كشف تقرير صادر عن برنامج الأممالمتحدة للبيئة ، فإن 17 % من جميع الأغذية المنتجة سنويًا، أي ما يوازي 931 مليون طن، تُهدرفي المنازل ومنشآت البيع بالتجزئة وصناعة الخدمات الغذائية،ويقدر أنّ 3,1 مليار شخص في جميع أنحاء العالم لا يتبعون نظامًاغذائيًا صحيًا، ويعاني حوالي 828 مليون شخص من الجوع، زادعدد الأشخاص الذين يعانون من الجوع بأكثر من 100 مليونبسبب الوباء، مما أظهر حاجة ملحّة للحد من فقد الأغذية وهدرها. تقول ألين كماكيان، 53 عاماً، مؤسّسة مطعم مايريغ في بيروتبلبنان ''قد يكون تحقيق الأرباح سهلاً لكن من الصّعب أن يبلغالإنسان مرحلة الافتخار بعمله"، وخلال السنوات التسع الأخيرةكانت ألين تعمل على تقليص البصمة البيئيّة لمشروعها، وهي اليومتحوِّل مطعمها إلى "مشروع معدوم النفايات''، بشغفٍ وإصرارٍ،فبدلا من رمي بقايا الطعام والبلاستيك والزجاج معاً في مكباتالنفايات، تحوّل ألين بقايا الطعام إلى سماد يغذي النباتات وتدوّرالبلاستيك والزجاج إلى أشياء جديدة على الرّغم من التّحديات.
أطلقت ألين مطعم مايريغ عام 2003 لتحقّق حلم والدها بتأسيس مطعم يقدّم الطّعام الأرمني الأصيل، وهي تعمل مع أمّهاتٍ أرمنيّاتعلى خلق الوصفات والأطباق، انتهى بها المطاف بتسمية مطعمها''مايريغ'' وهي كلمة أرمنية تعني ''أم''... مشيرة الى أن "اسمالمطعم هو تحيّة لجهود الأمّهات الأرمنيات في الحفاظ على الثّقافةالأرمنية وتقاليدها، ومشروعها يهدف إلى دعمهن عبر منحهن فرصعمل وطرقاً لتوليد الدخل". بذكائها أقنعت ألين موظّفيها بضرورة العمل على خضرنة مطعمها،قائلة "عندما بدأنا بفرز النّفايات، اعتقد الموظّفون أنّ المهام الاضافية التي يتطلّبها فصل النفايات حسب نوعها غير مجديةومرهقة، لكن مع الوقت بدأوا يلاحظون أهميّة الفرز للبيئة في لبنان،لذلك فهم حريصون اليوم على الفرز ومعالجة النفايات بالطّريقة التينقوم بها". بعد أن بدأت الازمة المالية في لبنان في العام 2019، أصبحت كلفةالفرز والتسميد والتدوير عبئاً إضافياً على مشروع ألين، وأصبح منالضّروري تفضيل أولويات أخرى على حساب خضرنة مايريغ،وتشرح ألين أن "التكلفة المرتفعة لنقل بقايا الطعام إلى منشآتالتسميد هدّد استمرار هذه المبادرة". الامم المتّحدة في لبنان تدعم المطاعم الخضراء
وقبل أن تتخلّى عن حلمها ، كان خيار ألينالاخير هو البحث عن فرص تمويل، ولحسن الحظ كانت الامم المتّحدة في لبنان من خلال برنامج الأممالمتحدةللبيئة غرب آسيا ومركزه بيروت تسعى إلى تأسيس شراكات مع مطاعم في منطقة مار مخايل-الجمّيزة لمعالجة مشكلة النفايات في ابنان، من خلال هذا المشروع وهو جزء من برنامج SwitchMed II المموّل من قبل الإتحاد الاوروبي والمنفّذ بالتعاون مع منظمة المجتمعالمدني المحلية "نُساند" والذي يمتد بين 2022و2023، لتدعم الأممالمتّحدة مايريغ عبر جمع نفايات الطّعام لديه. الطعام المهدر لة تاثير علي ازمة المناخ لتصاعد غاز الميثان
وتظهر أبحاث برنامج الأممالمتحدة للبيئة أن الفاقد والمهدر منالأغذية له تأثير كبير على أزمة المناخ ويمثل 8-10 ٪ من جميع انبعاثات غازات الاحتباس الحراري (GHG)، وعند التخلصمن هذه النفايات في مكبّات النفايات، يحوّل الكثير من هذهالنفايات إلى غاز الميثان، وهو غاز دفيئة معروف بقدرته على إحداث الاحترار العالمي ، بحوالي 25 ضعفاً من ثاني أكسيد الكربون. توضح رشا سكّرية مديرة المشروع في نساند "لكل كيلوغرام من البلاستيك تضعه الأسر في صناديقنا يحصلون على نقاط تصبح في النهاية قسائم تسوّق لدى المؤسسات المحلية في المنطقة وهذه إحدى آليات التحفيز التي نعتمدها من أجل تشجيع منع إنتاج النفايات ضمن هذا المشروع، وبهذه الطريقة ندعم العائلات من خلال زيادة قوتها الشرائية والأعمال المحلية من خلال الترويجلمبيعاتها ونخلق اقتصادًا دائريًا وأكثر استدامة في المنطقة". اليوم، ينتج مطعم مايريغ وحده حوالي 20 كيلوغرام من بقايا الطعام في اليوم الواحد ومن4 إلى 7 كيلوغرام من البلاستيك، في بلدٍ يواجه صعوبات في إدارة النفايات، تأمل ألين أن تساهم مبادرتها فيتقليص الأثر السّلبي للمطاعم على البيئة. تقول ألين: "إذا ما ضربنا هذه الأرقام ب3000، وهو العدد التقديريللمطاعم في لبنان، تخيّلوا ما تفعله هذه المواد البلاستيكية والنفاياتلبيئتنا وصحّتنا عند رميها في البحر وعلى الطّرقات"، بالإضافة إلىتقليص بصمة مايريغ البيئية، تعتمد ألين أيضاً على التدوير من اجلتزيين مطعمها، فهي تستخدم زجاجات النّبيذ الملوّنة فى تزيّينالمكان، لا يمكن للزائر أن يفوته النّظر إليها، كما تزين تراسها بحيطأخضر مصنوع من البلاستيك المعاد تدويره. الجدير بالذكر فان العالم يحتفل للمرة الثالثة باليوم الدولي للتوعية بالفاقد والمهدر من الأغذية في 29 سبتمبر 2022 ، وهو يوجّه دعوةواضحة إلى القطاعين العام والخاص كرسالة خاصة عن النظامالغذائي والمستهلكين للعمل معاً من أجل الحد من هدر الطعاملتعزيز الاستخدام الفعّال للموارد الطبيعية، وتخفيض آثار تغيّرالمناخ ودعم الامن الغذائي والتغذية السليمة.