يحتدم الجدل فى الأوساط السياسية والاجتماعية والدينية فى فرنسا هذه الأيام حول تقنين زواج المثليين الذى تبنت الحكومة الإشتراكية مشروع قانون بشأنه فى نوفمبر الماضى والذى حمل اسم "الزواج للجميع". وتستعد العاصمة باريس لتظاهرة ضخمة تنظم غدا /الأحد/ من المتوقع أن يشارك بها عشرات الآلاف من الأشخاص المناهضين لمشروع قانون "الزواج للجميع" الذى يتيح زواج مثليي الجنس وينتظر عرضه فى نهاية الشهر الجارى على نواب البرلمان بغرفتيه لدخوله حيز التنفيذ.
ومن المنتظر أن يشارك فى المسيرات التى تجوب شوارع باريس غدا أعضاء ومناصري حزب "الاتحاد من أجل حركة شعبية" (اليمين المعارض) واليمين المتطرف ضد "الزواج للجميع" والذي يرون أنه سيؤدى إلى إختلال كبير في تركيبة المجتمع الفرنسي وفي الأسرة التي تعد الركيزة الأساسية للمجتمع.
ويتمسك اليسار الحاكم بالمشروع باعتباره أحد التعهدات التى قطعها الرئيس فرانسوا أولاند خلال حملته الانتخابية وهو ما تعكسه تصريحات أعضاء الحكومة وكان آخرهم وزيرة العدل كريستيان توبورا التى أكدت أمس /الجمعة/ أن الحكومة ستبقي على مشروع القانون المتعلق بزواج مثليي الجنس، بغض النظر عن المسيرات المرتقبة غدا.
واعتبرت الوزيرة الفرنسية أن المشروع يعد مسئولية الحكومة..واستبعدت فى الوقت نفسه طرح الموضوع الشائك على الاستفتاء الشعبى كما تنادى به بعض أطراف المعارضة.
وأوضحت أن النص سيعرض على نواب البرلمان بغرفيته (الجمعية الوطنية ومجلس الشيوخ)، المفوضين من قبل ناخبيهم.
من ناحيته..وجه فرانسوا فيون رئيس الوزراء الفرنسي السابق العضو البارز فى حزب "الإتحاد من أجل حركة شعبية" أمس رسالة مفتوحة إلى الرئيس الفرنسي طالبه من خلاله بالعدول عن مشروع القانون الخاص بزواج المثليين وعدم "تمريره" على اساس أن المشروع "يقسم" البلاد.
وأوضح فيون أن مسألة الزواج ليست قضية سياسية..بل تترسخ في أعماق المجتمع الفرنسي.
كما يعارض ممثلو الديانات بفرنسا (الكاثوليكية والمسلمة واليهودية) هذا القانون الذي ربطوه ب"الطبيعة البشرية" التي تشترط الزواج "بين رجل وامرأة" لضمان مسيرة الحياة.
ودعا حوالي 50 ناشطا في فرنسا من أتباع الديانة الإسلامية، إلى الانضمام إلى احتجاجات ستقودها حركة كاثوليكية غدا ضد مشروع القانون الذي من المتوقع أن تنتهي الحكومة الفرنسية من صياغته بحلول يونيو المقبل.
وطالب الموقعون على خطاب مفتوح من مثقفين ورجال أعمال وقادة روحيين بالخروج بأعداد كبيرة "للحفاظ على الإطار التقليدي للزواج"، متهمين الحكومة بمحاولة سن هذا القانون لتغطية عدم قدرتها على "محاربة البطالة".
تأتي هذه الدعوة عقب نداء مماثل أصدره اتحاد المنظمات الإسلامية في فرنسا الذي قال إن المشروع "إذا أقر فسيقوض بنيان الأسرة والمجتمع والقانون المدني بشكل خطير لا يمكن إصلاحه".
وتوقع الخبراء انه في حالة مصادقة نواب البرلمان الفرنسي على هذا القانون التاسع والعشرين الجارى سيصبح لكل شخصين "من جنسين مختلفين أو من الجنس نفسه أن يعقدا زواجهما" بفرنسا ولكن بدون الإشارة إلى حقهما في الإنجاب بمساعدة طبية لامرأتين مثليتين أو حق التبني.
وبدأ الجدل فى الأوساط الفرنسية بعد تبنى الحكومة الاشتراكية الفرنسية رسميا فى نوفمبر الماضى مشروع قانون حول زواج مثليي الجنس لتحذو حذو 11 بلدا بينها بلجيكا وكندا واسبانيا وذلك على الرغم من معارضة اليمين والكنيسة الكاثوليكية.
وقال الرئيس الفرنسي بعيد تبنى المشروع ان الزواج المثلي "سيكون تقدما ليس فقط بالنسبة الى البعض بل لكافة المجتمع".
وبحسب مشروع القانون الفرنسي "يعقد الزواج بين شخصين من جنسين مختلفين او من الجنس نفسه". ونتيجة لذلك سيحق لزوجين مثليين تبني الاطفال معا.
وبحسب استطلاعات الرأي الأخيرة، فإن غالبية الفرنسيين يؤيدون فكرة افساح المجال للزواج بين المثليين وذلك بنسبة 65% والتبني بنحو 52 %.