دعا بول سالم، مدير مركز الشرق الأوسط بواشنطن إلى مصر لقيادة المنطقة وأن تأخذ دور القيادة، حتى لا تظل المنطقة مُعتمدة على السياسة الأمريكية، مشيرًا إلى أنه لفترة طويلة اعتمد الشرق الأوسط على قوى خارجية لحل مشاكلها، وتحديدا اعتمدت على الولاياتالمتحدة لحل الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، وحل المشكلة مع إيران. وأضاف: "لكن جاء الوقت الذي تأخذ فيه مصر دور الريادة، لإنها دولة كبيرة وأكبر دولة عربية وتستطيع أن تلعب هذا الدور فى المنطقة، خاصة أنه حينما خرجت مصر من المنطقة فى 1979 بعد توقيع اتفاقية السلام مع إسرائيل لم يكن هناك البديل الذى يملأ الفراغ المصرى". وقد عقد معهد الشرق الأوسط بواشنطن بالتعاون مع المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية مؤتمرًا اليوم فى نيويورك، تحت عنوان مصر في شرق أوسط متغير" بمشاركة عدد كبير من الخبراء من مصر والولاياتالمتحدة وذلك علي هامش الاجتماعات الرفيعة المستوى للجمعية العامة. وأضاف "بول سالم" فى الجلسة الافتتاحية: "يحب أن يكون هناك تحالف عربى يضم مصر والسعودية والإمارات، وأن يقوم هذا التحالف بالتعامل مع الإنقسام العربى الداخلي خاصة فى الخليج"، مشيرًا إلى أن مصر فى وضعية تسمح لها بلعب هذا الدور، خاصة أن لديها سلام مع اسرائيل وعلاقات مع دول المنطقة، وبالتالى فإنها قادرة على القيادة، حتى لا تظل المنطقة معتمدة على الولاياتالمتحدة. وأشار "بول" إلى أنه حينما نتحدث المشكلة الفلسطينية والتى تسبب مشاكل مستمرة فى المنطقة، فإن المنطقة يجب ألا تعتمد على "جاريد كوشنير" ومبادرته الخاصة بحل القضية، بل يجب على التحالف العربى أن يتدخل بقوة فى هذه القضية دون تردد. وتحدث بول سالم عن تركياوإيران باعتبارهما من اللاعبيين فى المنطقة، قائلا: "إن تركيا هى لاعب أساسي، لكن للأسف تسبب سياسات الحزب الحاكم فى تركيا الذى يقوده الإخوان المسلمين فى مشاكل مع الدول العربية، التى لم يعد لها علاقات سياسية الآن مع أنقرة"، داعيًا دول المنطقة إلى البحث عن آليات مختلفة للتعاون. وأشار إلى أنه يمكن إيجاد آلية للتعاون بين التحالف العربى المكون من مصر والسعودية والإمارات، مع كلًا من إيرانوتركيا من خلال شعوب الدولتان، وقال أن الشعب الإيراني يقف فى منطقة أخرى بصفة مختلفة عن الحكومة الايرانية، ويمكن أن نعتبر ذلك فرصة للمشاركة معهم والتعامل بطريق معينة. وأضاف بول سالم: "إن استقرار المنطقة يتطلب أن يكون هناك استقرار عربى، على أن يشمل ذلك أيضًا تركياوإيران وإسرائيل ليكون هناك شرق أوسط توسعى أكبر، بحيث نفهم بعضنا البعض عن طريق السلام وليس الحروب" وشدد على أن مصر تعى جيدا حجم التغيرات التى تجرى فى المنطقة، كما أن القيادة المصرية تتحرك بصفة جادة نحو الديمقراطية، والإصلاحات الاقتصادية الداخلية. من جانبه قال الدكتور خالد عكاشة، مدير المركز المصرى للفكر والدراسات الإستراتيجية، أن منطقة الشرق الأوسط تمر بمرحلة دقيقة وخطيرة، موضحا: "المنطقة تشهد أنماطًا مختلفة وغير تقليدية من التهديدات والتفاعلات الجيوسياسية والاستراتيجية، سواء على مستوى وحدات الأقليم أو علاقاته الإقليمية أو فى علاقة الأقليم بالقوى الخارجية. لافتا إلى أنه إلى جانب استمرار ظاهرة الدولة المنهارة والمأزومة والتي تكرست كجزء من تداعيات ما عرف بالربيع العربي والصعوبات العديدة التى لازالت تواجه مشروعات التسوية السياسية فى هذه الدول، وإعادة وضعها على مسار الدول الطبيعية فإن تداعيات وتكاليف هذه الظاهرة لم تعد تقف عند الحدود السياسية لهذه الدول، ولازال هناك فاعلين اقليميين يسعون للحفاظ على هذه الحالة بل وتعميقها. وأضاف "عكاشة" أن الأمر نفسه يتعلق بظاهرة الإرهاب فرغم هزيمة داعش لكن لا يمكن بأى حال من الأحوال الادعاء بانتهاء داعش كتنظيم أو كايدولوجيا، وهناك مؤشرات عديدة تؤكد محاولة التنظيم التأقلم مع مرحلة ما بعد الدولة، من خلال بناء إستراتيجية جديدة، تضمن له البقاء من ناحية ومزيد من الانتشار على حدود الإقليم من ناحية أخرى، على نحو يفتح المجال أمام سيناريوهات مختلفة وخطيرة لمرحلة ما بعد دولة داعش من بينها زيادة حالة التماهى والتنسيق بين التنظيمات الارهابية الكبرى فى المنطقة، أو بين التنظيمات الارهابية المحلية. وقد ضاعف من خطورة واستقرار مصادر التهديد بالإقليم سياسيات بعض القوى الاقليمية التى تلعب دورا معلنا فى توسيع حجم التفاعلات الصراعية فى الاقليم من خلال أدوات عدة، أبرزها الاستثمار السياسى والمالى والاعلامى لهذه القوى فى الوكلاء المحليين من الفاعلين المسلحين من غير الدول استنادا إلى ارتباطات طائفية وأيديولوجية.