اعلنت السلطات السورية الاثنين عزمها على "تحقيق الامن والسلام"، وواصلت عملياتها العسكرية التي تستهدف معاقل المعارضين في مناطق عدة من سوريا، غداة قرار الجامعة العربية بارسال "قوات عربية واممية" الى هذا البلد. واكدت روسيا، حليفة سوريا، انها "تدرس" اقتراح ارسال هذه القوات، لكنها شددت على ضرورة وقف اطلاق النار في سوريا قبل القيام بذلك. وميدانيا، تستمر اعمال العنف في عدد من المدن السورية ما اسفر عن مقتل 14 شخصا بينهم ثلاثة جنود ومدني وطفلة في الرستن (ريف حمص) وثلاثة مدنيين في حمص (وسط) وثلاثة مدنيين في ريف ادلب (شمال غرب) وشخص في حماة (وسط) ومواطن وطفل في ريف دمشق. ففي حمص، ذكر المرصد السوري لحقوق الانسان ان "حي بابا عمرو تعرض لقصف متقطع بقذائف الهاون من قبل الجيش السوري ما اسفر عن مقتل مواطنين اثنين". واضاف "كما قتل مواطن في حي الخالدية اثر اصابة منزله بقذيفة هاون". ويحاول الجيش وقوات الامن السورية منذ ثمانية ايام اخضاع حمص، ثالث المدن السورية والتي تعتبر معقلا للمعارضين السوريين منذ بدء الانتفاضة الشعبية المناهضة للنظام في اذار/مارس 2011. واضاف المرصد "ان القصف تجدد على مدينة الرستن اثر محاولة اقتحام فاشلة نفذتها القوات السورية فجرا من المدخل الجنوبي للمدينة وتصدت لها مجموعات منشقة". واشار المرصد الى ان عملية الاقتحام ادت الى "مقتل ما لا يقل عن ثلاثة جنود وتدمير الية مدرعة، كما قتلت طفلة ورجل في سقوط القذائف اثناء اشتباك الجيش مع مجموعات منشقة عند مدخل مدينة الرستن الشمالي". وكان المرصد اشار في وقت سابق الى عدم ورود معلومات موثقة عن الخسائر البشرية او المادية داخل مدينة الرستن التي نتجت عن القصف بسبب صعوبة الاتصالات. وفي ريف دمشق، ذكر المرصد ان "مواطنين بينهما طفل استشهدا في مدينة مضايا اثر اطلاق رصاص من حاجز امني" مشيرا الى وفاة شاب في جديدة عرطوز واخر في دوما متأثرين بجراح اصيب بها". وافادت لجان التنسيق المحلية عن وجود انتشار عسكري كثيف في مدينة الزبداني مشيرة الى نصب حاجز كل 50 مترا في المدينة تتمركز فيه دبابة و100 عنصر. وذكر المرصد من جهته، ان "اصوات الانفجارات هزت مدينة الزبداني". واشارت اللجان الى ان "العائلات النازحة بدأت بالعودة للمنطقة وسط تضييق عليهم من قبل العناصر واعتقال المطلوبين منهم". وبثت اللجان شريطا مصورا قالت انه يعود الى تاريخ الاثنين ظهر فيه انتشار عناصر مسلحة من الجيش في مدينة حرستا وآثار للقصف الذي تعرضت له ولافتة كتب عليها "الله للعبادة وبشار للقيادة" فيما تبدو الحياة طبيعية فيها. وفي حماة، اشار المرصد الى "استشهاد مواطن بعد منتصف ليل الاحد الاثنين اثر اصابته برصاص قناصة في حي طريق حلب". وفي ريف ادلب، اضاف المرصد "استشهد مواطنان في قرية مرعيان اثر اطلاق رصاص من قبل موالين للنظام كما استشهد مواطن بعد منتصف ليل الاحد الاثنين اثر اطلاق رصاص من قبل القوات السورية في مدينة خان شيخون". ووصلت قافلة عسكرية تضم نحو 45 دبابة وناقلات جند مدرعة و شاحنات زيل عسكرية الى مدينة جسر الشغور، في حين اصيب اربعة مواطنين بجراح اثر اطلاق رصاص من قبل قوات الامن عند دوار المحراب في ادلب، بحسب المرصد. وفي ريف درعا (جنوب)، تحدث المرصد عن "اشتباكات عنيفة تدور بين مجموعة منشقة وقوات من الجيش السوري الذي اقتحم منطقة اللجاة واعتقلت اربع نساء هن امهات عناصر منشقة". وفي هذه المنطقة، لفت المرصد الى عملية مداهمات واعتقالات في مدينة بصرى الشام فيما هز انفجار الحي الجنوبي في مدينة داعل، بدون ان يؤكد ما اذا كان الانفجار استهدف قوات الجيش المتمركزة بالمنطقة. واشار المرصد في بيان لاحق ان "نحو 10 الاف مواطن بمدينة داعل خرجوا لتشييع عنصر في حفظ النظام قضى خلال التفجير الذي طال مركز قوات حفظ النظام بمدينة حلب الجمعة". واعلنت المفوضة العليا لحقوق الانسان نافي بيلاي الاثنين ان القوات السورية ارتكبت "على الارجح" جرائم ضد الانسانية خلال قمعها للحركة الاحتجاجية في سوريا. وقالت بيلاي في كلمتها امام الجمعية العامة للامم المتحدة "ان طبيعية التجاوزات التي ارتكبتها القوات السورية ومدى هذه التجاوزات، تدل على ان جرائم ضد الانسانية قد ارتكبت على الارجح منذ اذار/مارس 2011". واتهمت بيلاي الجيش السوري ب"قصف احياء حمص المكتظة بالسكان في ما بدا انه قصف عشوائي لمناطق سكنية"، مضيفة ان "اكثر من 300 شخص قتلوا في المدينة منذ بدء هذا الهجوم قبل عشرة ايام غالبيتهم نتيجة القصف". وقد شهدت سوريا في الاسابيع الماضية هجمات انتحارية وتفجير سيارات مفخخة ضد مراكز امنية في دمشق وحلب قتل فيها العشرات. وتتهم السلطات السورية "عصابات ارهابية مسلحة" ومجموعات سلفية بارتكاب اعمال العنف، فيما يعلن جنود منشقون ينتمون الى "الجيش السوري الحر" عن عمليات ضد القوات الامنية السورية. واعلنت الهيئة العامة للثورة السورية في بيان رفضها لتدخل تنظيم القاعدة بشؤون "ثورتهم" غداة الكشف عن دعوة اطلقها زعيم التنظيم ايمن الظواهري يدعم فيها "الانتفاضة" في سوريا داعيا الى "الجهاد". وكان الظواهري اكد في تسجيل مصور جديد دعمه "للانتفاضة" في سوريا، داعيا "اسود الشام" الى "الجهاد" وعدم الاعتماد على العرب والغرب وتركيا. واكدت دمشق الاثنين انها مصممة على "تحقيق الامن والسلام" رغم قرار للجامعة العربية التي دعت مجلس الامن الى تشكيل قوات مشتركة من الجامعة العربية والامم المتحدة للاشراف على تنفيذ وقف لاطلاق النار. واتخذت الجامعة العربية، قرارها في ختام اجتماعها الوزاري في القاهرة ودعت مجلس الامن الى اصدار قرار بتشكيل "قوات حفظ سلام عربية اممية مشتركة". ويتوجه الامين العام للجامعة العربية نبيل العربي مساء الاثنين الى المانيا للقاء المستشارة الالمانية انغيلا ميركل واطلاعها على قرارات الجامعة العربية بخصوص الازمة السورية والقضية الفلسطينية. وكانت المانيا رحبت الاثنين بالدور "المهم جدا" الذي تلعبه الجامعة العربية بهدف "تسوية الازمة السورية". واعلن الاتحاد الاوروبي انه يدعم مبادرة الجامعة العربية بينما قال وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ ان لندن "ستناقش بشكل عاجل" مع شركائها الاقتراح. بدوره حذر وزير الخارجية الفرنسي الان جوبيه من "اي تدخل عسكري خارجي" بعد اقتراح الجامعة العربية. وردا على سؤال خلال مؤتمر صحافي حول احتمال ارسال فرنسا قبعات زرق الى سوريا قال جوبيه "نعتقد اليوم ان اي تدخل عسكري خارجي سيساهم في تفاقم الوضع ما دام لا يوجد بعد قرار من مجلس الامن الدولي الذي يعد الهيئة الوحيدة المخولة اجازة اي تدخل عسكري". وعبرت ايطاليا عن دعمها الواضح لارسال "قوة لحفظ السلام مشتركة من الجامعة العربية والامم المتحدة" الى سوريا، كما قال وزير الخارجية الايطالي جوليو تيرزي. وشدد على "ضرورة وقف كل اشكال العنف في سوريا، ولتحقيق هذا الهدف" اكد ان ايطاليا تدعم "اقتراح ارسال" قوة لحفظ السلام الى سوريا "للتحقق ميدانيا من تطبيق وقف اطلاق النار". وجاءت هذه المحاولة الجديدة من الجامعة العربية بعدما عطل الفيتو الذي استخدمته كل من الصين وروسيا تبني قرار ضد سوريا في مجلس الامن الدولي في الرابع من شباط/فبراير. ونقلت وكالة الانباء السورية (سانا) عن مصدر مسؤول لم تسمه ان قرار الجامعة العربية "وغيره لن يثني الحكومة السورية عن متابعة مسؤولياتها في حماية مواطنيها وتحقيق الامن والاستقرار لشعبها". واعتبرت سوريا قرارات الجامعة العربية "تدخلا سافرا في الشؤون الداخلية ومساسا بالسيادة الوطنية" بحسب المصدر. وحرص العربي خلال افتتاح اعمال اجتماع الجامعة الاحد على التأكيد ان التوجه الى مجلس الامن هذه المرة سيتم بالتنسيق مع روسيا والصين. وصرح وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف الاثنين "ندرس هذه المبادرة وننتظر من اصدقائنا في الدول العربية توضيح بعض النقاط. لنشر قوة لحفظ السلام يجب الحصول على موافقة الطرف الذي يستقبلها". واضاف "نحتاج الى شىء يشبه وقفا لاطلاق النار". من جهتها، دعت الصين مجددا الاثنين الى وقف اعمال العنف في سوريا عبر "الحوار" و"الوساطة السياسية" وامتنعت عن تأييد الدعم المادي الذي تريد الجامعة العربية تقديمه للمعارضة السورية وتشكيل قوة دولية عربية. واكدت الجامعة ايضا التزامها "بالتنفيذ الكامل لكافة قرارات مجلس الجامعة بشأن خطة خارطة الحل السلمي للازمة السورية وحث الحكومة السورية على الوفاء باستحقاقاتها والتجاوب الجدي السريع مع الجهود العربية لايجاد مخرج سلمي للازمة في سوريا". واطلق وزراء الخارجية العرب الشهر الماضي مبادرة جديدة لانهاء الازمة السورية تدعو الى تشكيل حكومة وفاق وطني خلال شهرين وتطالب الرئيس السوري بتفويض نائبه صلاحيات كاملة للتعاون مع هذه الحكومة. وكان سفير سوريا في الجامعة العربية يوسف احمد الذي لم يحضر اجتماع الجامعة بسبب تجميد عضوية بلاده فيها، سارع قبل انتهاء اجتماع الجامعة الى التاكيد ان سوريا "ترفض قرار جامعة الدول العربية الصادر اليوم جملة وتفصيلا". ومن المقرر ان تعقد الجمعية العامة للامم المتحدة الثلاثاء اجتماعا مخصصا لبحث الوضع في سوريا.