأضافت أن عينة الدراسة ضمت 540 مريضًا بفيروس الكبدي الوبائي من بينهم 359 ذكورا، و181 إناثًا في 21 مركزًا من مراكز و وحدات علاج فيروس التهاب الكبد الوبائي (سي)التابعة لوزارة الصحة في ستة محافظات بمصر (القاهرة الإسماعيلية؟ الغربيةالدقهلية بنى سويف أسيوط)، وتم اختيار 10 مراكز عشوائيًا.
وأشارت نتائج الدراسة إلى أن تشخيص الفيروس الكبدى سي له آثار ضارة على نفسية الإنسان، فالتحدي العاطفي هو ألا يسمح الشخص المصاب بهذا المرض المزمن السيطرة على حياته فمعظم المرضى يعانون من نوع من رد الفعل العاطفي بعد التشخيص بهذا المرض المزمن مثل الخوف، الغضب، الحزن، نكران الذات والاكتئاب.
وأوضحت الدراسة أنه على الرغم من أن هذه الردود طبيعية على المدى القصير، ولكن هذا ليس صحيًا على المدى الطويل، موضحة أن أكثر من 60% من المرضى يعانون من الشعور بالحزن، بينما عانى أكثر من 40% من الشعور بالذنب، والنقص، والخطورة على الأشخاص الآخرين.
وذكرت أنه كان هناك فرق كبير بين الإناث بنسب 77.7% والذكور 65.5% بالنسبة للشعور بالحزن، فيما تقبل هذا المرض 27.6%، موضحة أنه فيما يتعلق بردود الفعل للمرضى الذين يتم تشخصيهم على أنهم مصابون بالالتهاب الكبدي الوبائي "سي"، فإن أكثر من 30% من المرضى استمرت معاناتهم لمدة طويلة من الحزن، والشعور بالذنب، والنقص، والعار، والقلق، و80% منهم تقبلوا المرض فيما بعد.
وكشفت نتائج الدراسة أن سوء الفهم حول طريقة انتقال الفيروس "سي" من خلال "تقاسم الغذاء والمصافحة "، كان سببًا رئيسيًا في الشعور بالعار بين الذكور بنسبة 87.8 %، مقارنة بالإناث بنسة 85%، كما أفادت النتائج أيضًا أن الربط بين فيروس "سي" والممارسات الجنسية الشاذة غير الطبيعية سبب في الشعور بوصمة العار بنسبة 12.2% للذكور، و15% من الإناث.
وأشارت نتائج الدراسة الى أن بعض المرضى يعتبرون أن الإصابة بالالتهاب الكبدى "سي" شىء مخجل لسببين الأول لأنه مرض معد، والناس قد يتخذون موقفًا سلبيًا خوفًا من اكتساب هذا المرض، ثانيًا بسبب انتقال العدوى عن طريق الحقن بين المدمنين، لافتة إلى أن 13% من مرضى التهاب الكبدي الوبائي "سي" يعانون من وصمة العار، مع عدم وجود فرق كبير بين الذكور والإناث.
وأكدت النتائج أن هذا الشعور بالخجل عادة ما يكون مؤلمًا، ولا يمكن التغاضي عنه، ويكون لدى بعض المرضى هذا الشعور مؤلم أكثر من المرض نفسه، خاصة إذا حدث داخل الأسرة، حيث يمنع المريض من التعامل مع الأطفال، وأن هذا الشعور له آثار سلبية على الثقة بالنفس أو احترام الذات، وذلك من العوائق الرئيسية التي تمنع المرضى من المجئ للفحص والمعالجة.
وأوضحت نتائج الدراسة أن 6ر32% من المرضى المصابين اختاروا الانسحاب من التواصل الأسرى بسبب العصبية، وبنسبة 8ر 24% خوفًا على عائلتهم، في حين أن 1ر 20% فضلوا الانسحاب أيضا من علاقات الصداقة بسبب العصبية.
وأفادت نتائج الدراسة أن نقص المعرفة والتوعية حول الالتهاب الكبدي الوبائي "سى" في المجتمع غالبًا ما يؤدى إلى التضليل، وفقدان فرص الوقاية والعلاج، وإحساس المصابين بالعار والخزي، وأن العواقب التي تواجه المرضى نتيجة فقدان فرص الوقاية يمكن أن تؤدى إلى إصابة أشخاص إضافيين في المجتمع.
وأوصت الدراسة بان تتضمن أنشطة وزارة الصحة والمستشفيات وأنشطة المراكز المتخصصة وحملات التوعية زيادة الوعي لدى السكان المعرضين للخطر عن هذا المرض، و أن تأخذ هذه الأنشطة الأولوية لمكافحة المفاهيم الخاطئة حول الالتهاب الكبدي الوبائي الفيروسي "سي"، وطالبت وسائل الإعلام بضرورة نشر الرسائل التي تحفز السلوكيات للحد من خطر الالتهاب الكبدي الفيروسي مع التركيز بشكل خاص على التعبير عن العواقب النفسية والاجتماعية المرتبطة بهذا الفيروس لتشجيع الناس على القيام بدور أكثر فعالية في منع الإصابة بفيروس "سي" وتعديل سلوكهم الذي يؤدى إلى انتقال هذا الفيروس.