كأن ثورة جمال انطلقت من قلب الرجل .. ثورة حب اشتعلت ثارت وتأججت فما تركت فى مصر قبيحا الا وازالته .. ثورة ثارت بها نفس رائعة تواقة للجمال .. للحب . .. للخير فملأت مصر جمالا . رٌدِمت البرك .. أزيلت الانقاض .. خلية عمل فى القاهرة ترسم بريشة بديعة ايات الجمال والأبهة .. والفنان الذى رسم باريس هو الذى سيرسم القاهرة !. عجيب أمرك يا سيدى اترى القاهرة فى مكانة باريس؟! لسان حالك يقول: بل هى اجمل من باريس، لسان حالك يقول: انها احب من باريس واروع من باريس وابدع من باريس، وسأجعلها تفوق الدنيا كلها جمالا وبهاء وروعة وحسنا، ويوما سأجعل أمبراطورة فرنسا أوجينى زوجة الامبراطور نابليون الثالث تنبهر بجمال القاهرة الذى لم ترى مثله، وستظل بقية حياتها تذكر جمال القاهرة . والعمل بدأ فى مصر التى قامت تتزين للدنيا، فهنا حديقة للاسماك تمتع الناظر اليها من بديع الوانها لتكون فى قلب القاهرة لبنة رائعة فى صرح الجمال القاهرى، وحديقة للحيوان بجوار حديقة الاورمان، وفى الاورمان ساجلب الشجر البديع من كل مكان، وفى حديقة الحيوان ستعيش الاسود بجوار الغزلان فى أمان. وفى الزمالك سأزيل العشش والاخصاص التى كانت بها، لتبنى القصور الفخمة التى تليق بالقاهرة وسيكتب للزمالك زمانا من العظمة حيث يسكنها علية القوم، بعد ان كانت تحيط بها العشش والاخصاص التى لا تختلف فى مظهرها عن حال أهلها . فى الزمالك سأبنى قصر الجزيرة البديع الرائع وستتصل الزمالك بالجيزة بكوبرى البحر الاعمى، ثم بكوبرى اسماعيل لربط الزمالك بالقاهرة وستتصدره أربعة أسود نحتت فى ايطاليا خصيصا للقاهرة . وسيأتى جوستاف ايفل ليصمم بيده الفنية كوبرى ابو العلا، لا أريده ان يكون مجرد كوبرى للعبور فقط، ولكن اريده ان يكون تحفة فنية تتزين به القاهرة . وسأصل بهذا الجمال الى حلوان فانشأ فى الشمال الغربى منها قصر الوالدة باشا لتتجه إليها اعين الاثرياء وسأمد خطاً للسكك الحديدية يربط بين حلوان والقاهرة وانشأ طريقا يربط حلوان بالنيل لتصبح حلوان من أجمل مدن الدنيا ولتكون قبلة للاثرياء والسياح يقصدونها للمرح وللاستشفاء . واليوم يا مصر سيبدأ لك عهد جديد بدار للكتب وبإنشاء المتاحف والمسارح والجمعيات العلمية ودار الاثار العربية ومدرسة الالسن ودار العلوم. وليقم عبده الحامولى ليشدو بصوته الجميل، ومعه المظ ليكونا حلقة فى سلسلة الجمال التى احاطت مصر فى هذا الزمان زمانى انا الخديو اسماعيل بن ابراهيم بن محمد على. واليوم يا سيادة الخديو نرثى تلك الايام الرائعة من زمانك، نرثى قلبك الجميل ويدك التى رسمت لمصر لوحة رائعة، رسمت يداك فى القاهرة جمالا والله جميل يحب الجمال، فماذا فعلنا وما الذى فعل بنا؟! مات الجمال وطالت يد القبح كل مكان، فما عادت العين تقع على شىء جميل غير النيل، وطال القبح كل مكان فما عادت حلوان هى حلوان بل اصبحت بفعل فاعل مكان للاوبئة والامراض، حيث مصانع للاسمنت واخرى للحديد والصلب واخرى للكوك واخرى للحرريات واخرى للمعادن واخرى واخرى واخرى وكل يدلى بدلوه وكل اناء ينضح بما فيه، امتدت اليها الفساد فى الهواء والماء فما عاد فيها شىء جميل وما عاد فى القاهرة شىء جميل. القاهرة التى استقبلت فى زمانك الامبراطورة اوجينى ملكة فرنسا وزوجة الامبراطور نابليون الثالث، لتنبهر بالقاهرة وبالحفل الاسطورى لافتتاح قناة السويس فلم ترى وهى ملكة فرنسا جمالا مثل هذا الجمال، ولم تنسى تلك الايام الرائعة التى قضتها فى القاهرة . وانتشر القبح فملأ الشوارع والميادين، وبسط القبح نفوذه على كل شى، فى سلوكيات الناس وفى كلامهم، حتى الفن اصبح مرتعا للالفاظ النابية والسلوكيات القبيحة. ثم جاء اليوم الذى يأتينا فيه ذلك المخلوق الهندى القبيح الصورة ، دون ان يعترض على وجوده احد، ذلك المخلوق ذو المظهر القبيح الدميم الذى يستفذ فينا اذواقنا فلا هو منا ولا نحن منه كائن غريب علينا نحن عشاق الجمال نحن اهل النيل ذلك المخلوق المسمى بالتوكتوك الذى به اكتملت منظومة القبح وبه وضعت اخر لبنة فى صرح القبح. فرحمك الله يا سيدى ورحم الله زمانك، ولنا أمل فى رجل قادم يحمل حب مصر فى قلبه وسيحمل بيده شعلة الجمال يزين بها القاهرة، فتعود كما كما كانت باريس الشرق .