قالت دار الإفتاء المصرية إن الدية شرعًا هي المال الواجب في النفس أو فيما دونها، والأصل في وجوبها قوله تعالى: "وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلَّا خَطَأً وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلَّا أَنْ يَصَّدَّقُوا" [النساء: 92]. وأضافت الإفتاء في إجابتها عن سؤال "ما دية القتل الخطأ في حادث بالطريق السريع؟ وهل يُعَدّ التأمين الإجباري من الدية؟ وهل تجزئ مصاريف العلاج للمصاب قبل موته بسبب الحادث عن الدية أم يتحملهما جميعا؟ وهل على مَن رفض دفع الدية من العاقلة إثم؟ أن السنة المطهرة بينت الدية فيما رواه النسائي عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن أبيه عن جده «أن رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- قد كتب كتابا إلى أهل اليمن جاء فيه: أن من اعتبط مؤمنا قتلا عن بينة فإنه قَوَد إلا أن يرضى أولياء المقتول، وأن في النفس الدية -مائة من الإبل-... إلى أن قال -صلى الله عليه وآله وسلم-: وأن الرجل يُقتَل بالمرأة، وعلى أهل الذهب ألف دينار». واستطردت: والتأمين المُعطى في مثل هذه الحالات يكون بمثابة جزء من الدية، ولا يجزئ مصاريف العلاج قبل الموت عن الدية ولا تُخصَم منه، فيتم تحملهما جميعا؛ وأما الدية فعلى العاقلة على ما تم توضيحه. وأوضحت: وقد أجمعت الأمة على وجوبها، والدية الواجبة شرعًا في القتل الخطأ هي ألف دينار من الذهب، أو اثنا عشر ألف درهم من الفضة، وعلى الأخير الفتوى في عصرنا وبلدنا. ودرهم الفضة عند الجمهور جرامان وتسعمائة وخمسة وسبعون جزءا من الألف من الجرام، فيكون جملة ما هنالك خمسة وثلاثين كيلوجراما وسبعمائة جرام من الفضة، تُعطى لأهل القتيل أو تُقَوَّم بسعر السوق، وتدفع لهم طبقا ليوم ثبوت الحق رِضاءً أو قَضاءً، وتتحملها عاقلة القاتل -أي عصبته- وتُدفَع مقسطة فيما لا يزيد عن ثلاث سنوات، إلا إذا شاءت العاقلة دفعها مُنَجَّزة، فإن لم تستطع فالقاتل، ومن كان مستطيعا فلم يدفع يأثم بذلك، وتبقى ذمته مشغولة به حتى يتم دفعه أو يعفو ورثة المقتول، فإن لم يستطيعوا جميعا فيجوز أخذ الدية من غيرهم، ولو من الزكاة. وتابعت: ودية الأنثى على النصف من دية الذكر: أي سبعة عشر كيلوجراما وثمانمائة وخمسون جراما من الفضة أو قيمتها.والتصالح في أمر الدية بالعفو أو بقبول قيمة أقل أمر مشروع بنص القرآن الكريم، وقد فوَّض الشارع الحكيم لأهل القتيل التنازل عن الدية أو عن بعضها تخفيفا عن القاتل إن لم يتيسر دفعها أصلا أو دفعها كلها، ولا فرق في الدية بين أن يكون القاتل كبيرا أو صغيرا أو رجلا أو امرأة؛ لأن القتل متحقق في كل الأحوال. وقبول الدية جائز شرعا؛ لأنها حق لأهل القتيل فلهم قبولها أو التنازل عنها أو التصالح على جزء منها؛ يقول الله سبحانه: { فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ ذَلِكَ تَخْفِيفٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ} [البقرة: 178].