أكد أحمد أبوالغيط الأمين العام لجامعة الدول العربية أن الثقافة العربية تقف اليوم في مفترق طرق حقيقي، وتواجه سؤالًا صعبًا ومعضلة حقيقية عن كيف تُجدد نفسها من دون أن تفقد هويتها وأصلها الحضاري وامتدادها الضارب في جذور التاريخ؟،مضيفا أن مستقبلنا وموقعنا من الحضارة العالمية يتوقف على تعاملنا مع هذه المعضلة الصعبة. وأضاف أبو الغيط خلال كلمته أمس الثلاثاء أمام مؤتمر وزراء الثقافة العرب، أن المجتمعات من دون ثقافة وطنية عصرية جامعة تفقد تماسك نسيجها وعناصر اللحمة بين أبنائها، بل تفقد أسباب الاتصال والتواصل عبر أجيالها. وعرض أبوالغيط فى كلمته ثلاث نقاط رئيسية تتصل اتصالًا مباشرًا بقضية الثقافة في العالم العربي، الأولى أن ثقافات الشعوب لا تعيش فقط على منجزات الماضي، بل هي كائن حي يطلب التطور والتجدد، و علينا أن نسأل أنفسنا بكل صراحة: هل حال الثقافة العربية اليوم أفضل مما كان عليه منذ قرن من الزمان، أم تدهور وتراجع؟ . وأوضح أن النقطة الثانية هى أن الثقافة العربية تدفع اليوم ثمنًا فادحًا جراء حالة الفوضى والاضطراب والصراعات التي سادت بعض دولنا خلال السنوات الأخيرة، وبعضٌ من أهم معالم التراث العربي، دُمرت أو شوهت على أيدي عصابات الإرهاب، وهناك جيلٌ كامل من الطلبة العرب يُعاني الضياع، وخسارة سنوات الدراسة بسبب الحروب، ويكفي أن نشير إلى أن بعضًا من أبناء اللاجئين السوريين لا يدرسون العربية، بل لغات أخرى. وأكد على أن الثقافة لا تزدهر في أزمنة الاضطراب، بل الغالب أن يسود في هذه الأزمنة الخطاب المتطرف الرافض للآخروالمنغلق على الذات، والخطاب الذي ينتمي للماضي ويُخاصم العصر. وطالب كافة المهتمين بالعمل الثقافي بألا يكتفوا بنقد الخطاب المتطرف والمنغلق قائلا : "علينا أن نعمل معًا على تطوير خطاب مضاد.. خطاب تنويري معاصر، يربط الثقافة العربية بعصرها ويصلها بتراثها الحقيقي.. وهو تراث منفتح، وإنساني بكل ما تعنيه الكلمة.. إن الانغلاق يكون دومًا محصلة لضعف الثقة في الذات .. وكلما زادت ثقتنا في منجزنا الحضاري والثقافي، كلما صار انفتاحنا على الآخر عنصر قوة للثقافة وإثراء للحضارة". وأضاف أن النقطة الثالثة هى أن القمة العربية التي انعقدت في الظهران بالمملكة العربية السعودية في أبريل الماضي اتخذت قرارًا بتكليف الأمانة العامة لجامعة الدول العربية بالتحضير لانعقاد القمة الثقافية الأولى ،وفكرة القمة الثقافية تعود إلى ما يزيد على ثماني سنوات، كان لمؤسسة الفكر العربي، ورئيسها الأمير خالد الفيصل، الفضل الأول في الدعوة إليها،مؤكدا إنني أعتبر أن هذا القرار يعكس التزامًا سياسيًا على أعلى مستوى في الدول العربية بقضية الثقافة، ويُمثل ادراكًا محمودًا لخطورة هذه القضية وإلحاحها.