بالتزامن مع سنة أولى ثورة، صدر مؤخرًا تقرير منظمة "مراسلون بلا حدود" عن التصنيف العالمي لحرية الصحافة عام 2011 – 2012، وكانت المفاجئة بتراجع مصر 39 مرتبة عن العام الماضي حيث احتلت هذا العام المرتبة 166 بعد 127 العام الماضي. وبهذا تكون مصر ضمن البلدان التي ما زال القمع سائدًا فيها، وأنها تدفع ثمن قمع مختلف المراحل الثورية المتعاقبة الذي نفذه نظام حسني مبارك ومن ثم المجلس الأعلى للقوات المسلحة. من جانبها أكدت الكاتبة الصحفية إقبال بركة، أن ما ورد في تقرير منظمة "مراسلون بلاحدود" عن قمع حرية الصحافة في مصر مبالغ فيه جدًا ومخالف للواقع، لافتة إلى أن مصر لم تستمتع بحرية صحافة في تاريخها، كما استمتعت بها خلال العام الماضي فى أعقاب ثورة يناير. وأوضحت بركة أنه لا يوجد الآن آليات لقمع الرأي، حيث لا توجد رقابة بالأساس إلا في استثناءات صغيرة مشيرة إلى أن قانون الطوارئ الذي تم رفعه منذ عدة أيام كان هو علامة القمع الوحيدة وتم محوها. وقالت إن الغرب يتعاطف كثيرًا مع الثوّار في مصر وثورتهم التي حازت إعجاب العالم كله، لذلك بات كل تصرف ضدهم مهما كان صغيرًا يلقى صدى سيئًا جدًا في أذهان الغرب خاصة أنهم يشاهدون الاعتداءات والتجاوزات والمقاومة الشديدة للثورة. تحفظت الدكتور هويدا مصطفى أستاذ الإعلام بجامعة القاهرة ومدير مركز الأهرام الإقليمي للصحافة، على تقرير منظمة "مراسلون بلا حدود" لحرية الصحافة لهذا العام، والذى صنف مصر ضمن البلدان التى ما زال القمع سائدًا فيها، مؤكدة أن مثل هذه التقارير لا تضع مؤشرات واضحة ومحددة لحرية الصحافة. وقالت الدكتورة هويدا: "لا نستطيع إنكار أن عام 2011 شهد العديد من الملاحقات الأمنية، خاصة للصحفيين الأجانب نظرًا لأنه العام الذى شهد أحداثًا سياسية خطيرة، وقد لعب الإعلام فيها دورًا كبيرًا في وعي وتنوير الجماهير، كما شارك في نمو الحركات الاحتجاجية". وأضافت: "على العكس اعتقد أن حرية الصحافة في ازدياد لأنها من مكتسبات الثورة وليس كما يشير التقرير، ولكنها اختلفت في نوعيتها وحدودها، وما حدث العام الماضى مرتبط بظروف غير طبيعة، ظروف مرتبطة بأحداث عنف ومناوشات واشتباكات بين النظام والشعب فكان القمع رد الفعل الطبيعي". كما زاد وعي الجماعة الصحفية، واستطاعت من خلال عملها ممارسة الضغط على النظام للإفراج عن زملائهم الذين تم اعتقالهم، بل واتهم الإعلام في بعض الأوقات بأنه المحرك الرئيسي للمعتصمين في الميدان. وأكدت الدكتورة عزة هيكل – الكاتبة الصحفية - أن التقرير الذي صنف مصر في المركز 166 بتراجع 39 مرتبة عن العام الماضي في حرية الصحافة، واعتبرها ضمن البلدان التي ما زال القمع سائدًا فيها، خاطئ ومُشوّه. وقالت إن حرية الصحافة في مصر هذا العام تجاوزت كل الحدود، وأصبح من كان يعارض النظام القديم على عين الإشهاد غير قادر الآن على الاختلاف مع الثورة والثوّار وإلا أصبح خائنًا. وأكدت ل "صدى البلد" أن نشر هذا التقرير في هذا التوقيت تكملة للمؤامرة الاستعمارية الكبرى لتفتيت أكبر قوة في الشرق الأوسط بعد تفتيت قوة العراق وبعد انكسار كل الجيوش العربية، الجيش الوحيد الباقي هو المصري، الذي أصبح على وشك التفتيت أو الانقلاب أو الانكسار. وأضافت أن هؤلاء تغافلوا عن القانون الصادر من الكونجرس بمنح "أوباما" منفردًا بقرار شخصي فردي باعتقال أي مواطن أو فرد داخل الولاياتالمتحدةالأمريكية، يهدد الأمن القومي دون الرجوع لأي قانون بما فيها حقوق الإنسان، وتغافلوا عن جوانتناموا وذبح صدام وقتل القذافي، وفرحوا بمقتل بن لادن. فيما اعترف الدكتور محمود عوض، المستشار الإعلامي لرئيس جامعة الزقازيق وأستاذ الإعلام بالجامعة، بأن تقرير منظمة "مراسلون بلا حدود" لحرية الصحافة هذا العام فيه جزء من المصداقية، لكنه مرتبط بالحالة الاستثنائية التى تعيشها مصر في طريقها لبناء ديمقراطي. وقال عوض: "في ظل وجود حكم استثنائي فهناك قمع لحرية الصحافة والرأي العام، يقوم به أحيانًا الصحفيون الموالون للنظام السابق، لكن بصفة عامة بعد نجاح ثورات الربيع العربي لن تكون هناك سلطة سياسية تمارس ضغطها على الإعلام، خاصة بعد ظهور الإعلام البديل – مواقع التواصل الاجتماعى والمحمول – الذى استطاع كسر حاجز التضييق، ونجح في كشف أمور لا يستطيع الإعلام التقليدي نشرها".