عبرت الجامعة العربية يوم الاحد عن دعمها القوي للمعارضة السورية التي تواصل انتفاضة ضد الرئيس بشار الاسد ودعت مجلس الامن التابع للامم المتحدة الى ارسال قوات حفظ سلام لوقف اراقة الدماء. ودعا قرار وافق عليه وزراء خارجية الجامعة العربية خلال اجتماعهم في القاهرة الى " فتح قنوات اتصال مع المعارضة السورية وتقديم كافة أشكال الدعم لها." كما دعا المعارضة السورية الى توحيد صفوفها. ويزيد القرار من عزلة الاسد بين جيرانه العرب وسيعزز الضغوط الدبلوماسية على روسيا والصين - اللتين استخدمتا حق النقض (الفيتو) لمنع صدور قرار في الاممالمتحدة ضد سوريا في الرابع من فبراير شباط - والسماح للمنظمة الدولية بالعمل. وقال الوزراء في قراراهم ان العنف ضد المدنيين في سوريا ينتهك القانون الدولي وان مرتكبيه يستحقون العقاب. وقرر الوزراء الغاء بعثة المراقبة التابعة للجامعة العربية. ولم يوضح القرار ما اذا كانت قوة حفظ السلام المشتركة من الجامعة والاممالمتحدة ستشمل قوات مسلحة مثلما كان الحال في بعثات سابقة للامم المتحدة. واذا حدث ذلك فانها ستكون المرة الثانية في اقل من عام التي تدعو فيها الجامعة العربية الى تدخل خارجي في دولة عربية. وقاد قرارها بدعم منطقة لحظر الطيران فوق ليبيا في مارس اذار الماضي الى قصف غربي لليبيا ساهم في اسقاط نظام معمر القذافي. واصبحت الانتفاضة في سوريا التي تقول الاممالمتحدة انها اسفرت عن مقتل اكثر من 5000 شخص واحدة من اعنف ثورات الربيع العربي التي تجتاح المنطقة منذ نهاية عام 2010. ودخلت الانتفاضة السورية مرحلة اكثر عنفا في الاسابيع الماضية مع قيام القوات الحكومية بشن هجوم عنيف على مدينة حمص المضطربة. وستتطلب اي مهمة لحفظ السلام اجماعا من القوى الاجنبية المنقسمة حول كيفية حل صراع ينزلق الى حرب اهلية. وتعرضت موسكو وبكين لانتقادات قوية من الغرب بعد ان منعتا مجلس الامن من دعم خطة عربية تطالب الاسد بالتخلي عن سلطاته. ونقل التلفزيون السوري عن سفير دمشق لدى الجامعة وصفه للقرار بانه "خروج فاضح على ميثاق جامعة الدول العربية وعملا عدائيا مباشرا يسعى عبر ممارسة التحريض السياسي والاعلامي الى استهداف أمن سوريا واستقرارها." وأضاف ان القرار يعكس "حالة الهستيريا والتخبط التي تعيشها حكومات دول عربية تتزعمها كل من قطر والسعودية ... بعد فشلها الاخير في مجلس الامن الدولي لاستدعاء التدخل الخارجي في الشأن السوري." وفي وقت سابق يوم الاحد قالت تونس انها ستستضيف في 24 فبراير شباط اول اجتماع لمجموعة "اصدقاء سوريا" التي تضم دولا عربية وغربية ويدعمها الغرب. وقامت مجموعة اتصال مماثلة بشأن ليبيا بدور حيوي في تنسيق المساعدات الغربية والعربية لقوات المعارضة في ليبيا العام الماضي. وقال وزير الخارجية التونسي رفيق بن عبد السلام للوزراء "الشعب السوري ليس اقل استحقاقا للحرية والكرامة من اشقائه في تونس أو مصر أو ليبيا أو غيرها." وقال وزير الخارجية السعودي الامير سعود الفيصل "الى متى نبقى متفرجين تجاه ما يحدث للشعب السوري والى متى نظل نمنح النظام السوري المهلة تلو المهلة لكي يرتكب المزيد من المذابح ضد شعبه؟" وأضاف "ان اجتماعنا اليوم مطالب باتخاذ اجراءات حاسمة وذلك بعد أن فشلت أنصاف الحلول في وقف مجزرة سوريا ." ومضى يقول "انه يتعين على الجامعة العربية ...فتح قنوات اتصال مع المعارضة السورية وتقديم كافة أشكال الدعم لها." ولم يحدد ما اذا كان ذلك الدعم سيشمل مساعدات عسكرية. وتستبعد القوى الغربية العمل العسكري رغم الادانة الواسعة لقمع الانتفاضة التي سقط خلالها الاف القتلى منذ اندلاعها في مارس اذار الماضي. وفي مدينة حمص السورية المحاصرة انهى قصف صاروخي متقطع واطلاق نار حالة من الهدوء في الهجمات التي تشنها قوات الحكومة السورية على مناطق تسيطر عليها المعارضة بالمدينة. وقال المرصد السوري لحقوق الانسان ان القصف الجديد اسفر عن مقتل اربعة اشخاص على الاقل. وقالت اللجنة الدولية للصليب الاحمر في بيان ان قافلة اغاثة تابعة للهلال الاحمر السوري وصلت الى حمص ويقوم المتطوعون بتوزيع الامدادات الغذائية والطبية والاغطية على الاف الاشخاص المتضررين من جراء العنف. وقالت رئيسة بعثة الصليب الاحمر في دمشق ماريان جاسر ان "السكان وخاصة الجرحى والمرضى يتحملون وطأة العنف." وقال الهلال الاحمر ان عمال الاغاثة يساعدون ايضا الاف الاشخاص الذين جاءوا الى بلودان بعد فرارهم من الزبداني المجاورة التي تبعد 50 كيلومترا شمال غربي دمشق. وشاركت حشود في تشييع عدد من الاشخاص الذين قتلوا في هجومين بالقنابل على موقعين عسكريين في مدينة حلب الشمالية يوم الجمعة واللذين سقطا فيهما 28 قتيلا. واستشهدت الحكومة السورية بالهجومين كدليل على صحة موقفها بانها تقاتل ارهابيين مدعومين من الخارج. وبدأ اجتماع الجامعة العربية يوم الاحد باستقالة الفريق أول السوداني محمد الدابي الذي رأس بعثة المراقبة التابعة للجامعة في سوريا. وعقد وزراء من دول الخليج العربية التي تقود حملة لعزل الاسد اجتماعات منفصلة في وقت سابق وناقشوا امكانية الاعتراف بالمجلس الوطني السوري المعارض كحكومة لسوريا. وقال مصدر خليجي انهم سيقترحون على الدول العربية اتخاذ مثل هذه الخطوة. وفي حمص هدأت حدة القصف ليل السبت وصباح يوم الاحد قبل ان تستأنف قوات الاسد قصفها الصاروخي. وقال ناشطون ان اربعة اشخاص على الاقل. ومن الصعب التحقق بشكل مستقل من تقارير الناشطين لكن تقاريرهم تشكل الاساس لمعرفة ما يدور في الصراع هناك حيث تمنع الحكومة السورية وسائل الاعلام الغربية من العمل في الكثير من اراضيها. وتفيد الانباء بمقتل 300 شخص على الاقل في الاسبوع المنصرم في مناطق المعارضة التي اغلب سكانها من السنة. وقال سكان ان الامدادات الغذائية والطبية اخذة في النفاد وان الناس محاصرون في منازلهم منذ ايام بسبب القصف المدفعي المتواصل ونيران القناصة. وتحكم عائلة الاسد التي تنتمي للاقلية العلوية سوريا منذ 42 عاما. وتولى بشار السلطة خلفا لوالده الراحل حافظ الاسد الذي توفي قبل 11 عاما لكن الامال في ان يتخذ نهجا اصلاحيا تلاشت بسبب احداث العام الماضي. ويهدد الصراع في سوريا بتفجر الصراعات العرقية والدينية والسياسية في انحاء الشرق الاوسط. وذكر دبلوماسيون في الاممالمتحدة أن السعودية قامت بتوزيع مشروع قرار يدعم مبادرة للجامعة العربية لوقف العنف في سوريا على الدول الاعضاء بالجمعية العامة للامم المتحدة. لكن مسؤولا بوزارة الخارجية السعودية نفى يوم الاحد أن تكون الرياض تقدمت بمثل هذه المبادرة. وقالت وكالة الانباء السعودية "لم يتم تقديم أي مشروع قرار باسم المملكة للجمعية العامة." وقال نائب وزير الخارجية الروسي جينادي جاتيلوف يوم السبت ان موسكو لن تؤيد أي نص "غير متوازن" في الجمعية العامة تماما مثلما حدث في مجلس الامن. في اثناء ذلك حث زعيم تنظيم القاعدة أيمن الظواهري في تسجيل مصور وضع على الانترنت يوم الاحد السوريين على عدم الاعتماد على الحكومات الغربية أو العربية في انتفاضتهم التي تهدف الى الاطاحة بالاسد. وقال الظواهري فيما يعتقد أنها ثاني رسالة من هذا النوع للمحتجين في سوريا "يا أهلنا في سوريا لا تعتمدوا على الغرب ولا أمريكا ولا على حكومات العرب وتركيا.. فأنتم أعلم بما يدبرون لكم." ووصف الظواهر الاسد بانه جزار وحث المسلمين في تركيا والعراق ولبنان والاردن على النهوض لمساعدة السوريين الذين يواجهون قوات الاسد. وخلال تشييع جثامين بعض الجنود والمدنيين الذين قتلوا في هجومي يوم الجمعة على منشاتين للجيش والامن ناشد مفتي سوريا احمد بدر الدين حسون المعارضة انهاء حملتها. كما دعا الاسد الى شن حملة للقضاء على الفساد.