قال محققو الأممالمتحدة لحقوق الإنسان أمس الأربعاء إن القوات الحكومية السورية ومليشيا الشبيحة ارتكبت جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، من بينها قتل المدنيين وتعذيبهم في إطار سياسة يبدو أنها موجهة من الدولة. وقال المحققون إن مقاتلي المعارضة السورية الساعين للإطاحة بنظام الرئيس بشار الأسد ارتكبوا أيضا جرائم حرب من بينها الإعدام, لكن الانتهاكات "لم تصل إلى خطورة وتواتر ونطاق" الانتهاكات التي ارتكبها الجيش الحكومي وقوات الأمن.
ودعا التقرير مجلس الأمن الدولي إلى اتخاذ "الإجراءات المناسبة" بالنظر إلى خطورة الانتهاكات الموثقة التي ارتكبتها جميع الأطراف أثناء الصراع الذي بدأ قبل 17 شهرا, وقال المحققون إنه تحول إلى حرب أهلية.
وقالت المحققة الأميركية الرئيسة السابقة لوكالة "أونروا" كارين أبو زيد "خلصنا إلى أن الطرفين ارتكبا جرائم حرب, وبطبيعة الحال كانت الجرائم أكبر عددا وأكثر تنوعا في الجانب الحكومي".
كما قال رئيس لجنة التحقيق باولو بينيرو إن الجيش الحكومي السوري الذي يضم 300 ألف جندي استهدف المناطق التي يسيطر عليها مقاتلو المعارضة في المدن بالأسلحة الثقيلة وطائرات الهليكوبتر, وأضاف أن لديه "ما هو أكثر بكثير من الوسائل التي ترتكب بها جرائم الحرب مثل قصف السكان المدنيين".
وأضاف أنه إلى جانب الأدلة "لدينا أسماء مرتبطة بالأدلة, لكننا لسنا هيئة قضائية أو هيئة ادعاء", مشيرا إلى أن هذه مشكلة تخص مجلس الأمن الدولي وليس لجنة التحقيق.
وأجرى المحققون المستقلون أكثر من ألف مقابلة أغلبها مع لاجئين أو منشقين سوريين فروا إلى دول مجاورة, وذلك على مدى العام الأخير قبل صياغة هذا التقرير الذي يقع في 102 صفحة لرفعه إلى مجلس حقوق الإنسان التابع لمنظمة الأممالمتحدة.
وقال التقرير إن اللجنة وجدت أسبابا منطقية للاعتقاد بأن القوات الحكومية والشبيحة ارتكبوا جرائم ضد الإنسانية تشمل القتل والتعذيب, وجرائم حرب وانتهاكات جسيمة للقانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي، تشمل القتل غير المشروع والتعذيب والاعتقال والاحتجاز التعسفيين والعنف الجنسي وشن هجمات دون تمييز ونهب الممتلكات وتدميرها.
وأضاف أن أفراد القوات الحكومية والشبيحة اغتصبوا رجالا ونساء وأطفالا في أعمال يمكن ملاحقة مرتكبيها قضائيا كجرائم ضد الإنسانية, وقال المحققون إن القوات الحكومية استهدفت عمال إغاثة تابعين للهلال الأحمر العربي السوري, وهي جريمة حرب.
وقال التقرير إن الأدلة أكدت نتيجة تم التوصل إليها سابقا، وهي أن "الانتهاكات ارتكبت تنفيذا لسياسة رسمية", وأضاف أن "العمليات الواسعة النطاق التي نفذت في محافظات مختلفة وتشابه أسلوب تنفيذها وتعقيدها والتكامل بين الجهازين العسكري والأمني تشير إلى ضلوع أعلى المستويات في القوات المسلحة وقوات الأمن والحكومة".
وأشار التقرير كذلك إلى أن مقاتلي المعارضة قتلوا أسرى من عناصر الجيش والشبيحة ومن يشتبهون بأنهم وشاة, ونفذ القتل أحيانا بعد "محاكمات صورية", مضيفا أن "إعدام سجين دون توفير الضمانات القضائية الأساسية يعد جريمة حرب".
وشدد التقرير على أن القوات الحكومية ومقاتلي المعارضة كشفوا عن "أساليب أكثر وحشية, وقدرات عسكرية جديدة" مع تصاعد القتال في الأشهر الأخيرة.
وقال المحققون بعد أن استكملوا تحقيقاتهم في مجزرة الحولة شمالي حمص التي وقعت في مايو/أيار الماضي إن القوات الحكومية وعناصر الشبيحة مسؤولون عن قتل أكثر من 100 مدني, وإن 41 طفلا كانوا من بين ضحايا المجزرة, وقتل بعضهم أثناء القصف, "لكن الأغلبية قتلوا رميا بالرصاص من مسافة قريبة فيما يبدو".
وقالت اللجنة إنها ستقوم بتحديث القوائم السرية للمشتبه بهم أو الوحدات المسؤولة عن الانتهاكات وتسليمها إلى مفوضة حقوق الإنسان في الأممالمتحدة نافي بيلاي حين ينتهي تكليفهم الشهر القادم.