سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
ذراع أردوغان في أوروبا.. سلطان أنقرة ينجح في بناء أضخم شبكة تجسس داخل الدول الأوروبية لدعم الإخوان واختطاف المعارضين وملاحقتهم.. وكابوس القوة الناعمة يهدد أمن ألمانيا وينتشر لجميع أنحاء القارة العجوز
* كيف نجح أردوغان في تأسيس شبكة تجسس عملاقة في أوروبا؟ * الرئيس التركي استخدم القوة الناعمة والسفارات والمساجد للتجسس على معارضيه * دعم أردوغان للإخوان يهدد أمن الدول الأوروبية منذ صعود الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى سدة الحكم في 2003، عكفت إدارته على تقديم دعم مالي ولوجيستي ضخم للمنظمات الإسلامية حول العالم، خاصة أوروبا، فمع صعود حزب العدالة والتنمية التركي، سعى النظام التركي إلى الاستحواذ على النفوذ في الشتات التركي، وإقناع أكبر شريحة ممكنة من السكان الأتراك في أوروبا بالتصويت لصالح حزب العدالة والتنمية. بالفعل نجحت هذه الاستراتيجية إلى حد كبير، وأصبح هناك توازن في نتيجة الانتخابات، وبعيدًا عن ذلك، تجاوز دعم أردوغان لتلك المنظمات من مجرد ممارسة نفوذ على الجاليات الإسلامية في أوروبا، إلى بناء شراكة وثيقة مع المنظمات الإسلامية هناك وجميع من لهم صلات بجماعة الإخوان الإرهابية. وتحت عنوان "ذراع أردوغان في أوروبا"، نشرت مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية، أمس الأربعاء، تقريرًا مطولًا حذرت فيه من شبكة التجسس الواسعة التي أنشأها أردوغان وتديرها السفارات التركية في أوروبا، وذلك بغرض تعزيز نفوذه في جميع أنحاء الاتحاد الأوروبي، فضلًا عن دعمه الوثيق لشبكات جماعة الإخوان المسلمين، الأمر الذي يقوض الجهود الأوروبية لدمج الشتات التركي. وقالت المجلة إن حكومة أردوغان والمنظمات غير الحكومية والمؤسسات المالية الموالية لحزب العدالة والتنمية التركي، شرعوا في توفير دعم هائل للشبكات المرتبطة بجماعة الإخوان التي تعمل بدورها على تلميع صورة أردوغان وحزبه وحكومته، خاصة في الدول ذات الجاليات التركية الكبيرة مثل ألمانيا والنمسا وهولندا. ورأت المجلة الأمريكية أن الشبكات الإسلامية وجماعة الإخوان في تركيا مرتبطة ببعضها البعض، وذلك من خلال الانتماءات الأيديولوجية، لافتة إلى أن تلك العلاقة ترسخت منذ ما يعرف بالربيع العربي وصعود الإخوان في مصر، إذ أن فروع التنظيم الإرهابي في جميع أنحاء الوطن العربي، عمدت إلى تأسيس مشاريع تجارية لها في اسطنبول حيث تتلقى الدعم السياسي والمالي من أنقرة، ويدير أعضاء جماعة الإخوان المسلمين أعمالهم ومحطاتهم الفضائية من تركيا بحرية. وأضافت "فورين بوليسي" أنه "في الوقت الذي شهدت تركيا ازدهارًا اقتصاديًا، أقدم أردوغان على الاستثمار في الدبلوماسية الدولية والمساعدات الإنسانية لزيادة نفوذه، سواء في البلدان ذات الأغلبية المسلمة أو في الدول الغربية ذات الأقليات المسلمة المهمة، وفي سعيه إلى أن يصبح زعيمًا بلا منازع للعالم الإسلامي، يستفيد أردوغان من المنظمات الدينية للدولة التركية الخاضعة لسيطرة حزبه، والجماعات الإسلامية التركية مثل ميلي جوروس" والمنظمات ذات المصالح المشتركة والآفاق السياسية مثل جماعة الإخوان المسلمين وفروعها في الغرب". وبحسب المجلة، كشفت وثائق داخلية للحكومة التركية مُسربة تم الإعلان عنها في عام 2017 من قبل السياسي النمساوي البارز بيتر بيلز، عن أن أردوغان أسس شبكة تجسس واسعة من اليابان إلى هولندا، ومن كينيا إلى المملكة المتحدة، وفي كل دولة يتم استخدام شبكة التجسس الضخمة التي تتكون من جمعيات ونواد ومساجد عبر السفارة التركية وضباط المخابرات المحليين من أجل التجسس على معارضيه على مدار الساعة. وتتحدث السلطات في العديد من الدول الأوروبية، سواء سرًا أو علنًا، عن شبكات مماثلة، واكتشفت أيضًا العديد من المؤامرات لاختطاف معارضي أردوغان على أراضيها، فيما تهدف غالبية أنشطة الحكومة التركية داخل أوروبا إلى التجسس أو ممارسة النفوذ، تُنفذ بقيادة السفارات التركية التي تعمل تحت الحصانة الدبلوماسية، وهذه السفارات تشرف على شبكة واسعة من الكيانات غير الحكومية التي تتراوح ما بين المنظمات الدينية إلى الشركات الخاصة. وتُعد منظمة "ميلي جوروس" أبرز هذه الكيانات وتأسست في أواخر الستينيات من قبل نجم الدين أربكان، المرشد السياسي لأردوغان، وهي منظمة إسلامية لديها حركة قومية قوية وتتبنى العديد من مواقف جماعة الإخوان المسلمين وأهدافها وتكتيكاتها ولكنها تضيف إليها الطابع العثماني الجديد، وهو ما يزيد من خطورتها. وتعمل هذه الحركة منذ فترة طويلة في أوروبا ولديها قرابة 300 ألف عضو وتسيطر على مئات المساجد وخاصة في ألمانيا. وتؤكد "فورين بوليسي" أن السلطات في جميع أنحاء أوروبا تعرب باستمرار عن قلقها إزاء "ميلي جوروس"، فعلى سبيل المثال ترى أجهزة الأمن الفيدرالية في ألمانيا أن أهداف تلك المنظمة مثيرة للقلق وتمثل تهديدًا مباشرًا لجهود الحكومة الألمانية لدمج المهاجرين والوافدين حديثًا والألمان من أصل تركي. واختتمت المجلة بالقول إن الأوروبيين يشعرون بالقلق المتزايد إزاء تداعيات عمليات النفوذ التركي داخل أراضيهم، لاسيما العلاقات التركية الوثيقة مع جماعة الإخوان المسلمين التي تشكل القوة الناعمة لتركيا، على حد وصف ياسين أكتاي نائب رئيس حزب العدالة والتنمية السابق والمستشار الحالي لأردوغان. وأكدت "فورين بوليسي" أن مواجهة هذا الأمر يعتبر تحديًا شديدًا لأنها منظمة من قبل دولة قوية تتمتع بصلات تجارية وسياسية وأمنية عميقة مع معظم الدول الأوروبية.