تشتعل تركيا بين رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان والمعارضة مع اقتراب الانتخابات البلدية المقررة في شهر مارس المقبل والرئاسية في أغسطس القادم ، خاصة بعد فضيحة الفساد والرشوة المشتعلة في تركيا منذ نحو شهرين حيث يحاول أردوغان حصار المعارضة من خلال قرارات متلاحقة يمررها في البرلمان الذي يغلب عليه حزب العدالة والتنمية ومتحصنا بالمخابرات والداخلية شديدي الولاء له . وكانت آخر محاولات حصار المعارضة تمرير مشروع قانون يوسع من صلاحيات المخابرات التركية في خطوة تهدف بشكل رئيسي وفق المعنيين إلى تقييد حرية الصحافة ووضع غطاء قانوني لمحاصرة أوردغان لعمليات كشف فضيحة الفساد القانون الجديد الذي سيكون ساريا بمجرد مصادقة الرئيس التركي عبد الله جول عليه، سيجعل وثائق وبيانات المواطنين الاتراك مفتوحة أمام المخابرات باعتبارها المؤسسة التركية الأقرب من أوردغان والذي ازداد نفوذها منذ أمسك حزب العدالة والتنمية بالسلطة . وفى هذا الاطار ذكرت قناة "سكاي نيوز" الليلة - إن" أولى تبعات القانون إعلان صحيفة جمهوريات الأعرق في تركيا أنها ستمحو كل أرشيفها لأن هذا القانون يلزم المؤسسات بتزويد المخابرات بأي وثائق ودون إذن قضائي ما يعني إلغاء قانون الصحافة التركية الذي ينص على حماية الصحفيين لمصادرمعلوماتهم". وينص القانون الجديد على معاقبة كل من ينشر أي وثيقة قديمة أو جديدة من وثائق المخابرات حتى لو تم تسريبها من قبل الجهاز نفسه بالسجن 12 عاما ويمنح القانون الجديد حصانة واسعة لجميع العاملين بالجهاز ولا يمكن محاكمتهم إلا بإذن من رئيس المخابرات ورئيس الوزراء. ويشدد قانون المخابرات الجديد على أنه من حق الجهاز طلب أي معلومة أو أي مستند من أي مؤسسة حكومية أو خاصة في تركيا بما في ذلك تقارير طبية عن أشخاص أو حسابات بنكية أو تفاصيل مشتريات بطاقة الائتمان وغيرها، وحتى أي معلومات عن أي تحقيق في قضية مثل قضايا الفساد التي يجري التحقيق فيها حاليا وسيكون قانون المخابرات ساري المفعول فور مصادقة الرئيس التركي عبدالله جول عليه قريبا. هذا القانون جاء بعد قانونين لم يكونا أقل إثارة للجدل في تركيا هما قانون الرقابة على الانترنت وقانون إعادة هيكلة القضاء والذي كان الهدف منه بحسب المعارضين ربطه بالحكومة وتقليم أظافر مؤسسة القضاء ..وقد أثار قانون المخابرات التركي حفيظة المعارضيين واعتبروا أن اطلاق يد المخابرات ردا عنيفا على تحقيقات الفساد التي أطلقها جهاز الشرطة المعرف باستقلاليته عن الحكومة. ويقول مراقبون إن تحركات أوردغان الأخيرة بدأت تثير قلق أوربا حيث بدأت تزيد الفجوة والبعد عن المعايير الأوروبية بعد أن قامت أجهزة الاستخبارات التركية بالتجسس على أكثر من 2000 شخص في تركيا، وفق ما أعلنه اليوم "السبت" نائب رئيس الوزراء بصير اتالاي والذي أشارإلى تعديلات مرتقبة سيتم إدخالها على مشروع قانون مثير للجدل يرمي إلى تعزيز صلاحيات الاستخبارات. وقال بصير اتالاي – في تصريحات نقلتها قناة "العربية" الفضائية الإخبارية اليوم – إنه حتى اليوم، قامت الوكالة الوطنية للاستخبارات بالتجسس على 2473 شخصا بقرار قضائي أكثر من نصفهم أجانب"، مضيفا أن عمليات التنصت استهدفت خصوصا أشخاصا يشتبه في ضلوعهم بقضايا إرهاب أو تجسس. لكن اتالاي أشار إلى أن الحكومة اقترحت تغييرات على نقطتين مثيرتين للجدل بينهما مادة تجعل رئيس الوزراء على رأس مجلس إدارة الوكالة الاستخبارية وهو منصب أساسي، كما طلبت الحكومة تخفيف عقوبات السجن للصحفيين الذين ينشرون وثائق عائدة للوكالة الوطنية التركية للاستخبارات بدل عقوبة السجن 12 عاما التي ينص عليها القانون الحالي. ويأتي قانون المخابرات التركية الجديد وسط تصاعد الاحتجاجات الشعبية واستخدام العنف ضد المتظاهرين وآخرها – حسبما أفادت قناة "روسيا اليوم" ، إطلاق قوات الأمن التركية يوم "السبت" الغاز المسيل للدموع لتفريق آلاف المتظاهرين ضد الحكومة وسط اسطنبول احتجاجا على قانون استخدام الإنترنت.. فما مستقبل الانتخابات الرئاسية المقبلة في تركيا بين حصار أردوغان للمعارضة وقانون المخابرات الجديد. وتشهد الساحة السياسية في تركيا منافسة شديدة بين أردوغان وحليفه السابق الزعيم الإسلامي فتح الله جولن والذي يعيش حاليا في منفى اختياري بالولايات المتحدة ويتمتع بشعبية كبيرة بين صفوف الشرطة والقضاء في تركيا. من جهة أخرى يعتبر إصلاح القضاء التركي - حسبما ذكرت هيئة الإذاعة البريطانية " بي بي سي" - أحد القضايا شديدة الحساسية، فتركيا تقع تحت ضغط من الاتحاد الأوروبي ليتسق نظامها القضائي مع معايير الاتحاد، حيث تأمل تركيا أن تنضم للاتحاد الأوروبي، لكنها تتقدم ببطء في المحادثات الخاصة بهذا الشأن. كما يسعى حزب العدالة والتنمية " ذو الجذور الإسلامية " لإجراء تعديلات بمؤسسات مثل مؤسسات القضاء والقوات المسلحة التي يهيمن عليها علمانيون يعتنقون أفكار مؤسس الدولة التركية مصطفى كمال أتاتورك.