مصطفى عمار تذكرنى منة شلبى، بالحصان الجامح، غير القابل للتعامل سوى مع من يختاره فقط، ليمنحه فرصة ترويضه والسيطرة عليه لإخراج مخزون موهبته المختبئ خلف جموحه.
منة شلبى فى فيلم «بعد الموقعة» استسلمت ليسرى نصرالله، ليقدمها فى دور جديد عليها، فاستطاع ترويضها وإخراج ما لديها من موهبة، فأدت دور «ريم» الناشطة الاجتماعية والسياسية، بحرفية وموهبة واقتدار، يجعلونك على يقين بأنها الممثلة الوحيدة القادرة على أداء هذا الدور، ما يمنحها نقطة تفوق مهمة فى مشوارها الفنى.
من يتابع منة، يعرف جيداً أنها لا تتألق سوى فى حضور مخرجين من نفس نوعية يسرى نصرالله، اليسارى الثائر، المتمرد على فكرة تقسيم المجتمع لطبقات.. فقبل هذا بسنوات،اكتشف الراحل رضوان الكاشف منة وقدمها فى فيلم «الساحر»، راهن على موهبتها ليضعها فى مواجهة مع عملاق بحجم محمود عبدالعزيز، فتخرج منة من تجربة الساحر، وهى واضعة إحدى قدميها على أول طريق النجومية، وقبل بطولتها فى الساحر، اشتركت مع أسامة فوزى فى فيلم «بحب السيما» ورغم أنه كان تجربتها الأولى، إلا أنها تركت بصمتها الخاصة فى حضور نجوم من عينة محمود حميدة وليلى علوى وعايدة عبدالعزيز، بعدها راهنت على موهبتها المخرجة هالة خليل، ووضعتها فى تجربة ثرية أمام حنان ترك وهند صبرى بفيلم «أحلى الأوقات».. منة لم تخش وقتها مواجهة حنان وهند، وكانت نداً قوياً لهما، وربما تجاوزتهما فى مشاهد عديدة بالفيلم، لتؤكد أنها موهبة من نوعية خاصة، لتخرج بعد ذلك من التجربة لتؤكد أنها واحدة من نجمات الصف الأول، وقتها لم يتردد خان الذى يقدم سينما مختلفة دائماً فى أن يجعل منة بطلة لفيلمه «بنات وسط البلد» مع هند صبرى، ونجحت منة فى تقديم نموذج للفتاة التى تنتمى للطبقة المطحونة،والتى تبحث عن فرصة للخروج من هذه الطبقة بحثاً عن حياة أكثر سعادة وراحة، منة بعدها كانت قد وصلت لمرحلة النضوج فقدمها خالد يوسف فى فيلم «أنت عمرى» أمام هانى سلامة ونيللى كريم، وقدمت بحرفية واقتدار دور الزوجة التى تفقد زوجها مرتين، مرة بسبب المرض المميت «سرطان الدم» ومرة بسبب حبه لفتاة أخرى مريضة شاركته العلاج، أداء منة فى هذا الفيلم وصل لمرحلة من النضوج والرقى، جعل خالد يوسف ينتبه إلى أنه أمام موهبة لا تتكرر كثيراً فراهن عليها فى «ويجا» الذى لم تستفد منه نهائياً وكان خطوة سلبية فى مشوارها هى وهند صبرى، وبعدها رشحها خالد يوسف للوقوف كبطلة لفيلم «هى فوضى» آخر أفلام يوسف شاهين بمشاركته، لتكون منة خلال الفيلم رمزاً لمصر المنكسرة والمهزومة من بطش السلطة وفسادها، بعدها غاب وهج منة السينمائى لعوامل خارجة عن إرادتها، لتعود مؤخراً بفيلم يحمل توقيع يسرى نصرالله، وهو «بعد الموقعة»، لتؤكد منة أنها لا تجيد التعامل سوى مع المخرجين الذين يحملون رؤية ويضعون بصمة على الممثل الذى يتعاون معهم، فتمنح أعمالهم النجاح، ويمنحونها الخبرة التى تدربت جيداً على التقاطها والاستفادة منها، لتصبح واحدة من الممثلات القليلات اللاتى وقفن أمام أهم مجموعة من المخرجين فى السينما المصرية، وهو ما يضعها فى مكانة خاصة بين بنات جيلها.. منة ستظل الفرس الجامح الذى يبحث عن مخرج يروضه ليقدم به «شو» تمثيلى يصعب على أى ممثلة أخرى تقديمه لأنها تفتقر لموهبة وجموح منة شلبى!