يعيش أهالي منطقة الجيارة التابعة لمنطقة الفسطاط حالة شدشة المعاناة ، حيث أن طالها الإهمال واللامبالاة كما طال العديد من الأماكن العشوائية ، فنحن اعتادناعلي أن نبتعد عن الطعام الملوث وأن ننقي المياه بقدر المستطاع ولكننا لا نستطيع أن نتوقف عن التنفس فلو توقفت قليلاً في هذه المنطقة لا تستطيع أن تلتقط أنفاسك من كثرة الأدخنة المتصاعدة منها نتيجة تجميع كم هائل من القمامة وحرقها داخل هذا المكان الكبير الذي تحفه الأسوار التي تتصاعد من فوقها الأدخنة السامة والذي تشعر بداخله أنك بعالم أخر أقبض للروح من المقابر بروائحه ومخيف بدرجة كبيرة لإتساع حجمه. والجدير بالذكر أن هذه المنطقة من الأماكن الهامة ، لأنه يوجد بخلف المكان المتليء بالقمامة مباشرة جامع "عمرو بن العاص" ، ويوجد بجواره أيضاً "مجمع الأديان" والعديد من الأماكن السياحية التي من المفترض أن تنال إهتمام المسئوليين.
ولم يلفت الدخان المتصاعد يومياً نظر المسئوليين برغم من ذهاب الرئيس هناك أكثر من مرة لأداء صلاة الجمعة ومع ذلك لم يلتفت لها أحد وكأنها مخفية وهل من المعقول أن يجتمع أكثر من مكان سياحي مع وقر من أوقار تجميع القمامة.
وتتجمع الأمراض والأوبئة حول هذا المكان من كل إتجاه فنحن لا نتحدث عن القمامة وما تسببه من أمراض حيث أننا تعودنا عليها في الشوارع ولكن حرق هذا التجمع الكبير من القمامة ينتج عنه الكثير من الأدخنة التي تحمل العديد من الأمراض التي تصيب الجهاز التنفسي والعصبي والبصري والتي تساعد علي انتشار الغازات المسرطنة ، وتزيد من الأصابة ب"فيروس سي" والتي تعمل علي تدمير الخلايا الرئوية مباشرة وليس ذلك فقط بل وإنها تقوم بتشويه المنازل والعقارات من الخارج خاصة أن هذا المكان كما ذكرنا من قبل يحتوي علي العديد من المعالم الهامة ، هذا بخلاف إحجاب الرؤية عن الطريق ، بواسطة الغيوم التى تسببها أدخنة الحريق ، وإحداث صدام بين السيارات وقتل الكائنات الحية من "أشجار ونباتات" حولها.
واستطاعت عدسة "الفجر" أن ترصد جزء بسيط من أدخنة اللهب الى تتصاعد بشكل مستمر لتهدد حياة المواطنين و المارة بالمنطقة .
ولكن بالرغم من ذلك يبقي لمن يعيش الواقع هناك كلمات أهم تصف معاناته من خلال هذه الأزمة ، قال "محمد أحمد" أحد العاملين بجوار هذا المكان أنه يستنشق العديد من الأمراض يومياً وهو يعمل وعندما يذهب للمنزل يشعر بخنقة وضيق في صدره نتيجة لهذا الدخان ، غير السعال الذي صار يداومه بسبب هذه الأدخنة قائلا"ماذا أفعل " أنا لا أستطيع أن اترك عملي وعليّ أن أتحمل هذه الأدخنة الناتجة عن حرق القمامة ونتمني أن ينظر إلينا أحد لحل هذه الأزمة وما نعانيه منها.
وعلي نفس النحو كان رأي "جمال إبراهيم"وهو أحد القائمين بالقرب من هذه المنطقة والذي جسد معاناته من هذه الأزمة بأنها تحرمه من الهواء طوال اليوم فهو لا يتجرأ أن يفتح النوافذ حتي لا يدخل هذا الدخان بما يحمله من عروض للأمراض بالمجان مشيراً إلى أن هذا المكان غير مخصص للقمامة وأن هذا الوضع جديد ولا يحدث إلا من فترة قصيرة ولكن في ظل عدم وجود حكومة ولا أمن للدولة ماذا ننتظر ،متسائلاً :إذا كان "رئيس الجمهورية" يصلي بالقرب منها عدة مرات ولم تحل الأزمة فهل من الممكن أن تحل لمجرد أننا "مواطنين عاديين".
وفي الوقت نفسه قال "م.ح" الذى رفض ذكر اسمه ، أحد العامليين بأحدي الأماكن السياحية القائمة هناك ، أنه يعاني من ضرر شديد بالعين نتيجة الأدخنة هذا بخلاف القفص الصدري الذي صار لايتحمل أكثر من ذلك وكأننا نعيش وسط الكثير من الأشياء التي تدمرنا "ولا طعام نظيف ولا مياه نظيفة ، ولا هواء نظيف" بل جاءوا بالأدخنة السامة لتكمل علينا فنحن شعب مُدمر صحياً يشتكي الشاب فيه من أمراض الشيخوخة فأين الرحمة "يا ناس".
كما قال "محمود البرنس"أحد السائقين الماريين دائما بهذه المنطقة أن هذا المكان يعاني من الغيوم بسبب الأدخنة ، كما أنه أكد أن هذه الغيوم قد تؤدي إلى حدوث كوارث علي الطريق فلو قام السائق باغلاق عينه من الممكن أن يدمر عدد كبير من السيارات وإن حجبت الرؤية عليه يصير مثل الأعمي وهذا أكيد بخلاف الأمراض التي تأتي وراء استنشاق هذه الأدخنة.
من جهتها أكدت "فوزية محمد"أحد القائمين بالمكان أنها تخشي علي أبنائها كثيرا من هذه الأدخنة في تجلب السرطان وهذا من أخطر الأمراض قائلة "وياريت في دولة بتعالج" إلا أنهم لا يوفروا لنا علاج البرد فماذا عن "السرطان والألتهاب الرئوي" ، متسائلة : لماذ هذا الإهمال ولماذا الإستهتار بحياة المواطن البسيط ؟
كما أشارت أن هذا المكان شديد الإتساع لماذا لم يقوموا بعمل مكان يفيد الدولة مثل "نادي او ملعب .. وغيرها" مضيفة إلى إن هذه الأدخنة تميت الكائنات الحية وما حولها من حدائق وأشجار فنرجو الإهتمام.
ومازالت مصر وعقب ثورة 25 يناير التى كانت تنادى بالعدالة الإجتماعية ، لم تتغير مؤسسات الدولة وكأن لم تحدث ثورة لتغير الأوضاع ، بل ازداد الأمر سوءاً بعد انتخاب أول رئيس مدنى منتخب .