مثل المؤتمر الصحفي الذي نظمه المجلس الأعلي للقوات المسلحة للتعليق علي أحداث مجلس الوزراء التي راح ضحيتها12 شخصا وجرح المئات, انموذجا لثقافة التبرير والتعالي التي قادت شعوبا للتهلكة, وجاء كصورة كربونية من المؤتمر الصحفي الذي اداره باقتدار وزير خارجية سوريا وليد المعلم منذ فترة حين جلس امام حفنة من الصحفيين'' موظفي الاعلام الرسمي'' يلقنهم درسا في مصداقية الاعلام والمؤامرات الخارجية وكيف أن النظام السوري'' حديد'' وكان الدليل مجموعة مقاطع من اليوتيوب التي شاهدنا بعضها قبل هذا الحدث بأشهر, خاصة مقطع المصري المسكين الذي تم قتله وصلبه في إحدي قري لبنان بتهمة اغتصاب وقتل امرأة وبناتها, ومقاطع آخري كشف عنها لاحقا بأنها تخص المقاومة اللبنانية. الشيء المختلف أن وليد المعلم كان هادئا منكسرا, بينما الشخص الذي'' قاد'' مؤتمر المجلس الأعلي' استأسد'' علي الحضور وكأنه في اجتماع مع ضباطه فلا نفس ولا همس, ولا حوار ولا مقاطعة من أحد, في حين سمح لنفسه بمقاطعة الجميع والصراخ عليهم في استعلاء وغضب غير مسبوق. مثلما كان الحال في مؤتمر وليد المعلم ومؤتمر أحداث ماسبيرو كانت الحقيقة المطلقة هي تلك التي نسمعها من افواههم وهي التي نراها في مقاطع الفيديو هات التي يعرضونها. وكرر المتحدث في المؤتمر الصحفي الاخير الحديث عن الفئات المندسة التي تم تغيير كنيتها لتصبح'' الطرف الثالث'', وان بعض المتظاهرين كان يحمل الاسلحة البيضاء والاسلحة النارية. قوات الشرطة العسكرية التي كانت تؤمن مبني ماسبيرو وكذلك في التحرير لم تطلق النيران ولم تدهس أحدا, لأن الجيش لا يمكن أن يوجه نيرانه إلي الشعب وهناك تعليمات صريحة بضبط النفس! ومع تطابق هذه المؤتمرات نود توجيه نفس الاسئلة التي طرحتها المعارضة السورية علي وليد المعلم وهي: * إذا كان المجلس العسكري بريئا من كل هذه الاحداث فلماذا لم يتم القبض علي البلطجية وسجنهم أليس هذا من صميم عمله في الحفاظ علي الأمن القومي. * إذا كان هناك أحد الاشخاص او الفصائل في الدولة التي لها يد في كل هذه الاحداث فلماذا لم يتم القبض عليهم بعد كل هذه الفترة والاحداث التي يقتلون فيها المواطنين ويحرقون فيها الوطن؟ * إذا كانت عملية الاحتكاك مع المتظاهرين تزيد من عصبية الجنود وفقدان السيطرة عليهم, فما فائدة الانضباط والقيم العسكرية؟ * الي متي سوف تستمرون في التبرير وتقديم الحجج دون النظر الي لب المشكلة ومصادرها وتضعون لها حلولا. الغريب أن المؤتمر الاخير ركز علي حريق المجمع العلمي, ومع أسفي الشديد لما احترق وهو ما لايقدر بثمن, فقد أسفنا من قبل وخلال عقود من استغفال المصريين واستباحة آثارهم في معارض ومتاحف متنقلة وفي هدايا وتذكارات ومن تصوير برامج وأفلام داخل المواقع الاثرية وترميم غير مطابق للمواصفات واهمال وترك الاثار حتي تتهدم او تحترق. قد يثير اختيار هذا المبني لإحراقه تساؤلا عن مغزي لما لها من ردود أفعال علي الشعب المصري العاطفي في تشتيت صفوفه وإحداث حالة من'' القرف''تجاه الثوار, لقد سمعت مواطنا اتصل بإحدي الاذاعات الاجنبية ليعلق علي حريق المبني بقوله إن مذكرات أدولف هتلر ووثائق الحملة الفرنسية التي تعود لآلاف السنين احترقت( الحملة الفرنسية تعود لعام1798 فقط!)! لاحظوا أننا هولنا من الموضوع لإقناع المواطن المصري البسيط, الذي لا يعرف من التاريخ الكثير, بأن هذا المبني كان يحوي كنوز مصر وأن الثوار أحرقوها, مع ان كنوز مصر ومنها مجوهرات أسرة محمد علي اختف معظمها خاصة مع حريق قصر الجوهرة في القلعة ولم يبك عليه أحد.