يبدو أن حزب النور السلفى الذراع السياسية لجماعة الدعوة السلفية بالإسكندرية، لم يبال بالمواقف الحرجة التى تمر بها مصر فى الوقت الراهن ، وأصبح لا يهتم كثيرًا سوى بمصالحه الخاصة ففى الوقت الذى تسيل فيه دماء المصريين فى بورسعيد وأمام وزارة الداخلية وتهكم «نائب الترامادول» محمد مصطفى على الثوار، قرر حزب النور فتح معركة جانبية بحملة على البنك المركزى كانت فى البداية غير مبررة، حتى اتضحت الصورة لنا فيما بعد. مصادرنا داخل الدعوة السلفية أكدت لنا أن حزب النور تقدم بطلب رسمى إلى البنك المركزى لإقامة بنك «النور» الإسلامى، لكن إدارة المركزى رفضت، الأمر الذى دفعه للاتصال بالمجلس العسكرى الذى بدوره طلب منهم إحالة الطلب إليه للنظر فيه ثم إحالته إلى البنك المركزى من ناحيته. بدأت فكرة بنك النور الإسلامى فى جلسة لمجلس إدارة الدعوة السلفية بالإسكندرية، حضرها كل من ياسر برهامى وإسماعيل المقدم وعماد عبد الغفور وغيرهم، بعدها وجه مجلس إدارة الدعوة السلفية الدعوة لعدد كبير من المشايخ وأئمة المساجد لبدء التحضير لحملة كبيرة لعمل اكتتاب لإنشاء بنك النور الإسلامى، على أساس أنه يهدف إلى تقوية سوق المصارف الإسلامية، وفكرة البنك تقوم على أساس أن البنوك التقليدية بنوك ربوية ولا يجوز التعامل معها أو الاستفادة من خدماتها. خطة إقامة بنك النور الذى سيكون مقره الرئيسى بالإسكندرية تقوم على عدة محاور الأول تسويق فكرة عبر القنوات الفضائية والمؤتمرات الجماهيرية بأن بنك النور هو البديل الشرعى الوحيد للبنوك العادية الربوية وأنه الدافع الوحيد لأى أرباح شرعية يرضى عنها الله ورسوله، وأنه السبيل الوحيد لخفض الأسعار والحد من التضخم وطرح البركة فى المال. الثانى الاعتماد على مشايخ الدعوة أعضاء حزب النور بمجلس الشعب المنتمين للدعوة السلفية كل فى دائرته ليكونوا داعمين لفروع البنك كل فى محافظته، وإقناع الناس بسحب أموالهم وودائعهم من البنوك الربوية التى تخالف شرع الله، وبالتالى لن تجد تلك البنوك أمامها سوى أمرين إما الاغلاق وإما أن تتحول إلى إسلامية. الثالث هدف البنك الرئيسى مساعدة الشباب بقروض حسنة بدون فوائد، وتبنى تسويق منتجات مشروعاتهم بعد أن ذاقوا الأمرين من النظام المصرفى الربوى. الغريب أن حملة إنشاء بنك النور التى تسوقها الدعوة السلفية عن طريق عمل اكتتاب شعبى تقدمت بطلب تأسيسه على اعتبار أنه «بنك شخصى وليس مؤسسًا»، ورغم علم أعضائه أن البنك المركزى يرفض تمامًا إنشاء بنوك شخصية فى مصر بعد الفشل الذريع والكارثة التى أحدثها هذا النوع من البنوك فى نهاية الثمانينيات وتدخلت الدولة لإنقاذ أموال المودعين فيه، أضف إلى كل هذا ان البنك المركزى سبق أن أعلن منذ سنتين عن وقف إصدار تراخيص جديدة للبنوك أو فروع للبنوك لمدة خمس سنوات لأن السوق المصرفى لا يتحمل بنوكًا جديدة، ويبدو أن هذا هو السبب فى رفض إنشاء البنك. الرفض كان بمثابة الصدمة لقيادات حزب النور، وأعضاء المجلس الرئاسى لجماعة الدعوة السلفية بالإسكندرية ياسر برهامى ومحمد إسماعيل المقدم وأبوإدريس محمد عبدالفتاح، وعماد عبدالغفور وقاموا على الفور بعقد عدد من الاجتماعات مع كل من اسامة الفيل، مسئول الملف الاقتصادى بحزب النور، ودرسوا إمكانية التصعيد مع البنك المركزى. برهامى اقترح الدخول فى معارك على المستوى البرلمانى خاصة من داخل اللجنة الاقتصادية والتصعيد إعلاميًا، فى حين اقترح المقدم استشارة المشايخ بداية من أبو اسحاق الحوينى ومحمد حسان وعبدالمنعم الشحات، بينما اقترح عماد عبد الغفور اللجوء أولاً إلى ما أسماه «ولى الأمر» المجلس العسكرى وعرض الامر عليه قبل عمل أى تحرك ضد المركزى. لاتزال قيادات الدعوة السلفية وحزب النور فى انتظار رد المجلس العسكرى ولاتزال حملة الاكتتاب موقوفة مؤقتًا لحين إجبار المركزى بطريقة أو بأخرى على إنشاء البنك بعد عمل تعديلات قانونية لم تذكرها المصادر. أسامة الفيل، مسئول الملف الاقتصادى بحزب النور، أكد أن الحزب تقدم بالفعل للمركزى بطلب إنشاء البنك وان «المركزى» رفض الطلب نزولاً على خطة الإصلاح المصرفى التى بدأها البنك منذ عام 2003. الفيل اعترف أيضا أن اتجاه البنك «المركزى» لعدم إنشاء بنوك جديدة بالسوق لايزال ساريا، إضافة إلى إن القانون يمنع تملك الأفراد للبنوك، ولابد أن يكون المالك للبنوك مؤسسات مالية ومصرفية كبرى، ومن ثم فإن الدعوات الفردية أو الحزبية لإنشاء بنوك لن تكون مقبولة قانونيًا من الأساس. وقال الفيل ان الرفض حوى أيضا سببًا آخر وهو أن مسمى بنك «النور الإسلامى» موجود بالفعل فى الإمارات، وهو ما يعنى أنه سيكون من الصعب إنشاء بنك آخر بنفس الاسم، نظرًا لحقوق الملكية التى تتيحها المقررات المصرفية العالمية. السنة الخامسة - العدد 341 – الاثنين – 13/02/2012