ألقى الدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف، خطبة الجمعة بمسجد" الإمام الحسين" (رضي الله عنه) بالقاهرة بعنوان "اغتنام مواسم الطاعات والخيرات" بحضور نقيب الأشراف السيد محمود الشريف وكيل أول مجلس النواب ، ومصطفى بكري عضو مجلس النواب ، والشيخ خالد خضر وكيل وزارة الأوقاف بالقاهرة ، وعدد من القيادات الدعوية والشعبية والتنفيذية بمحافظة القاهرة. وفي بداية خطبته أكد وزير الأوقاف أن الله عز وجل قد اختص من أيام الدهر مواسم تُضاعف فيها الحسنات، وتكثر فيها الخيرات، وتُرفع فيها الدرجات؛ من هذه الأيام العشر الأول من ذي الحجة، حيث أقسم الله عزوجل بها في كتابه العزيز فقال سبحانه : وَالْفَجْرِ* وَلَيَالٍ عَشْرٍ * والشفع والوتر، وهذه دلالة واضحة على فضل ومكانة هذه الأيام ، وأن لياليها من أفضل الليالي عند الله تعالى ، والعمل الصالح فيها أحب إلى الله (عز وجل) من غيرها ، فهي موسم للرِّبح ، وطريق للنَّجاة ، وميدانُ السَّبْق إلى الخيرات. وأشار إلى أن الحج يحمل رسالة سلام للكون كله؛ فالحج سلم وسلام كله، أمن وأمان حتى مع من لا يعقل، فالحاج لا يخاصم، ولا يجادل ، ولا يُهيّج صيدًا ولا ينفره أو يقتله، يقول تعالى :"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ"، ولا تقتصر المسالمة على الإنسان والحيوان فحسب ، بل تمتد إلى النباتات ، فالحاج مأمورٌ حتى بمسالمة النبات ، حيث يقول نبينا (صلى الله عليه وسلم) :"إن هذا البلد حرّمه الله تعالى لا يُعْضَدُ شوْكُه [أي لا يُقطع] ، ولا يُنفَّرُ صَيدُه ، ولا يَلتقط لُقطتَه إلا مَن عَرَّفها"، ولا شك أن في ذلك تدريب وتأهيل للمسلم على أن يَسْلمَ من أذاه البشرُ حتى الشجرُ والحجرُ بعد عودته من فريضة الحج . وفي سياق متصل أكد أن التدين الصحيح غاية الإنسان الرشيد والدول الرشيدة ، فالأديان رحمة وسماحة وعطاء ، بها ميزان صلاح الكون واعتداله واستقامته ، فيصير العالم بلا أديان غابة متوحشة ، وبإساءة استخدامها أشد وحشية وقتامًا ، فنحتاج إلى رحمة ربانية ، ورؤية ثاقبة تميز الخبيث من الطيب ، والغث من الثمين ، تُعيد للأديان معانيها السامية الراقية ، وتنفي عنها تأويل الجاهلين وتحريف المغالين وانتحال المبطلين ، وتعمل على إيقاظ الضمائر الإنسانية قبل فوات الأوان . ونوه إلى أن الأضحية صورة من صور التكافل المجتمعي التي تحقق التواد والتراحم والترابط بين أفراد المجتمع ، ولما رأى النبي (صلى الله عليه وسلم) بالناس فاقة قال لهم : مَنْ ضَحَّى مِنْكُمْ فَلَا يُصْبِحَنَّ بَعْدَ ثَالِثَةٍ ، وَبَقِيَ فِي بَيْتِهِ مِنْهُ شَيْءٌ ، فَلَمَّا كَانَ الْعَامُ الْمُقْبِلُ ، قَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ نَفْعَلُ كَمَا فَعَلْنَا عَامَ الْمَاضِي؟ قَالَ: كُلُوا ، وَأَطْعِمُوا ، وَادَّخِرُوا ، فَإِنَّ ذَلِكَ الْعَامَ كَانَ بِالنَّاسِ جَهْدٌ فَأَرَدْتُ أَنْ تُعِينُوا فِيهَا ، فحيث يكون الرخاء والسعة يكون العمل بقوله صلى الله عليه وسلم: كلوا وتصدقوا وادخروا, وحيث يكون بالناس جَهد وحاجة أو شدة وفاقة يكون العمل بقوله صلى الله عليه وسلم : من ضحى منكم فلا يصبحن بعد ثالثة وفي بيته منه شيء . وفي ختام خطبته أكد أن الأضحية كما تتحقق بالذبح تتحقق بشراء الصك ، ولا شك أن ذلك يعظم من نفع الأضحية وبخاصة لمن لا يملك آلية لتوزيعها على الوجه الأمثل مما يجعلها تصل عبر منظومة الصكوك إلى مستحقيها الحقيقيين وهو ما يزيد من نفع الأضحية وثوابها في آن واحد كما أنه يسهم في إيصال الخير إلى مستحقيه بعزة وكرامة، وما أجمل أن يجمع المستطيع الموسر بين الأمرين ذبح الأضحية توسعةً على أهله وذويه ، وشراء الصكوك توسعة على عامة الفقراء في المناطق الأكثر احتياجًا ، وللأسر الأولى بالرعاية .