تمتاز محافظة الأقصر بخصوصية شديدة كونها غنية بآثار كثيرة للدرجة التي جعلتها تحتوي على سدس آثار العالم، مما جعلها تتمتع بمعدلات مرتفعة لزيارة الأماكن الأثرية، مما ترتب عليه تدفق سياحي غير مسبوق، كل هذا تغير بالتأكيد بعد الثورة وما تبعها من أحداث، ما هو حال آثار الأقصر حاليا وما صحة خطأ تسمية "طريق الكباش"، وغيرها من الأسئلة أجاب عنها منصور بريك، مدير عام آثار الأقصر في حواره مع "صدى البلد".. وإلى نص الحوار: * ما الوضع حاليا في آثار الأقصر؟ ** الأقصر التي بها سدس آثار العالم وثلث آثار مصر كانت من أقل المناطق والمواقع التي تعرضت للسرقة والتخريب خلال الأحداث التي أعقبت ثورة 25 يناير، وكان لأهالي الأقصر نفسها الدور الأكبر في حدوث ذلك، حيث إنهم ساهموا في حماية المواقع الأثرية، وأذكر في هذا معبد الكرنك الذي تعرض لمحاولة تخريب وسرقة من البعض ولم يكن أمامي إلا أن أسرعت إلى ميكروفون أحد المساجد وأطلقت نداءً لأهالي الأقصر اللذين هبوا وحموا المعبد، كما أن البعثات الأثرية العاملة في الأقصر وعددها حوالي 30 بعثة لم يتوقف أي منها عن العمل في ظل الظروف إلي تمر بها مصر ولا تزال. * وماذا عن معدلات التدفق السياحي؟ ** الأقصر لن تموت، ورغم الظروف والأحداث فإن حركة السياحة بها جيدة وفي طريق العودة لسابق عهدها، خاصة أن آثار الأقصر ساحرة وتمثل عامل جذب سياحيًا مهمًا وقبلة لكل سائحي العالم، وأدلل على كلامي بمعدل زيارة معابد الكرنك الذي كان يبلغ من 5 إلى 6 آلاف سائح يوميا قبل الثورة، وانخفض بشدة في الفترة التي أعقبت الثورة مباشرة، وحاليا يصل إلى 2500 سائح يوميا، وهو معدل ليس سيئا بالنسبة لمكان مثل الكرنك في ظل الظروف الحالية. * ظهرت مؤخرًا مطالبات عديدة بضرورة الاستغناء عن المعونة الأمريكية.. ما رأيك في ذلك.. خاصة أن المعونة ساهمت في مشروعات أثرية كبيرة في الأقصر؟ ** لن أتحدث عن الجانب السياسي لهذا الموضوع، وفيما يتعلق بالآثار ساهمت المعونة الأمريكية مع هيئة مياه الشرب والصرف الصحي في مشروعين مهمين جدا لحماية آثار الأقصر، ولولا هذين المشروعين لكنا نعاني الآن من خطر المياه الجوفية على الآثار. وفي عام 2007 أنهينا المشروع الأول بتكلفة 60 مليون جنيه لتخفيض المياه الجوفية علي معابد الأقصر والكرنك، حيث إنها كانت قد وصلت لمستوى خطير جدا، خاصة أن تلك المعابد مشيدة من الحجر الرملي النوبي الذي يتمتع بالخاصية الشعرية التي تؤدي إلى امتصاص الحجر للمياه، وكان لابد من مشروع لحماية المعابد من تلك المياه التي تعد الأراضي الزراعية المحيطة بها هى السبب الرئيسي فيها وخفضنا المياه تحت المعابد حتى 3 أمتار ونصف المتر وهو المستوى الآمن، حيث تقوم محطات المياه بطريقة آلية في حال زيادته عن ذلك بتخفيض المياه حتى هذا المستوى الذي لا يمكن تجاوزه لأقل من ذلك وإلا انهارت المعابد. نفس المشكلة أيضا ظهرت في معابد وآثار البر الغربي، وقمنا بالتعاون مع المعونة الأمريكية وهيئة مياه الشرب والصرف الصحي بعمل مشروع تخفيض المياه الجوفية انتهى آخر العام الماضي، إلا أننا بعد امتصاص المياه الجوفية وتخفيضها فاجأتنا مشكلة أخرى وهى ظهور الأملاح على جدران ونقوش المعابد بعد جفاف المياه، وبدأنا بالتعاون مع مركز البحوث الأمريكي مشروعًا لاستخلاص وامتصاص الأملاح تلك وبدأنا بمعابد الأقصر والكرنك وسننتهي منها خلال أيام. * هل هناك مشروعات أخري يعمل بها أمريكيون في الأقصر؟ ** في البر الغربي تقوم بعثة أمريكية فرنسية مشتركة بترميم مقبرة "مرنبتاح" ابن "رمسيس الثاني"، بما فيها التابوت الذي قامت البعثة بالترميم الرائع له وتجميعه، حيث كانت أجزاء كثيرة منه مكسورة ومفصولة عن التابوت، وحاليا يجري الإعداد لتركيب نظام إضاءة حديثة للمقبرة. كما يقوم مركز البحوث الأمريكي حاليا بترميم معبد الإله "خنسو" ابن الإله "رع" والذي يعد من أجمل وأروع المعابد الموجودة ضمن معابد الكرنك، وقد انتهينا من نقوشه وسيتم افتتاحه أمام الزيارة السياحية خلال الفترة المقبلة مع طريق الكباش. * على ذكر طريق الكباش.. ما هو الوضع الحالي له؟ ** انتهينا من ترميم وتطوير جزء كبير منه سيتم افتتاحه آخر الشهر الحالي ليكون دليلا قويا على أن العمل في آثار الأقصر متواصل من الجميع مصريين وأجانب. والاسم الحقيقي للطريق هو "طريق أبو الهول" نظرا لأن التماثيل المتراصة على جانبيه على شكل أبو الهول، أما تسمية"طريق الكباش" خاطئة وأول من أطلقها د. محمد عبد الهادي، الذي كان رئيسا لخبيئة الآثار وأول من اكتشف الجزء الأول من الطريق أمام معبد الأقصر، وتلك التسمية أطلقها على الطريق لأن التماثيل في القطاع السادس منه جاءت على شكل الكباش. * هل شهدت الأقصر ثورات في التاريخ الفرعوني؟
** أثناء حكم الأسرة 17 كانت مصر محتلة من الهكسوس، ومن طيبة "الأقصر" انطلقت شرارة الثورة ضدهم بشكل قوي وعنيف للدرجة التي جعلت ملك الهكسوس يبعث برسالة تهديد لحاكم طيبة خطابا حوى عبارة شهيرة جدا في التاريخ والنصوص المصرية القديمة وهى "أصوات أفراس النهر في طيبة تزعجني في أواريس، أخرس أفراس النهر وإلا أتيت لأخرسها بنفسي"، وهو لم يقصد أفراس النهر بقدر ما كان يعني الثوار المصريين من أبناء الأقصر الذين ثاروا بعنف ضد احتلال الهكسوس، مما جعل ملكهم يربط بين الثوار وفرس النهر الذي كان يرمز للشر في مصر القديمة. ويعد "سقنن رع"، أحد ملوك الأسرة 17، أول شهيد في نضال وثورة الأقصر ضد الهكسوس، ومومياؤه موجودة بالمتحف المصري، حيث إن الجهة اليمني من رأسه بها آثار واضحة لضربة بآلة حادة والجهة اليسرى عليها آثار ضربتين، وكلها نتيجة للثورة والنضال ضد احتلال الهكسوس.