أثناء عدوان 1956 على مدينة بورسعيد، قامت المقاومة الشعبية بتخزين أسلحتها نهارا لتقاتل بها ليلا.. حاولت قوات الاحتلال معرفة مصدر الأسلحة ولكنها فشلت، وتقدم أحد الخونة واسمه "القاضى" وأبلغ قوات الاحتلال عن مخزن السلاح، وفى صباح اليوم التالى تقدمت قوات الاحتلال برفقة الخائن، واقتحموا مخزن السلاح وكان يقع فى أحد المحال خلف مسجد علوان بحى العرب، وأخرجوا سلاح المقاومة، حاول الخائن ركوب المدرعات معهم، و لكنهم رفضوا و تركوه وكان على أحد المحال العلم المصرى الأخضر ذا الهلال والنجوم البيضاء، أحرقته قوات الاحتلال وتركته يشتعل على الأرض. وقف الخائن وبجانبه العلم يحترق.. فى هذه اللحظات كانت عيون الآلاف من أبناء المدينة تراقبه من خلف النوافذ المغلقة، ومن جميع أماكن الرؤيا خلف جدران المباني، وقف الخائن بذهول وهو يرى الأعداء يرفضون دفع مقابل خيانته حتى حمايته!! فجأة تدفقت الجماهير متجهة إلى الخائن وبجانبه العلم المحترق، تم سحل الخائن وساروا به إلى رصيف القنال الداخلى بشارع 100 القريب من مخزن السلاح وأحرقوه وتهتف الجماهير بحياة مصر، وظلت النيران مشتعلة في جسده، وجاء الدور على أطفال المدينة ليروا الخائن يحترق، وبعد عدة أيام كنا نذهب لنرى جثمان الخائن والذباب الأزرق كبير الحجم يلتهم جسده.. هذا هو الخائن المحترق، والعلم الذى أحرقته قوات الاحتلال. وبعد أكثر من خمسين عاما، أحرق بعض من سموا أنفسهم ثوار العلم المصرى العظيم بميدان التحرير رمز الثورة المصرية، حيث سالت دماء الشباب المصرى الذى كان يحلم بالحرية والعدالة.. من يصدق أن العلم المصرى يحرقه من يسمون أنفسهم ثوار؟؟ إذا كان هناك بعض من أحرقوا العلم الوطنى خلف القضبان وهناك من يبكون عليهم ويطالبون بالإفراج عنهم، فمن يعيد لنا كرامة العلم المحترق؟ إن هذا العلم نفسه سقط تحته الآلاف من الشباب المصرى وهو يقتحم قناة السويس ويحطم أسطورة الجيش الذى لا يقهر، لقد قهر هذا العلم جيش إسرائيل نفسه، فكيف تحرقه جماعة تسمى نفسها الثوار؟ إن أعداء البلاد لم يحرقوا علمنا فى ميادين القتال؛ فكيف تحرقوه يا ثوار هذا الزمان فى ميدان التحرير؟؟ لكن السؤال هنا عن الذين يتباكون على من هم خلف القضبان، هل إحراق العلم المصرى هو استكمال للثورة وعملية مهمة لإقامة الحرية والكرامة الإنسانية؟؟ ليعلم من لا يعلمون أن جميع هذه الزنازين وأسماء السجون كنت ضيفا دائما لديها، ولم أحرق العلم بل كنت أدافع عن حرية الإنسان وكرامته، ولم يكن هناك من يبكى علينا سوى دموع الفقراء والوطنيين الذين يعشقون هذا الوطن. لم نسمع فى تاريخ الحركة الوطنية عن أسماء العملات النقدية "شيكل دولار يورو" بل كان أكثر ما نعرفه هو "الحياة العامة"، حيث يعيش آلاف المعتقلين فى حياة متساوية كأسنان المشط!! إن بعض الثوار لا يعلمون أن موائد السفارات الأجنبية المعادية للوطن تمثل مستنقعات الخيانة للشعب المصرى، وهم فى نفس الموقف الخائن الذى اتخذه الخائن "القاضى" عندما أرشد الأعداء عن أسلحة المقاومة الشعبية.. نقول لكل الخونة الذين باعوا وطنيتهم وأحرقوا علمنا، وبعضهم خلف القضبان، أليس ما حدث لكم أكثر رحمة مما حدث للخائن "القاضى" أثناء عدوان 1956؟؟