يعيش الاقتصاد العالمي أزمة طاحنة خلفتها الحرب في أوكرانيا ومن قبلها جائحة كورونا، والتي كان لها صداها الواسع على اقتصاديات الدول حتى الكبرى منها، وهو ما زاد من معدلات التضخم وتراجع الاستثمارات الأجنبية في العديد من الدول. مصر ومن جانبها استطاعت بفضل سياسات الإصلاح الاقتصادي المتخذة من قبل الدولة والقرارات الصادرة مؤخرا من قبل الحكومة وبتوجيهات من القيادة السياسية التعاطي مع الأزمة، والتخفيف من تداعياتها على الاقتصاد المحلي، والحفاظ على معدلات التضخم عند الحدود الآمنة، وكذلك تنمية فرص الاستثمار من خلال تقليل العقبات وتوفير المناخ الآمن للمستثمرين. واقع وتطور الاستثمار في مصر والفرص وحول ما يشهده سوق الاستثمار في مصر وسبل تعزيزه الأجنبي منه، أصدر المنتدى الاستراتيجي للسياسات العامة ودراسات التنمية "دراية"، دراسة تحليلة ترصد واقع وتطور الاستثمار في مصر والفرص والتحديات وسبل التعزيز. وسلط الجزء الأول من الدراسة الضوء على قطاع الاستثمار، الذي شهد نقلة كبيرة من حيث تعدد الجهات المستثمرة والقطاعات الجاذبة للاستثمار، وكذلك نوع الاستثمار سواء مباشر أو غير مباشر وكيف حافظ الاقتصاد المصري على الاستثمارات الأجنبية على الرغم من تراجع حجم الاستثمارات عالميا، وذلك فى ظل الأزمة الاقتصادية العالمية التي تعصف بالعالم الآن جراء الحرب الروسية الأوكرانية وتداعيات جائحة كورونا. وجاء الجزء الثاني من الدراسة والذي نُشر على الموقع الإلكتروني "Draya-eg.org"، ليتناول مردود تحسن مناخ الاستثمار على الاقتصاد المحلي من تحقيق نمو اقتصادي متنوع للقطاعات، وتراجع معدل البطالة، وتعزيز الاحتياطي النقدي الأجنبي وتحسن متحصلات ميزان المدفوعات، وأخيرا تحسن آداء الموازنة العامة وتضييق حجم الفجوة التمويلية، هذا إلى جانب استشراف الآفاق المستقبلية لقطاع الاستثمار من حيث الفرص والتحديات وسبل مواجهتها. وأكدت الدراسة، أنه في حين حققت أغلب الاقتصادات العالمية لمعدلات نمو سالبة، استطاع الاقتصاد المصري الحفاظ على معدل نموه الإيجابي، عند 3.6% و2% خلال العامين الماليين 2019 /2020، و2020 /2021، مشيرة إلى تقرير "آفاق الاقتصاد العالمية" الصادر عن البنك الدولي الذي توقع أن يشهد الاقتصاد المصري نموًا بمعدل أسرع مما كان متوقعًا خلال العام المالي 2020/ 2021، ليصل إلى (5.5%) خلال العام المالي 2021/ 2022، فى حين وضع مصر بين قائمة أكبر 30 دولة تُساهم ب 83% في الاقتصاد العالمي لعام 2020. ومن جانبه، أكد الدكتور صلاح هاشم رئيس منتدى "دراية"، أن العمل الدؤوب على مستوى كافة القطاعات الاقتصادية بقيادة المشروعات القومية والقطاع الخاص، أدى إلى انتعاشه حقيقة لوضع سوق العمل المصري، وهو ما لاقى صداه على مُعدل البطالة الذي تراجع من 13.2% فِي عام 2013 إِلى 7.5 في الربع الثالث من عام 2021. زيادة ملحوظة في تدفقات العملات الأجنبية وقال هاشم، إن البنك المركزي نجح من إعادة تكوين صافي الاحتياطيات الدولية من النقد الأجنبي، حيث شهدت الفترة التالية لتحرير سعر الصرف زيادة ملحوظة في تدفقات العملات الأجنبية، موضحا أن "مصر تمتلك ثاني أكبر عائد استثماري في العالم وهو ما يؤكد أهمية السوق المصري كأحد أهم المقاصد الاستثمارية على المستويين الإقليمي والدولي". معلومات الوزراء يرصد تأثير "كوفيد-19" والأزمة الأوكرانية على الاقتصاد العالمي ربط البحث العلمي بالصناعة.. معهد بحوث الإلكترونيات طريق دخول عالم الاستثمار.. المدينة العلمية جسر لتسويق الابتكارات البحثية..والطلاب : دعم المتميزين بالجامعات يجعلنا نجني الثمار وردا على المشككين في قدرة الاقتصاد المصري على تجاوز الأزمة الاقتصادية العالمية والتقارير المغلوطة التي تزعم حدوث ارتفاع كبير في معدلات التضخم في مصر، أكد صلاح هاشم، أن معدلات التضخم المحلي خلال الآونة الأخيرة تظل فى الحدود الآمنة والمتوقعة، خاصة وأن مصدر التضخم من الخارج، والاستثمارات في قطاع الطاقة خلال السنوات الخمس الماضية ساهمت في تقليل الآثار السلبية الناجمة عن التوترات الخارجية. البنك المركزي: معدلات التضخم جاءت متوافقة مع التوقعات إنشاء منافذ جمركية خاصة.. حوافز إضافية في قانون الاستثمار وبشأن ما يُثار حول انخفاض نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي، أوضح هاشم، أن التحول الرقمي إلى جانب نحو 700 مليار جنيه مُخطط إنفاقها فى برنامج "حياة كريمة"، سوف يعززان من متوسط نصيب الفرد من الناتج، فضلا عن أن عدالة توزيع الدخل سوف تتحسن بفضل "حياة كريمة" وبرنامج رعاية الأسرة المصرية. وأضاف أن تلك المزاعم جاءت بالرغم من رفع صندوق النقد الدولي توقعاته لنمو الناتج المحلي ليصل إلى 5.6% وسط تباطئ الاقتصاد العالمي، فضلا عن دخول مشروعات تحت الإنشاء للخدمة خلال الأعوام المقبلة، وهو ما يؤكد بما لا يدعو مجالا للشك بأنها مزاعم وإدعاءات عارية تماما من الصحة وتفتقر إلى أي دليل أو حجة. وفى الوقت ذاته، أشار رئيس منتدى "دراية" إلى أن استجابة الحكومة لمتطلبات المرحلة من مشاركة القطاع الخاص وتعزيز قدرات التصنيع واستعادة كفاءة سوق المال يعززان من استدامة معدلات النمو بجانب تحقيق استقرار مالى ونقدى شريطة تحقيق آليات الضبط المالية العامة، خاصة ضبط نمو الدين العام الخارجي. ارتفاع الاحتياطي الدولي ل23 مليار دولار وأكدت الدراسة، أن الاستثمار في القطاع الصناعي مدخل رئيس لتعزيز الناتج المحلي الإجمالي، فضلا عن أن "الاستثمارات في البنية التحتية جنبت الاقتصاد القومي مخاطر الركود التضخمي". وأوضحت الدراسة، أن ارتفاع الاحتياطي الدولي بنحو 23.279 مليار دولار، خلال الفترة من يونيو 2016 وحتى سبتمبر 2021 بالرغم من الأزمة العالمية وتداعيات جائحة "كوفيد-19"، فقد سجل حجم الاحتياطي الدولي 40.825 مليار دولار في سبتمبر 2021، ومن ثم ارتفع عدد شهور الواردات السلعية التي يغطيها صافي الاحتياطات الدولية من 3.7 شهر في يونيو 2016 إلى 6.9 شهر في سبتمبر 2021. كما أكدت الدراسة، أن الحساب المالي شهد تحسنا في العام 2020 /2021 مقارنة بتراجعه في العام 2019 /2020، فيما كان التحسن الأخير في فائض الحساب المالي مدفوعًا بارتفاع صافي الاستثمار الأجنبي المباشر مقارنة بفائضه في السنوات الماضية الذي كان مرتبطا باستثمارات الحافظة. وأفادت أن موازنة العام المالي 21 /22 شهدت تحسن مؤشرات المالية مدفوعة بتزايد النمو السنوي للإيرادات والبالغ 22.2% عن معدل نمو المصروفات والبالغ 13.8%، وهو ما ساهم في تضييق فجوة بينهما. ووفقا للدراسة، فإن توقعات المرحلة المقبلة تشير إلى أنها ستشهد جذب المزيد من الاستثمارات المحلية والعربية والأجنبية الوافدة للسوق المصرى، فضلا عن استهداف زيادة نسبة مساهمة قطاعات الصناعة والزراعة والاتصالات في الناتج المحلي الإجمالي ليسجل ما بين 30% ل 35% العام 2023 /2024 مقارنة ب 26% العام 2019 /2020، وكذلك تحويل ميزان المدفوعات من عجز إلى فائض ليحقق فائضاً يتراوح ما بين 3 ل 5 مليار دولار العام 2023 /2024 مقابل تسجيل عجز بنحو 8.6 مليار دولار العام 2019 /2020.