أكد الرئيس محمد مرسي أهمية الدور المحوري الذي يلعبه الإعلام العربي في إحداث التفاعل الثقافي والمعرفي بين الشعوب العربية ، ودوره في الارتقاء فوق التباينات بين القوي السياسية سواء على المستوي القطري أو القومي، معربا عن استعداده لرعاية مؤتمر للإعلام العربي يعقد في القاهرة لإتاحة الفرصة للإعلاميين العرب لبحث كيفية تحقيق رسالتهم الإعلامية المنشودة. جاء ذلك خلال اللقاء الذي عقده الرئيس محمد مرسي الليلة الماضية مع مجموعة من الإعلاميين العرب الذين شاركوا في ملتقي قادة الإعلام العربي الذي اختتم في القاهرة أمس الأحد دورته الرابعة وعدد من رؤساء تحرير الصحف المصرية وقيادات اتحاد الإذاعة والتلفزيون.
وفي بداية اللقاء الذي حضره وزير الإعلام صلاح عبد المقصود والمتحدث باسم الرئاسة الدكتور ياسر علي رحب الرئيس بالإعلاميين العرب ضيوف مصر قائلا إن القاهرة دائما تحتضن الثقافة العربية والعمل الإعلامي العربي، مشيرا إلي أن اللقاء مع الأخوة العرب أمر مرحب به خاصة عندما يأتي اللقاء مع صحفيين وإعلاميين لتعميق التواصل بين العرب الأشقاء وهو ما يزيد من روح التآخي والمحبة والمصلحة المشتركة.
وقال إن الحديث عن الاعلام العربي يكتسب أهمية أكثر وقيمة أعمق وأنه عندما يتسم الإعلام العربي بالتنوع بكل ألوان الطيف فإنه يكتسب ثراء أكبر ويكون مردوده أعلى وأن قدرة الاعلام العربي على أن يجد لنفسه مكانا على خريطة الاعلام الدولي كان أمرا مهما وأننا نقدر وجوده بهذا الشكل وهذا الأداء.
وأكد الرئيس مرسي أن المحور الاعلامي يتوازي و لاينبغي أن يتعارض مع مؤسسات الدولة وبالتالي ينبغي علينا نحن المسئولين في الدول العربية وفي مصر خاصة أن نتفاعل و نتواصل ونتكامل مع الاعلام بكل الوسائل.
وأكد الرئيس محمد مرسي في اللقاء أن الإعلام هو واحد من أهم الأدوات التي يملكها العرب الذين يملكون من الإمكانيات والموارد ما يمكنهم من تحقيق ما يريدون، ونحن العرب نريد لهذه المنطقة أن تستقر اقتصاديا ونفسيا وأمنيا وخاصة ان منطقتنا تواجه العديد من التحديات مثل التحدي العلمي.
وأضاف أن الاستقرار الأمني مازال يحتاج إلى معالجة على مستوى كبير، كما أن الاستقرار الاقتصادي يحتاج إلى تكامل اقتصادي إذ يجب ان يكون هناك انتاج وسوق مشتركة وأن يتحقق التكامل بين الامكانيات المختلفة التى تتتمع بها الدول العربية، ولم يتحقق الاستقرار الاقتصادي بين دولنا العربية كما نتمنى مثلما تحقق في أوروبا على الرغم من الاختلافات بين دولها، كما أن التكامل الثقافي مهم جدا فلا توجد اختلافات بين ثقافتنا على الرغم من انها ربما تكون متنوعة ولكن اللغة وعاء جامع بيننا فاللغة العربية تعتبر حاضنا لنا جميعا فهي العمود الفقري للوعاء الثقافي ولحركة الشعوب .
وأضاف "أننا نحن العرب نريد تحقيق تجانس تعليمي وتكامل وتجانس تكنولوجي بمفهوم التكنولوجيا الحقيقي من خلال إيجاد القدرة المعرفية والاهتمام بالبحث العلمي فضلا عن التكامل الصحي، فمن المهم ان نمتلك نحن العرب دواءنا، كما ان التكامل العسكري مهم أيضا ليس من أجل الحرب وإنما من أجل ايجاد منظومة متكاملة مثل الناتو".
وعاد الرئيس مرسي ليؤكد على دور الاعلام المهم للغاية في تحقيق تجانس العرب وبلوغ أهدافهم فهو أداة ووسيلة لصياغة العقول والنفوس فلدى العرب من الامكانيات والعوامل ما يفوق أوروبا، والإعلام هو وسيلة مهمة في تنمية وتركيز وتكامل هذه الموارد فضلا عما تتحمله الأنظمة السياسية من أجل تحقيق التكامل وأنه لابد أن يدرك الساسة ضرورة إيجاد حد أدنى من التوافق، وأنه لابد من ترجمة الوحدة العربية في مجالات محددة.
وقال الرئيس "ففي السابق لم نكن نجد توافقا سوى بين وزارء الداخلية العرب ولا يتحقق مثل هذا التوافق بين وزراء الخارجية ولا وزراء الاقتصاد على الرغم من أن هناك الكثير الذي يمكن أن نحقق فيه التوافق ولابد أن نعترف بأن حالة العدوان على غزة كانت حالة استثنائية من التوافق العربي، فقد اتصلت بجميع القادة العرب وكان هناك اتفاق علي ضرورة وقف العدوان وهذا ما يعد نموذجا يجب أن يحتذى".
وقال الرئيس إنه "مازال أمامنا نحن العرب شوط كبير يجب عبوره في مجال العمل السياسي المتجانس المشترك، وهذا ليس صعبا وإنما يحتاج إلي صبر وجهد وتفهم للأوضاع، وإلي إدراك، فالتدخل في شئون الآخرين يضر في هذه الأجواء، فلابد أن نعي أن الشعوب العربية تقرر لنفسها دون تدخل من أحد"، مشددا على أن التجانس العربي لا يعني طغيانا على خصوصيات الدول التي يجب احترامها وانه يتعين البناء على المشتركات الكثيرة بيننا، والعمل التنموي يتحقق بالتجانس والتكامل والتواصل السياسي، وأن اتفاقية الدفاع العربي المشترك تحتاج إلى تجانس سياسي.
وتساءل الرئيس مرسي عما إذا كان بمقدور الاعلام العربي أن يسمو على التباينات.. "ولا أقول الخلافات ".. من أجل تحقيق الأهداف العربية؟.. فدور الاعلام مهم جدا، فلابد من ايجاد قناعة بين أصحاب هذه الصنعة، معربا عن استعداده لرعاية مؤتمر للاعلام العربي يعقد في القاهرة سواء بصفة سنوية أو نصف سنوية أو ربع سنوية من أجل تحقيق التكامل والتعاون لتعميق وتحقيق الرسالة الإعلامية.
وفي نهاية اللقاء أجاب الرئيس على عدد من الأسئة التي طرحها الاعلاميون العرب حيث نفى الاتهامات الموجهة للاخوان المسلمين بأنهم يتدخلون في الشئون الداخلية للدول، مشيرا إلي أن هذا الكلام غير صحيح وفيه إساءة للشعوب الأخرى، فالشعوب لديها القدرة علي إدارة شئونها ، وأنه سبق وأن نفى بشدة مثل تلك الاتهامات التى يراد بها التفرقة والتجزئة بين الشعوب العربية، معربا عن تقديره الكامل للشعوب في مختلف الأقطار سواء في الخليج أو غيره فالجميع يحبون أوطانهم، مشددا على أن أمن الخليج هو من أمن مصر، وقال "إننا لا نقبل علي الاطلاق أي مساس بهذا الأمن فهو أمن متكامل لا يتجزأ وأنه لابد من التأكيد على أن التدخل في الشئون الداخلية للدول أمر مرفوض".
وحول سؤال عن القفزات التي شهدها سعر الدولار في مصر أمس قال الرئيس مرسي إن الحكومة اتجهت إلي ضبط السوق الذي خضع لسيطرة لفترة طويلة وأنه يجري ضخ أموال لضبط السوق غير أن اتجاه مجموعة لشراء الدولار من السوق أمس قفز بسعره إلى 629 قرشا للدولار غير أن السوق سيعود للاستقرار، وأن الاستيراد بعقود لا تواجهه مشاكل وأنه خلال أيام سوف تتوازن الأمور، موضحا أن هذا الأمر "لا يقلقنا ولا يخيفنا وانه خلال أيام سوف تتوازن الأمور".