بعد تزايد حالة تركيا الأردوغانية المحرضة والمسببة للاضرابات وحالة انعدام الاستقرار وكذالك تضخم حالة أردوغان الشعبوية التي تسبق لكل مستبد ودكتاتور للتغطية على تراجع شعبيته وإضعاف نفوذه ولتقويه مواقفه التفاوضية مع دول الاتحاد الاوربي وروسيا وأمريكا، أردنا أن نعرج على بعض النقاط التي توضح حقيقة و رغبة تركيا الاردوغانية في التمدد بالمنطقة وكيفية تشكل تلك الرغبة في السياسة التركية . لنتذكر أنه بعد إنهيار الامبرطورية العثمانية وقرب تلاشيها كانت هناك فرصة لتشييد إدارة مشتركة أوجمهورية ديمقراطية للمناطق المتبقية من تلك الامبراطورية ضمن إطار الميثاق الملي الذي تم الاتفاق عليه بين العشائر الكردية والضابط العثماني مصطفى كمال والذي يشمل تركيا وشمال سوريا وشمال العراق وذالك كان في إطاراتفاق أماسيا 1919 وفي مؤتمري أرزروم وسيواس في جنوب شرق تركيا الحالية . وعلى أثرها خاض الكرد والترك معًا في فترة (1919_1922) ما يعرف في تركيا "حرب الاستقلال". وإنعكس المزايا الديمقراطية للنظام الذي سيتشكل في أول دستور عام 1921 لبرلمان الشعب الذي عقد في عام 1920 والمكون من (233 نائب و منهم 72 نائب كردي أي بمعدل 33%) والذي أجمع الغالبية منه على قانون الحكم الذاتي الكردي الذي صدر في 10 شباط 1922. مع الأشارة ان الانكليز وفرنسا وروسيا وعصبة الامم قبلوا بالحكم الذاتي في مناطق شرق الفرات في تركيا ضمن اتفاقية سيفر 1920الذي قبله السلطنة العثمانية المهزومة . لكنه من جانب أخرتواصل مصطفى كمال مع القوى المهيمنة لتلك الأوقات ووافق معهم على تجاوز المتفق عليه مع الكرد في الميثاق المللي الذي يؤكد الرغبة المشتركة للعيش معًا في دولة واحدة للشعبين وليس كما يريده اردوغان حجة للقتل والاحتلال والتطهير العرقي . وقام الأنكليزحينها بفرض ثنائية " إما الجمهورية أو الموصل وكركوك" بسبب تواجد النفط في تلك المناطق ولتحقيق التوازن بين الشيعة والسنة في العراق بمعنى تم فصل كردستان العراق الحالية من الميثاق الملي عبر أتفاقية أنقرة وأتفاقية القاهرة 1921. وكذالك تم فصل مناطق شمال سوريا من الميثاق المللي باتفاقية أنقرة 1921 بين فرنسا و انقرة وبموجبها تخلت فرنسا عن حدود سيفر. وبعد حوالي ثلاثة سنوات عند الدخول في عام 1923 وجد الكرد أنفسهم أمام مؤامرة لقوى دولية مع السلطات التركية، حيث تم تقسيم مناطقهم التي كانت تحت الاحتلال العثماني وتم وضع القسم الأكبر منه ضمن تركيا المستحدثة التي تشكلت بصيغة غير المتفقة عليها قبل الحرب.وتم اصدار دستور لعام 1924 الذي يقول كل من يتواجد على ارض تركيا تركي القومية بعد أن توافق القوى المهيمنة حينها مع الاتحاد والترقي. وعند تقوية وسيطرة الاتحاد والترقي الذين ظهروا من ضمن الحركات التي ظهرت منذ 1890 كفروع للماسونية تحت اسم العثمانية الجديدة والحركات التجديدية والممستقبلية وهم الذين يجسدون التأثير اليهودي بنفوذهم المادي والمعنوي على السلطات والحكم في تركيا وحتى أن السفير البريطاني قال عندها بانه سيطرة لليهود على الحكم في تركيا. ونستطيع إعتبار الجمهورية الاولى لتركيا خلال(1923_1980) وكان فيها "القوموية التركية البيضاء العلمانية" وعلى رأسها حزب الشعب الجمهوري هوحزب المرحلة حزب السلطة والدولة .هنا وجد الكرد أنفسهم امام خيانة الطرف التركي لتقسيم مناطقهم وضمها للعراق وسوريا المشكلة من الانكليز والفرنسيين و مرغمين على رفض ومقاومة سياسات الابادة والتطهير العرقي بحقهم وتم عيش فترة (1925_1939) كمقاومة ضد الطهر والاذابة وضد اخراج الكرد من كونهم شعب وأمة على أرضه التاريخية . أما الجمهورية الثانية(1980_حتى الأن) نظرًا للتناقضات الداخلية و تغير حالة الشرق الاوسط فإن الدور الذي اخذه حزب الشعب الجمهوري سيقوم به حزب العدالة والتنمية وبصيغة "الاسلام التركي_القوموية التركية الخضراء" علمًا أن بداية ظاهرة حزب العدالة والتنمية وأردوغان ناتجة من تحالف المحافظيين الليبراليين الجدد في أمريكا مع الرأسمال القادم من قونية وقيصري . وما تم عيشه في الجمهورية الاولى تم في الثانية ايضًا منذ 1984 وحتى الان حيث تم متابعة سياسات الانكار والابادة وقتل أكثر من 50000 شخص وحرق اكثر من 4000 قرية وكذالك تدمير حوالي 20 مدينة وبلدة كردية في جنوب شرقي تركيا (شمال كردستان وكذالك تستمرالمقاومة من قبل الطرف الكردي بغرض الحفاظ على الوجود والهوية لكافة المجتمعات المحلية في تركياوالعراقوسوريا وتحقيق أخوة الشعوب وتكاملها. لقد عرضت قسمًا من سلوك وسياسة تركيا لندرك أن المنطقة أمام توترات كبيرة وكثيرة بسبب تمدد العثمانية الجديدة التي تم بنائها كجزء من المؤامرة الدولية على القيم الحضارية والتاريخية والثقافية للمنطقة ولشعوبها. وليدرك أبناء منطقتنا(الشرق الأوسط) أن تركيا الاستعمارية قائمة على سياسة التطهير العرقي والابادة في داخلها فكيف سيكون سياستها الخارجية مع العلم أن تركيا من أول الدول التي اوجدت القوى غير النظامية التي أسديَت لها كل الجرائم التي تريدها السلطات التركية ممارستها باسم مستعار لكن الدول والقوى المهيمنة العالمية ولمصالحها كانت تتستر على جرائم تركيا وبل تدعمها وتصف الطرف المقاوم عن هويتها وبقاء شعبها بالإرهاب. واساليب الخداع والخيانة والتدخل بشؤون الغير مازالت ضمن أجندة العثمانيين الجدد وما تفعله تركيا الأردوغانية في ليبيا والصومال وسوريا والعراق وغيرهم يؤكد ذالك. بالأضافة الى استغلال أردوغان القضية الفلسطينية للمتاجرة ولغرض كسب النفوذ في العالم الاسلامي بالرغم من أن تركيا اول دولة مسلمة اعترفت باسرائيل وكذالك تزايد التبادل التجاري و استمرار العلاقات العسكرية بينهم و الكيان الإسرائيلي . ولعل تَكذيب أردوغان من قبل باكستان بعد قمة كولالمبور وكذالك تكذيب الرئاسة الجزائرية والتونسية بعد زيارات أردوغان يجسد سلوكه المعتوه والمنحرف عن كل القيم الدبلوماسية واللباقة. يجدر الاشارة أن الانكليز كانوا القوى المهيمنة أثناء الجمهورية الاولى وأصبحت أمريكا في الثانية وهم يرسمون سياسات تركيا في النهاية كجزء للاستراتيجية الهيمنية في المنطقة . مع العلم أن حركات التصفية المسلطة على الكرد في البداية أدى الى هيمنة الفاشية التركية البيضاء وكذالك يتم استهاف الهوية الحرة الكردية في فترة التركياتية الخضراء وعدم حل القضية الكردية يبعد تركيا عن مضامين انسانية أو استقرارية. وما تفعله تركيا في الخارج نتيجة لحربها وأزمتها الداخلية مع شعوبها وهي تؤكد بممارساتها ضعفها وعجزها عن التاقلم مع الطبيعة التشاركية والتوافقية لتاريخ وثقافة المنطقة وكذالك الخصوصية للمجتمعات المحلية. لدى تركيا طرقين أما الحرب والدمار والاستمرارفي مشروع العثمانية الجديدة أوإنكار الكرد و الحل الديمقراطي والعودة الى تقاليد الحرب الوطنبة والتعايش لتحقيق الاستقرار والسلام في المنطقة. لكن على مايبدوا أنها اختارت الطريق الاول ولذالك على شعوبنا العربية والكردية ودول المنطقة تحقيق تضامنها وتحالفها وإبداء مواقف عملية سياسية واقتصادية وعسكرية أكثر شجاعة وجرأة حيث لم يلتزم أردوغان ووحزبه وتركيا في عهده بأية تفاهمات أو أية إلتزامات.