البابا تواضروس الثاني يلتقي بالمستشار جورج سامي نقولا    الأنبا إغناطيوس برزي: الأسرار المقدسة منها خمسة عمومية    «خلينا ندي الفرصة للناس تشتغل».. مصطفى بكري بعد تشكيل الحكومة الجديدة    أيمن الجميل: نجاح المشروعات الزراعية الجديدة بالأراضي الصحراوية يفتح الباب لمضاعفة الرقعة الزراعية وتحقيق الأمن الغذائي    بعد ارتفاعها 160 جنيها بالصاغة.. أسعار الذهب وعيار 21 اليوم السبت 6 يوليو 2024    محافظ سوهاج الجديد يجرى جولة ميدانية بأخميم - صور    هل الوقت مناسب لشراء سيارة؟.. الشعبة تجيب    سعر الفراخ البيضاء والبيض ب الأسواق اليوم السبت 6 يوليو 2024    لجنة الانتخابات الرئاسية الإيرانية: بعد حوالي ساعتين سنعلن عن النتائج الأولية    دور محورى.. مصر قبلة القوى السياسية السودانية (فيديو)    بايدن: سأبقى في السباق الرئاسي وسأفوز بالانتخابات    فلسطين.. اندلاع مواجهات عنيفة بين المقاومة وقوات الاحتلال في بلدة بيت فجار    رئيس الوزراء الكندى يهنئ نظيره البريطانى على فوزه بالانتخابات    فرنسا تتأهل لنصف نهائي كأس أمم أوروبا بعد اقصاء البرتغال بركلات الترجيح    اتحاد الكرة يكشف برنامج المنتخب الأوليمبي قبل أولمبياد باريس    «تعلم الدرس».. بركات يوجه رسالة هامة إلى الزمالك بعد عقوبات «كاف»    الزمالك يكشف المبلغ المتبقي لحل أزمة إيقاف القيد    يورو 2024 - مدرب إسبانيا: نشهد إنجازا تاريخيا.. ولنرى إلى أي مدى سنصل    تزوير توكيلات وقوة أمنية.. ماذا حدث لشقيق عصام صاصا بحدائق الأهرام؟    إصابة 9 جراء تصادم سيارة مع توكتوك على طريق البلاجات بالإسماعيلية    التصريح بدفن عامل سقط من أعلى عقار تحت الإنشاء بسوهاج    الأرصاد تكشف حالة الطقس اليوم على القاهرة والمحافظات    مصرع شقيقين غرقا إثر سقوطهما فى مياه ترعة السلام بالدقهلية    حزب الله: بهذه الصواريخ قصفنا مستوطنة مرجليوت    تعرف على توقعات برج الثور اليوم 6 يوليو 2024    مترجم "فرقة العمال المصرية": البريطانيون أجبروا المصريين على العمل    عمرو أديب يوجه رسالة للمواطنين: «إحنا تعبنا.. نستنى شهرين» (فيديو)    البرتغال وفرنسا يلجآن إلى ركلات الترجيح في مباراة الفرص الضائعة بيورو 2024    «تدليس وبينهم القيعي».. خالد الغندور يهاجم «الأهلي» بسبب حازم إمام    أكثر من قرن.. حزب العمال البريطانى من النشأة إلى السلطة    أوكرانيا تعلن تسلم دفعة صواريخ "باتريوت" من ألمانيا    البيت الأبيض: بايدن ونتنياهو سيلتقيان على الأرجح نهاية يوليو في واشنطن    قداسة البابا فرنسيس يبعث برسالة إلى شباب مؤتمر اللاتين بمصر    «هنمنع عنكم طائرات الأباتشي».. نبيل فهمي يكشف تهديد أوباما بعد ثورة 30 يونيو (فيديو)    سقوط سيارة فى المياه أثناء حفل زفاف بالدقهلية ووجود مصابين    شروط التقديم لمدارس الإنتاج الحربي 2024 بعد مرحلة الإعدادية والأوراق المطلوبة    قبل امتحان اليوم.. رسالة عاجلة من وزير التربية والتعليم لطلبة الثانوية العامة (فيديو)    مواجهة سرقات التيار وخفض نسبة الفقد.. أهم ملفات وزير الكهرباء (فيديو)    الري: تعظيم الاستفادة من مياه الصرف الزراعي بترعة السويس    «احسب التفويلة الآن».. سعر البنزين والسولار في مصر اليوم السبت 6 يوليو 2024    محمود المهدي: مشاكل الزمالك صداع مستمر كل سنة    ب«حبيبي ده».. محمد حماقي يفتتح حفله ببورسعيد    بيت للكل يعرض تقرير عن مقومات الدولة السياحية الأهم في العالم    ميرهان حسين تتألق في أحدث إطلالاتها الصيفية ب «الكاش مايوه» | صور    الصحة العالمية تحذر من مادة مسرطنة يستخدمها الملايين    صحة الفيوم تنظم قافلة طبية بقرية المقراني يومي السبت والأحد    حدث بالفن| طليق أنغام ينفي الارتباط ب شيرين عبد الوهاب وفيفي عبده تتعرض لموقف محرج على الطائرة    طارق سعدة.. مسيرة إعلامية حافلة تقوده للاقتراب من رئاسة الهيئة الوطنية للإعلام    أول أنشطته الوزارية.. تفاصيل زيارة وزير الأوقاف ل"مستشفى الدعاة بمصر الجديدة" (فيديو)    وزير التعليم العالي: اختبارات في المرحلة الثانوية لتحديد مسار الطالب    رؤية هلال شهر المحرم 1446 كما أعلنتها دار الإفتاء    حياة كريمة.. توقيع الكشف المجانى على 1800 مواطن بأسوان    الفائز في مسابقة «تبيان للقرآن»: حفظته في سن ال6.. وأحرص على الورد اليومي    المفتي: الجيش احتضن الإرادة الشعبية لثورة 30 يونيو كاحتضان الأم لوليدها في لحظة الخطر    شيخ الأزهر من ماليزيا: مأساة فلسطين هي جريمة إبادة تجاوزت بشاعتها كل الحدود    شيخ الأزهر: معاناة فلسطين مأساة العرب والمسلمين والعالم الحر    الداخلية تواصل فعاليات مبادرة «كلنا واحد – معك فى كل مكان».. وتوجه قوافل إنسانية وطبية بنطاق محافظة الإسماعيلية    الصحة تنظم البرنامج التدريبى الدولى لعلاج إصابات العظام وتثبيت الكسور    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حديث : إنما الأعمال بالنيات
نشر في الفجر يوم 14 - 07 - 2013


متن الحديث

عن أمير المؤمنين أبي حفص عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( إنما الأعمال بالنيّات ، وإنما لكل امريء مانوى ، فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله ، فهجرته إلى الله ورسوله ، ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها ، أو امرأة ينكحها ، فهجرته إلى ما هاجر إليه ) رواه البخاري ومسلم في صحيحهما .

الشرح

لقد نال هذا الحديث النصيب الأوفر من اهتمام علماء الحديث ؛ وذلك لاشتماله على قواعد عظيمةٍ من قواعد الدين ، حتى إن بعض العلماء جعل مدار الدين على حديثين : هذا الحديث ، بالإضافة إلى حديث عائشة رضي الله عنها : ( من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد ) ؛ ووجه ذلك : أن الحديث السابق ميزان للأعمال الظاهرة ، وحديث الباب ميزان للأعمال الباطنة .

والنيّة في اللغة : هي القصد والإرادة ، فيتبيّن من ذلك أن النيّة من أعمال القلوب ، فلا يُشرع النطق بها ؛ فإن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن يتلفظ بالنية في العبادة ، أما قول الحاج : " لبيك اللهم حجًّا " فليس نطقاً بالنية ، لكنه إشعارٌ بالدخول في النسك ، بمعنى أن التلبية في الحج بمنزلة التكبير في الصلاة ، ومما يدل على ذلك أنه لو حج ولم يتلفّظ بذلك صح حجه عند جمهور أهل العلم .

وللنية فائدتان : أولاً : تمييز العبادات عن بعضها ، وذلك كتمييز الصدقة عن قضاء الدين ، وصيام النافلة عن صيام الفريضة ، ثانياً : تمييز العبادات عن العادات ، فمثلاً : قد يغتسل الرجل ويقصد به غسل الجنابة ، فيكون هذا الغسل عبادةً يُثاب عليها العبد ، أما إذا اغتسل وأراد به التبرد من الحرّ ، فهنا يكون الغسل عادة ، فلا يُثاب عليه ، ولذلك استنبط العلماء من هذا الحديث قاعدة مهمة وهي قولهم : " الأمور بمقاصدها " ، وهذه القاعدة تدخل في جميع أبواب الفقه .

وفي صدر هذا الحديث ابتدأ النبي صلى الله عليه وسلم بقوله : ( إنما الأعمال بالنيات ) ، أي : أنه ما من عمل إلا وله نية ، فالإنسان المكلف لا يمكنه أن يعمل عملاً باختياره ، ويكون هذا العمل من غير نيّة ، ومن خلال ما سبق يمكننا أن نرد على أولئك الذين ابتلاهم الله بالوسواس فيكررون العمل عدة مرات ويوهمهم الشيطان أنهم لم ينووا شيئا ، فنطمئنهم أنه لا يمكن أن يقع منهم عمل باختيارهم من غير نيّة ، ما داموا مكلفين غير مجبرين على فعلهم .

ويستفاد من قوله صلى الله عليه وسلم : ( وإنما لكل امريء ما نوى ) وجوب الإخلاص لله تعالى في جميع الأعمال ؛ لأنه أخبر أنه لا يخلُصُ للعبد من عمله إلا ما نوى ، فإن نوى في عمله اللهَ والدار الآخرة ، كتب الله له ثواب عمله ، وأجزل له العطاء ، وإن أراد به السمعة والرياء ، فقد حبط عمله ، وكتب عليه وزره ، كما يقول الله عزوجل في محكم كتابه : { فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا } ( الكهف : 110 ) .

وبذلك يتبين أنه يجب على الإنسان العاقل أن يجعل همّه الآخرةَ في الأمور كلها ، ويتعهّد قلبه ويحذر من الرياء أو الشرك الأصغر ، يقول النبي صلى الله عليه وسلم مشيراً إلى ذلك : ( من كانت الدنيا همّه ، فرّق الله عليه أمره ، وجعل فقره بين عينيه ، ولم يأته من الدنيا إلا ما كُتب له ، ومن كانت الآخرة نيّته ، جمع الله له أمره ، وجعل غناه في قلبه ، وأتته الدنيا وهي راغمة ) رواه ابن ماجة .

ومن عظيم أمر النيّة أنه قد يبلغ العبد منازل الأبرار ، ويكتب له ثواب أعمال عظيمة لم يعملها، وذلك بالنيّة ، كما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لما رجع من غزوة تبوك : ( إن بالمدينة أقواما ما سرتم مسيراً ، ولا قطعتم وادياً ، إلا كانوا معكم ، قالوا يا رسول الله : وهم بالمدينة ؟ قال : وهم بالمدينة ، حبسهم العذر ) رواه البخاري .

ولما كان قبول الأعمال مرتبطاً بقضية الإخلاص ، ساق النبي صلى الله عليه وسلم مثلاً ليوضح الصورة أكثر ، فقال : ( فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله ، فهجرته إلى الله ورسوله، ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها ، أو امرأة ينكحها ، فهجرته إلى ما هاجر إليه ) ، وأصل الهجرة : الانتقال من دار الكفر إلى دار الإسلام ، أو من دار المعصية إلى دار الصلاح ، وهذه الهجرة لا تنقطع أبداً ما بقيت التوبة ؛ فقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( لا تنقطع الهجرة حتى تنقطع التوبة ولا تنقطع التوبة حتى تطلع الشمس من مغربها ) رواه الإمام أحمد في مسنده وأبو داود والنسائي في السنن ، وقد يستشكل البعض ما ورد في الحديث السابق ؛ حيث يظنّ أن هناك تعارضاً بين هذا الحديث وقوله صلى الله عليه وسلم : ( لا هجرة بعد الفتح ) كما في " الصحيحين " ، والجواب عن ذلك : أن المراد بالهجرة في الحديث الأخير معنىً مخصوص ؛ وهو : انقطاع الهجرة من مكة ، فقد أصبحت دار الإسلام ، فلا هجرة منها .

على أن إطلاق الهجرة في الشرع يراد به أحد أمور ثلاثة : هجر المكان ، وهجر العمل ، وهجر العامل ، أما هجر المكان : فهو الانتقال من دار الكفر إلى دار الإيمان ، وأما هجر العمل : فمعناه أن يهجر المسلم كل أنواع الشرك والمعاصي ، كما جاء في الحديث النبوي : ( المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده ، والمهاجر من هجر ما نهى الله عنه ) متفق عليه ، والمقصود من هجر العامل : هجران أهل البدع والمعاصي ، وذلك مشروط بأن تتحقق المصلحة من هجرهم ، فيتركوا ما كانوا عليه من الذنوب والمعاصي ، أما إن كان الهجر لا ينفع ، ولم تتحقق المصلحة المرجوّة منه ، فإنه يكون محرماً .

ومما يُلاحظ في الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قد خصّ المرأة بالذكر من بين متاع الدنيا في قوله : ( أو امرأة ينكحها ) ، بالرغم من أنها داخلة في عموم الدنيا ؛ وذلك زيادة في التحذير من فتنة النساء ؛ لأن الافتتان بهنّ أشد ، مِصداقاً للحديث النبوي : ( ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء ) متفق عليه ، وفي قوله : ( فهجرته إلى ما هاجر إليه ) ، لم يذكر ما أراده من الدنيا أو المرأة ، وعبّر عنه بالضمير في قوله : ( ما هاجر إليه ) ، وذلك تحقيراً لما أراده من أمر الدنيا واستهانةً به واستصغاراً لشأنه ، حيث لم يذكره بلفظه .

ومما يستفاد من هذا الحديث - علاوة على ماتقدم - : أن على الداعية الناجح أن يضرب الأمثال لبيان وإيضاح الحق الذي يحمله للناس ؛ وذلك لأن النفس البشرية جبلت على محبة سماع القصص والأمثال ، فالفكرة مع المثل تطرق السمع ، وتدخل إلى القلب من غير استئذان ، وبالتالي تترك أثرها فيه ، لذلك كثر استعمالها في الكتاب والسنة ، نسأل الله تعالى أن يرزقنا الإخلاص في القول والعمل ، والحمد لله رب العالمين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.