سلطت صحيفة "هافنجتون بوست" الأمريكية الضوء على الدور الألماني في الصراع الروسي -الأوكراني حول شبة جزيرة القرم.. طارحة تساؤلا – على صفحتها الإلكترونية اليوم الجمعة – جاء فيه، أين أوروبا، وبوتين على وشك السيطرة على شبه جزيرة القرم ...أو بمعنى من هي أوروبا، لافتة إلى أنه في الماضي، كان الجواب سهلا، فعلى رقعة الشطرنج الاستراتيجية، كانت القوة الأوروبية منحصرة في "بريطانياوفرنسا". وأشارت الصحيفة إلى "المفاجأة الأولى"، وهي أننا لم نعد نسمع كثيرا عن لندن وباريس، وانتقلت ألمانيا إلى الصدارة، ليس لأن ألمانيا قوية جدا، ولكن لضعف فرنساوبريطانيا..مضيفة أن الاقتصاد الألماني المزدهر وفقا للمعايير الأوروبية، في حين بدت أنه محكوم على فرنسا بالركود على المدى الطويل، وجاهدت انجلترا لتسجيل نمو بلغ واحد بالمائة. ولفتت الصحيفة إلى موقف بريطانيا "الحليف الأبدي لأمريكا"، عندما خرجت عن النص العام الماضي، بعد أن تخلى مجلس العموم البريطاني عن رئيس الوزراء ديفيد كاميرون وصوت ضد التدخل في سوريا. وأضافت أن الجميع يبحث عن المستشارة الألمانية، أنجيلا ميركل، الإمبراطورة غير المتوجه في أوروبا منذ الانهيار الإقتصادي عام 2008، الأمر الذي يؤدي إلى الموقف الألماني - الذي عادة ما يكون متحفظا - وبدا قويا ومفاجئا في مواجهة روسيا. وأضافت الصحيفة أن بروكسل حاولت كسب كييف من خلال توقيع اتفاق شراكة، ولكن كسبت روسيا الصفقة مقابل 15 مليار دولار من الاعتمادات الروسية وقعت مع الرئيس الهارب فيكتور يانوكوفيتش، وعندما أطيح به، ازدادت رغبة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في الذهاب إلى شبه جزيرة القرم، وأمر "طابوره الخامس" في شبه الجزيرة بالشروع في تنفيذ آليات الانفصال. وأشارت إلى جمود الموقف الأوروبي، مثل موقفه من التدخل الروسي في جورجيا في عام 2008، لن يكون مفيدا في هذه المرة بالنسبة لأوكرانيا، لأن أوكرانيا ببساطة أقرب وأكثر مركزية ب 10 مرات للتوازن الأوروبي من الجمهورية القوقازية، وأن ردود الفعل الأوروبية الاسترضائية القديمة لن تعمل لفترة طويلة. ونوهت أن الموقف الألماني يعد في الواقع استجابة قاسية جدا، وفقا للمعايير السابقة، ووضع برنامجا من ثلاث خطوات؛ أولها هو تعليق المحادثات حول تخفيف القيود على التأشيرات وحول "المعاهدة الأساسية" مع روسيا..وأن الخطوة الثانية كانت حظر السفر وتجميد حسابات "بعض الأشخاص" الروس إذا لم تسفر المفاوضات حول شبه الجزيرة عن شيء، وأيضا قمة مجموعة الثمانية في موقف خطير..فيما كانت الخطوة الثالثة تكمن في تغييرات واسعة في العلاقة مع روسيا، والتي من بينها "وفقا لميركل" مجموعة واسعة من العقوبات الإقتصادية، وسيتم تفعيل ذلك إذا تدخلت موسكو عسكريا في شرق أوكرانيا. وأرجعت الصحيفة أن التغير في الموقف الألماني، يأتي بعد أن أصبحت ألمانيا غير مهددة من قبل الجيوش السوفيتية عند بوابة هامبورج، وثانيا أن سلاح الكرملين "الغاز" لم يعد مؤثرا كما في السابق، مشيرة إلى أن ألمانيا تحصل على نحو 37 % من احتياجاتها من الغاز من شركة "غازبروم" الروسية – بعد طفرة الغاز في أمريكا، وثالثا، الألمان ينظرون إلى موقف الولاياتالمتحدة "الحليف القديم". وأشارت الصحيفة إلى أن انهيار الإمبراطورية السوفيتية يعتبر "أكبر كارثة جيوسياسية" في التاريخ الروسي بالنسبة لبوتين، وأنه سوف يذهب بقدر ما يمكن في شبه الجزيرة بالحد الأدنى من المخاطر والجهد. غير أنه ليس مغامرا مثل نيكيتا خروشوف الذي كاد أن يجلب الدمار النووي على الاتحاد السوفيتي مع نظيره الكوبي في عام 1962. مضيفة أن وقوع أوكرانيا على مشارف حدود الاتحاد الأوروبي، الملاصقة للرغبات الروسية مثل بولندا ودول البلطيق، وأن غزو بوتين لشبه جزيرة القرم، والضغط الطاحن على الاقتصاد الأوكراني، أصبح التحدي الاستراتيجي المباشر للإتحاد الأوروبي.