أثارت زيارة وفد من المسئولين الأميركيين إلى مصر خلال الوقت الحالي العديد من التساؤلات خاصة أنها ضمت السيناتور جون ماكين المعروف بعدائه لمصر وموافقة العدائية ضد العرب، وجاءت تلك الزيارة قبل محاكمة 19 أميركيًا متهمين في قضية المنظمات الأهلية التي تعمل في مصر دون تصريح إلى جانب تلقيها أموالاً بما يخالف القانون. ووسط التعقيدات في العلاقات بين البلدين عقد الوفد الأمريكي لقاءً أمس مع عدد من المسئولين الاقتصاديين ورجال الأعمال تحت مظلة الغرفة التجارية المصرية الأمريكية والتي جدد فيها المسئولون الأمريكيون دعمهم للاقتصاد المصري، يري البعض أنها قد تكون وسيلة لاستخدام الاقتصاديين كأداة لتقوية الموقف الأمريكي في مصر. وضم الوفد السيناتور جون ماكين والسيناتور جو ليبرمان ولينسي جرهام وأكدوا أمس خلال مؤتمر ضم مسئولين ورجال أعمال مصريين أمس، دعم الولاياتالمتحدة للاقتصاد المصري وسعيهم نحو زيادة التعاون الاقتصادي مع مصر. وتأتي تلك الزيارة في وقت تسعى في الحكومة المصرية للحصول على قرض بقيمة 3.2 مليار دولار من صندوق النقد الدولي التي تساهم فيه الولاياتالمتحدةالأمريكية بالحصة الكبرى، وتحتاج مصر إلى هذا القرض لتدعيم اقتصادها الذي عاني بعد الإطاحة بنظام الحكم السابق والتي ترتب عليه تراجع معدلات السياحة وتراجع احتياطي النقد الأجنبي بنحو النصف تقريبًا. ويرى خبراء اقتصاديون في مصر، أن السياسة التي تتبعها الحكومة المصرية مع ملف التمويل الخارجي غير صحيحة، كما أن توقيت إثارة المشاكل مع أكبر دولة عظمى في العالم سيء، خاصة في هذا الوقت الذي تحتاج فيه مصر إلى أكبر دعم من دول العالم الخارجي. وقالت بسنت فهمي، الخبيرة الاقتصادية، إن سطوة الولاياتالمتحدةالأمريكية على المؤسسات الدولية كبيرة، فهى أكبر مساهم في صندوق النقد والبنك الدوليين وهما المؤسستان الرئيسيتان اللتان تبحث القاهرة الحصول على قروض منهما خلال الفترة الحالية.. ومع توتر العلاقات بين البلدين فإن ذلك سيؤثر دون شك على تلك المحادثات، كما أنه سيؤثر على تقديم الدول العربية مساعدات مالية لنا. وذكرت مؤسسة "موديز" في تقرير لها، أنه في حالة نجاح المفاوضات مع صندوق النقد الدولي فإن هذا سيحفز السعودية والإمارات العربية وقطر لتقديم المساعدات التي وعدوا بها مصر والبالغة سبعة مليارات دولار. وهذا يعني أن حصول مصر على مساعدات من الدول العربية متوقفة على الحصول على صندوق النقد الدولي، وهذا ما أكده بالفعل رئيس الوزراء كمال الجنزوري الذي قال في تصريحات سابقة أن أحد الدول العربية طلب من مصر الحصول على قرض الصندوق حتى تتمكن من منحها مساعدات مالية. وأضافت فهمي أنه لا يوجد مصري يسعى إلى تجاوز أو تخطي السيادة المصرية، ولكن تعامل الحكومة مع ملف المنظمات الأجنبية كان حادًا بشكل غير مبرر. وأشارت إلى أن مصر لديها مصالح كبرى مع الولاياتالمتحدةالأمريكية، فنصف صادراتنا تقريبا تذهب إلى هناك، وأغلب السائحين الوافدين إلى مصر من هذا البلد، هذا إلى جانب الاتفاقيات التجارية معها، وبالتالي فتعاملنا مع أي تجاوزات مع أمريكا يحتاج إلى هدوء وتأنٍّ في التعامل معها حتى إثبات تلك التجاوزات. وترى فهمي أن تأثير توتر العلاقات مع الولاياتالمتحدة قد لا يكون سريعًا، ولكن في المقابل سيكون تدريجيًا وقويًا. وقال الدكتور إيهاب الدسوقي إن حملة التصعيد الإعلامي على المنظمات الأجنبية تعتبر سلبية، مؤكدًا أن هذا سيؤثر على قدرة مصر على التعامل مع العالم الخارجي في حالة ازدياد الأمور سوءًا. وأضاف الدسوقي أن تصاعد التوتر هذا لن يؤثر فقط في قدرة البلاد على الحصول على تمويلات خارجية»؛ ولكنه أيضا سيؤثر على مؤشرات الثقة في الاقتصاد المصري، وبالتالي سينعكس ذلك على الاستثمارات في البلاد، مؤكدا أن «آثار تصعيد الخلاف مع الولاياتالمتحدةالأمريكية خطير للغاية.