يردد البعض عبر وسائل الإعلام المختلفة مقوله مؤداها " أن حكم المحكمة الدستورية العليا القاضى بعدم دستورية بعض مواد القانون رقم (38) لسنة 1972 فى شأن مجلس الشعب قاصر على بطلان النصوص القانونية التى أجريت بناء عليها انتخابات نسبة الثلث المخصصة للنظام الفردى فقط ، وأن الحكم المنوه عنه لم يتطرق إلى نسبة الثلثين المخصصة لنظام القوائم الحزبية المغلقة ، بما يعنى أن المحكمة الدستورية لم تقض فى حكمها هذا ببطلان تكوين مجلس الشعب بكامله " وحيث إن هذه المقوله لا تتفق مطلقاً مع ما جاء بحيثيات حكم المحكمة الدستورية العليا المشار إليه ، فوجدنا إنه من الأمانة والواجب علينا أن نوضح حقيقة هذه المسألة التى شغلت ولا تزال تشغل بال المجتمع المصرى بأسره ، وذلك منعاً لإثارة الفتن والقلاقل بين الناس بما يؤثر بالسلب على الحياة السياسية فى مصر
وفى البداية نشير إلى أن حكم المحكمة الدستورية العليا المنوه عنه قد انتهى إلى القضاء بما يلى :- أولاً : بعدم دستورية نص الفقرة الأولى من المادة الثالثة من القانون رقم (38) لسنة 1972 فى شأن مجلس الشعب المستبدلة بالمرسوم بقانون رقم (120) لسنة 2011
ثانياً : بعدم دستورية ما تضمنه نص الفقرة الأولى من المادة السادسة من هذا القانون المستبدلة بالمرسوم بقانون رقم (108) لسنة 2011 من إطلاق الحق فى التقدم بطلب الترشيح لعضوية مجلس الشعب فى الدوائر المخصصة للانتخاب بالنظام الفردى للمنتمين للأحزاب السياسية إلى جانب المستقلين غير المنتمين لتلك الأحزاب
ثالثاً : بعدم دستورية المادة التاسعة مكرراً (أ) من القانون المذكور المضافه بالمرسوم بقانون رقم (108) لسنة 2011 فيما نصت عليه من تضمين الكشف النهائى لأسماء المرشحين بالنظام الفردى بيان الحزب الذى ينتمى إليه المرشح 0 رابعاً : بعدم دستورية نص المادة الأولى من المرسوم بقانون رقم (123) لسنة 2011 بتعديل بعض أحكام المرسوم بقانون رقم (120) لسنة 2011 ، وبسقوط نص المادة الثانية من المرسوم بقانون المشار إليه
وقد أشارت المحكمة الدستورية العليا فى هذا الحكم إلى أن العوار الدستورى الذى أصاب النصوص المطعون فيها يمتد للنظام الإنتخابى الذى سنه المشرع بكامله ، سواء فى ذلك نسبة الثلثين المخصصة لنظام القوائم الحزبية المغلقة أو نسبة الثلث المخصصة للنظام الفردى
كما أكدت المحكمة الدستورية العليا فى قضائها على أن انتخابات مجلس الشعب قد أجريت بناء على نصوص ثبت عدم دستوريتها ، ومؤدى ذلك ولازمة - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – أن تكوين مجلس الشعب بكامله يكون باطلاً منذ انتخابه ، بما يترتب عليه زوال وجوده بقوه القانون اعتباراً من التاريخ المشار إليه دون حاجة إلى اتخاذ أى إجراء آخر ، كأثر للحكم بعدم دستورية النصوص المتقدمة ، وإنفاذاً لمقتضى الإلزام والحجية المطلقة للأحكام الصادرة فى الدعاوى الدستورية فى مواجهة الكافة وبالنسبة إلى الدولة بسلطاتها المختلفة طبقاً لصريح نص المادة (49) من قانون المحكمة الدستورية العليا
ولا شك أن حيثيات حكم المحكمة الدستورية العليا الصادر فى هذا الصدد - والتى عرضنا لها - تؤكد بعبارات واضحة وصريحة وقاطعة أنها قضت ببطلان تكوين مجلس الشعب بكامله
وقد يقول قائل بأن قرار المحكمة الدستورية العليا بخصوص بطلان تكوين المجلس بكامله ، قد جاء فى أسباب الحكم ولم يتضمنه منطوق الحكم الذى يحوز حجية مطلقة فى مواجهة جميع سلطات الدولة والكافة
والحقيقة أن هذا القول مردود بأن الحجية تثبت لمنطوق الحكم الصادر من المحكمة الدستورية العليا كما تثبت أيضاً للأسباب المرتبطة بالمنطوق أرتباطاً وثيقاً بحسبانها أساساً ضرورياً له أو لكونها مكملة أو مفسره له ، فقد يحدث كثيراً فى الواقع العملى ألا يتضمن منطوق الحكم سوى جزء مما قرره القاضى ، ويرد الجزء الآخر فى الأسباب ، فيكون جزءاً من قضاء الحكم ، ومن ثم لا تقوم للمنطوق قائمة إلا بتلك الأسباب ،فهى جزء وثيق الصلة به لا تنفصل عنه