أكد أحمد أبو الغيط الأمين العام لجامعة الدول العربية، أن إعلان وزير الخارجية الأمريكي بأن بلاده لم تعد تعتبر المستوطنات الإسرائيلية بالضفة الغربية مخالفة للقانون الدولي، مرفوض شكلًا وموضوعًا. جاء ذلك خلال كلمته أمام الاجتماع الطارئ لوزراء الخارجية العرب الذى عقد اليوم فى مقر الجامعة العربية، برئاسة العراق، لبحث مواجهة القرار الأمريكى الأخير بقانونية المستوطنات الإسرائيلية على الأراضى الفلسطينية. وأضاف أبو الغيط أن الإعلان الأمريكى يعد تحولًا مؤسفًا فى موقف واشنطن، مشككًا فى أن الإدارة الأمريكية الحالية تقدر تبعاته وآثاره على المدى الطويل حق قدرها. وأكد أبو الغيط، أن هذا الإعلان لا يُغير شيئًا من وضعية المستوطنات بوصفها كياناتٍ غير شرعية ولا قانونية، مؤكدا أن القانون الدولي يصيغه المجتمع الدولي كله، وليس دولة واحدة مهما بلغت أهميتها. وأن والاحتلال الإسرائيلي يظل احتلالًا مدانًا من العالم أجمع، والاستيطان يظل استيطانًا، باطلًا من الناحية القانونية، وعارًا على من يمارسه أو يُقر به. وأشار أبو الغيط إلى أن ما يُثير الانزعاج حقًا فى شأن هذا الإعلان هو تأثيره السلبي على أى أفق لتحقيق السلام فى المستقبل، لافتا إلى أن الإقرار بشرعية الاستيطان يعني ضمنيًا إقرارًا بواقع الاحتلال، ومتسائلا:" فعلى أى شئ يتفاوض الفلسطينيون مع الإسرائيليين إذن إن لم تكن هناك أرض محتلة، أو مستوطنون مغتصبين للأرض"؟ وأضاف: "لقد جاءت الإدارة الأمريكية بوعود كبيرة بتحقيق "صفقة كبرى" تُنهي الصراع وتجعل حلم السلام واقعًا.. وما رأينا منها إلا تماهيًا كاملًا مع رغبات وتصورات اليمين الإسرائيلي فى نسخته الليكودية المتطرفة.. ويبدو أن ما نجحت فيه هذه الإدارة حقًا بعد ثلاث سنوات من المواقف الأحادية والضغوط الهائلة على الطرف الواقع تحت الاحتلال؛ أي الفلسطينيين.. هو إنهاء دور الولاياتالمتحدة كوسيط أو مرجع في أي عملية سلمية.. وهو أمرٌ يحدث للمرة الأولى منذ أربعة عقود لعبت خلالها إدارات أمريكية متعاقبة هذا الدور، بدرجات متفاوتة من النجاح والفشل". وأكد أبو الغيط أن تبعات الإعلان الأمريكي تتجاوز حتى الدور الأمريكي فى الشرق الأوسط أو فى عملية السلام، ذلك أن الاستخفاف بمبدأ مستقر نص عليه القانون الإنساني الدولي – وبالذات فى اتفاقية جنيف الرابعة – والذى يحظر على القوة القائمة بالاحتلال نقل سكانها إلى الأراضي الواقعة تحت احتلالها. وقال:" إن الاستخفاف بهذا المبدأ المستقر يضرب ما تبقى للولايات المتحدة من شرعية أخلاقية فى هذا الملف.. بل يخصم من مصداقيتها كقوة عالمية يُفترض أن تحترم القانون وأن تعمل على تنفيذه". وأضاف:"إننا ندين بأشد العبارات هذا الإعلان المؤسف الذى يضرب عرض الحائط بفكرة القانون الدولي ذاتها.. وندعو كافة دول العالم إلى التصدي لمثل هذا النهج.. ونُرحب بحالة الإجماع الدولي المناهض للإعلان الأمريكي والتى تشكلت تلقائيًا بعد الإعلان، وعبرت عنها جلسة مجلس الأمن المنعقدة فى 20 الجاري.. حيث أكدت الدول الأربع عشرة الأعضاء فى المجلس – باستثناء الولاياتالمتحدة – أن الاستيطان يُمثل خرقًا صارخًا للقانون الدولي.. وتلت مندوبة المملكة المتحدة، نيابة عن الدول الأوروبية، بيانًا واضحًا فى هذا الصدد.. فهذا الإجماع العالمي يجعل من الإعلان الأمريكي مجرد رأي فردي يكرس مبدأ أن القوة هى التى تصنع الحق.. وهو مفهوم خطير ومرفوض يكشف عن خلل قيمي لدى من يتبناه أو من يدافع عنه". وأكد أبو الغيط، أن السياسة الداخلية لأي دولة لا تصنع القانون، وأن القانون يقول أن الاستيطان، مهما طال به الأمد هو غير شرعي وإلى زوال، هذا هو أيضًا درس التاريخ، وذلك ما نؤمن به وندافع عنه، وإلى أن يزول هذا الاستيطان البغيض، فإننا نقف جميعًا مع الشعب الفلسطيني الصامد على أرضه، وندعمه بشتى الوسائل، ونحمل قضيته فى العالم كله.