انتقد وزير الخارجية السوداني علي كرتي وصف المبعوث الأمريكي الجديد إلى دولتي السودان، دونالد بوث، قضية أبيي بأنها "شائكة". ومضى كرتي قائلا، في مؤتمر صحفي بمطار الخرطوم قبيل مغادرته إلى بروكسل للمشاركة في مؤتمر دولي بخصوص الصومال، إن السودان "لن يقبل أي تدخل من المبعوث الأمريكي في شئونه ما عدا تحسين العلاقة مع جنوب السودان والولايات المتحدة". ورأى أن وصف المبعوث الأمريكي لقضية أبيي بالشائكة "أمر لا علاقة له بالحقيقة ويصب في خانة التضخيم" . وأضاف أن "المبعوث الأمريكي لا دور له في القضية؛ لأن البلدين (السودان وجنوب السودان) لهما اتفاق واضح وقعه الرئيسان حول أبيي". وهو ما يتنافى مع تصريحات أدلى بها رئيس جنوب السودان سلفاكير ميارديت، يوم الخميس الماضي، حيث قال إنه لم يتوصل إلى اتفاق مع نظيره السوداني عمر البشير حول إجراء استفتاء منطقة أبيي. وتابع كرتي أن بلاده عازمة على "سد كل الثغرات أمام التدخلات السالبة في هذا الإطار.. والوسيط الوحيد بين البلدين هو الاتحاد الأفريقي ونرفض أي وساطة جديدة" وكانت الحكومة السودانية أبلغت المبعوث الأمريكي في وقت سابق اليوم "رفضها القاطع" لإجراء دولة جنوب السودان استفتاء أحادي الجانب على تبعية منطقة أبيي الغنية بالنفط، والمتنازع عليها بين البلدين وعقد المبعوث الأمريكي، الذي يزور الخرطوم للمرة الأولى منذ تعيينه من قبل الرئيس الأمريكي، باراك أوباما، نهاية الشهر الماضي، لقاءً مطولاً اليوم السبت مع "الخير الفهيم"، رئيس اللجنة الإشرافية المشتركة من جانب حكومة السودان لمنطقة أبيي، بحثا خلاله الأزمة في أبيي، ومقترح الوساطة الأفريقية للحل النهائي في المنطقة. وكان من المفترض أن يجرى استفتاء لأهل أبيي بالتزامن مع استفتاء الجنوب في يناير 2011 إلا أن الاختلاف حول أهلية الناخب عطل الخطوة حيث يتمسك الشمال بمشاركة قبائل المسيرية البالغ عددهم حوالي 450 ألف مواطن في الاستفتاء بينما يطالب الجنوب بأن يقتصر التصويت على قبيلة دينكا نقوك المتحالفة معه ويقدر عدد أفرادها بحوالي 200 ألف مواطن. وتقضي قبائل المسيرية الرعوية من أصل عربي حوالي 8 أشهر من العام جنوب أبيي – من نوفمبر وحتى يونيو - قبل أن تنتقل شمالا بماشيتها التي تقدر بحوالي 10 مليون رأس من الأبقار بخلاف بقية المواشي. وتقول جوبا إن المسيرية غير مقيمين بصورة دائمة في المنطقة وبالتالي لا يحق لهم التصويت، وهو ما تفنده الخرطوم بحجة أن النشاط الرعوي لا ينفي صفة المواطنة. وفي عام 2011 وقع الطرفان على اتفاقية للترتيبات الإدارية والأمنية في منطقة أبيي بعد اشتباكات دموية ترتب عليها نشر قوات حفظ سلام أثيوبية تحت مظلة الأممالمتحدة. لكن الاتفاقية - التي تنص على تشكيل حكومة ومجلس تشريعي (برلمان) وقوات شرطية في منطقة أبيي - لم تنفذ حتى الآن بسب خلاف الطرفين حول نصيب كل منهما في هذه المؤسسات. وتراجع الاتحاد الأفريقي الذي يرعى المحادثات بين البلدين في ديسمبر 2012 عن تأييده لمقترح من الوسيط الأفريقي يقضي بإجراء إستفتاء في أكتوبر المقبل بعد رفض الخرطوم له وتهديدها بحرب شاملة؛ لأن القرار يستثني المسيرية من التصويت ويقتصر على دينكا نقوك. وطالب الاتحاد الأفريقي رئيسي البلدين بالتعاون مع الوسيط الأفريقي لإيجاد حل نهائي للأزمة، وذلك بعد أن تخلى عن تهديده برفع المقترح إلى مجلس الأمن الدولي لفرضه على الطرفين، لكن حتى الآن لم يتم تحديد موعد لاستئناف التفاوض.