التوترات المتتالية التي طرأت على العلاقات البينية الخليجية، ارتبطت بثلاث قضايا رئيسية، ورغم كونها ليست المرة الأولى التي يحدث فيها ذلك، إلا أن التوتر هذه المرة استعصى على الاحتواء من خلال مؤسسات مجلس التعاون، على نحو من المتوقع أن يؤثر على مستقبل هذه المنظمة. وتتمثل القضية الأولى في الاختلاف حول الاتفاقية الأمنية الخليجية، والذي امتد لعدة سنوات منذ الطرح الأول لمسودة الاتفاقية، وهو اختلاف يعكس وجود «سقف» للتعاون الأمني الخليجي في إطار مجلس التعاون، عبر عنه بوضوح موقف الكويت الرافض للتصديق على الاتفاقية. ومن غير الواضح ما إذا كانت كل من الإماراتوقطر ستصادقان على الاتفاقية خلال الفترة المقبلة، حيث تعدان من الدول الموقعة عليها، بينما صادقت عليها كل من المملكة العربية السعودية ومملكة البحرين وسلطنة عمان. وتتعلق القضية الثانية بتعارض المواقف تجاه جماعة «الإخوان»، إذ تتعامل معها قطر كجماعة تعبر عن الإسلام السياسي المعتدل، وتنتهج سياسات عبرت دول الخليج عن رفضها لها في اجتماع ۱۷ فبراير ۲۰۱4، واجتماع 4 مارس ۲۰۱4، بينما تتعامل معها كل من الكويتوالبحرين كقوى سياسية شرعية في إطار ما، إذ أنها ممثلة في مجلس الأمة الكويتي، وفي مجلس النواب البحريني. في حين تتعامل معها الإمارات كجماعة محظورة، والسعودية كجماعة إرهابية. وتنصرف القضية الثالثة، ي إلى كيفية إدارة الخلافات بين الدول الأعضاء في المجلس، والتي لم تعد تتم من خلال «الاحتواء»، كما كان الوضع في السابق، حيث أصبحت دول المجلس تنقل الخلافات للعلن، وتتخذ إجراءات عقابية في مواجهة بعضها، حتى وإن كانت من خارج إطار وآليات عمل مجلس التعاون، وهو ما عبر عنها القرار الجماعي لكل من السعودية والإماراتوالبحرين، بسحب سفرائها من قطر في 5 مارس ۲۰۱4، بشكل يمثل «تغيرا» مهما في السياسات الخليجية مقارنة بسياسات سابقة. كما أن كلا من السعودية والبحرينوالإمارات أصبحت تتعامل مع سياسات قطر يكمصدر تهديد لأمنها، على نحو يجعلها أكثر إصرارا على قيام قطر بإجراء تغيير في سياستها، حيث لم تتخذ حكومة قطر إجراءا في مواجهة الشيخ يوسف القرضاوي بعد احتجاج الإمارات رسميا في ۲ فبراير ۲۰۱4، على "تطاول" القرضاوي عليها في خطبة الجمعة التي ألقاها يوم ۲4 يناير ۲۰۱4، كما أصبح انتقال المواطنين القطريين للعمل في الإمارات لا يخلو من مخاطر على أمن الأخيرة، وهو ما يشير إليها القبض على طبيب قطري يعمل في شركة قطرية في الإمارات مؤخرا، بتهمة دعم جمعية الإصلاح التابعة لجماعة الإخوان المسلمين في الإمارات.