ورد سؤال إلى الدكتور على جمعة، مفتى الجمهورية السابق وعضو كبار هيئة العلماء، خلال أحد الدروس الدينية مضمونه:- هل مصافحتي للنساء فى العمل تحتاج إلى تجديد الوضوء ؟". وأجاب المفتى قائلًا " قال الأحناف إنه إذا كان الرجل متوضئا وصافح امرأة فلا وضوء له مرة ثانية ويصلى ولا حرج فى ذلك، أما الشافعية فيقولون يجب عليه الوضوء مرة أخرى، فمن صافح امرأة واختلف عليه الأمر فليأخذ برأى الأحناف ". قالت دار الإفتاء، إن مصافحة الرجل للمرأة الأجنبية محل خلاف في الفقه الإسلامي؛ فيرى جمهور العلماء حرمة ذلك، إلا أن الحنفية والحنابلة أجازوا مصافحة العجوز التي لا تُشتَهَى؛ لأمن الفتنة. وأوضحت، أن من أدلة الجمهور على التحريم: قول السيدة عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها: «مَا مَسَّتْ كَفُّ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم كَفَّ امْرَأَةٍ قَطُّ» متفق عليه، وحديث معقل بن يسار رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «لأن يُطْعَن في رأس أحدكم بمخيط من حديد خير له من أن يمس امرأة لا تحل له» أخرجه الروياني في مسنده والطبراني في المعجم الكبير. وأضافت: بينما يرى جماعة من العلماء جواز ذلك؛ لما ثبت أن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه صافح النساء لمّا امتنع النبي صلى الله عليه وآله وسلم عن مصافحتهن عند مبايعتهن له، فيكون الامتناع عن المصافحة من خصائص النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وأن أبا بكر الصديق رضي الله تعالى عنه صافح عجوزا في خلافته، ولمَا جاء في البخاري عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه كان يجعل أم حرام رضي الله تعالى عنها تفلي رأسه الشريف، ولمَا أخرجه البخاري أن أبا موسى الأشعري رضي الله تعالى عنه جعل امرأة من الأشعريين تفلي رأسه وهو محرم في الحج. وتابعت: وأجاب عما استدل به الجمهور: بأن حديث معقل بن يسار حديث ضعيف؛ لضعف راويه شداد بن سعيد، وقد تفرد بهذا اللفظ مرفوعًا، ومثله لا يحتمل تفرده لو لم يُخالَف، وقد خالفه بشير بن عقبة -وهو ثقة من رجال الصحيحين- فأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" من طريق بشير بن عقبة، عن أبي العلاء، عن معقل موقوفًا عليه من قوله بلفظ: "لأن يعمد أحدكم إلى مخيط فيغرز به في رأسي، أحب إلي من أن تغسل رأسي امرأةٌ ليست مني ذات محرم". وأفادت: أنه يمكن لمن ابتلي بشيء من هذا أن يقلد مَنْ أجاز ذلك مِن العلماء، والخروج من الخلاف مستحب، وأما عن انتقاض الوضوء بمصافحة الأجنبية فهو أيضًا محل خلاف في الفقه الإسلامي؛ فبينما يرى الإمام الشافعي أنه ينقض الوضوء ولو كان من غير شهوة، يرى الإمام أبو حنيفة أن اللمس بنفسه لا ينقض ولو كان بشهوة، ويُفَصِّل الإمام مالك القول في ذلك بين ما إذا كان اللمس بشهوة فينقض أو من غير شهوة فلا ينقض، ويُروَى في مذهبه أقوال أخرى، وعن الإمام أحمد أيضًا روايات بكل هذه الأقوال، وكلٌّ له أدلته المبسوطة في كتب الفقه. ونوهت بأن القواعد الثلاث المقررة شرعًا في المسائل الخلافية: أنه إنما يُنكَر المتفَقُ عليه ولا يُنكَر المختلَفُ فيه، وأن من ابتُلِيَ بشيءٍ من ذلك فلْيُقَلِّدْ من أجاز، وأن الخروج من الخلاف مستحب. بدوره، قال الدكتور مجدي عاشور، المستشار العلمي لمفتي الجمهورية، إنه يجوز مصافحة المرأة كنوع من حسن الاستقبال والتحية بشرط عدم وجود تلذذ وشهوة في ذلك. وأضاف عاشور، أن العلماء قيدوا حديث رسول صلى الله عليه وسل: «لأن يُطعنَ في رأسِ أحدِكم بمخيطٍ من حديدٍ خيرٌ له من أن يمسَّ امرأةً لا تحلُّ له»، وأكدوا أن المقصود ب«يمسَّ» أي بشهوة وتلذذ وهذا حرام. وفي السياق نفسه، أوضح الشيخ أحمد ممدوح، مدير إدارة الأبحاث الشرعية وأمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، أن العلماء اختلفوا في أن مصافحة المرأة للرجل الأجنبي تنقض الوضوء. وأشار مدير إدارة الأبحاث الشرعية، إلى أن الإمام الشافعي رأى أن المصافحة بين الرجل والمرأة الأجنبية تنقض الوضوء، أما الأحناف فرأوا أنها لا تنقض الوضوء لأن المقصود عندهم باللمس في قوله تعالى: «أَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاءَ» الجماع وليس المصافحة، موضحين أن الآية فيها إشارة خاصة بذلك. ونوه بأن الإمام مالك وأحمد بن حنبل رأيا أن المقصود بقوله تعالى: «أَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاءَ» المصافحة وحددوا لها شروطًا، فإذا كان اللمس بشهوة ينقض الوضوء وإن لم يكن بشهوة لم ينقض