يعاني ذوي البشرة السوداء في الولاياتالمتحدةالأمريكية، من عنصرية القوانين والمواطنين تجاههم منذ نهاية الحرب الأهلية وإجهاض العبودية عام 1865، على خلفية قوانين "جيم كرو" التي تركت أثرها في نفوس الكثيرين حتى يومنا الحالي، حيث جعلت تلك القوانين من أصحاب البشرة السوداء مواطنين من الدرجة الثانية مقارنة بذوي البشرة البيضاء. وفي واقعة فريدة من نوعها، ألهمت روزا باركس أمثالها من ذوي البشرة السوداء للتخلص من تلك القوانين العنصرية، ففي 1924 انتقلت باركس للعيش في مدينة مونتجومري التابعة لولاية ألاباما الأمريكية، حيث كانت تبلغ 11 عاما عندما شعرت بالممارسات العنصرية تجاهها بفضل قوانين جيم كرو، حيث منع السود من ارتياد المدارس الراقية التي كانت حكرًا على البيض فقط، ومنعوا من دخول مراحيض ذوي البشرة البيضاء، وكذلك حرمت قوانين جيم كرو على الأمريكيين ذوي الأصول الإفريقية دخول مكتبات البيض، ووفرت لهم مكاتب أخرى متواضعة. وفي 1955، ضاق صدر باركس بالممارسات العنصرية التي تلاحق الشابة السمراء، فعندما ركبت باركس الحافلة لتعود إلى منزلها عقب يوم عمل متعب، لاحظ سائق الحافلة وجود عدد من البيض الواقفين عقب امتلاء المقاعد المخصصة لأصحاب البشرة البيضاء، فأصدر أوامره لأصحاب الأربع مقاعد الأولى بالجهة المخصصة للسود بالوقوف وترك مقاعدهم للراكبين البيض، وبينما نفذ ثلاثة من الراكبين السود للأوامر، رفضت امرأة واحدة التخلي عن مقعدها، مؤكدة حقها في الجلوس وهي روزا باركس. ونصت قوانين كرو حينها على أن يستقل أصحاب البشرة البيضاء الجزء الأمامي للحافلة، بينما يركب السود بالجزء الخلفي، وتضمنت القوانين العنصرية التأكيد على ضرورة سفر أصحاب البشرة البيضاء وهم جالسون، وتمنح الحق للراكب الأبيض أن يجبر الراكب الأسود على ترك مقعده بالحافلة من أجله. واعتقلت باركس على إثر تلك الواقعة بسبب رفضها القيام من مقعدها، فما كان بها إلا أن اتصلت بزوجها ريموند، الذي تواصل مع الجمعية الوطنية للنهوض بالملونين المصنفة كواحدة من أبرز الجمعيات المدافعة عن حقوق ذوي البشرة السوداء بالولاياتالمتحدة، لتلهم باركس ذوي البشرة السوداء بمدينة مونتجومري لتنظيم حركة احتجاجية تاريخية ضد قوانين جيم كرو. ومثلت باركس في 1955 أمام القضاء الأمريكي بتهمة مخالفة قوانين جيم كرو ليصدر في حقها حكما بدفع غرامة مالية قدرت قيمتها بنحو 10 دولارات، إضافة إلى 4 دولارات على شكل ضريبة لصالح المحكمة، فكان رد ذوي البشرة السوداء في المدينة مفاجئا للسلطات الأمريكية، حيث نظموا حركة احتجاجية قاطعوا من خلالها الحافلات احتجاجًا على القوانين العنصرية، التي كانت تعتمدها مؤسسات النقل. وشكلوا أيضا جمعية Montgomery Improvement Association، التي تزعمها الحقوقي، مارتن لوثر كينج الابن، وذلك لتنظيم عملية المقاطعة لحين إجهاض القوانين العنصرية المعتمدة بحافلات مونتجومري. تسببت حملة المقاطعة في خسائر فادحة للحافلات في المدينة حيث مثل السود 70% من ركابها، وفي 1956، أعلنت المحكمة انتصار ذوي البشرة السوداء، بعدما أقرت بعدم قانونية سياسة التمييز العنصري داخل الحافلات، مؤكدة مخالفتها للدستور، ليصدر عقب ذلك قرار رسمي بإجهاض القوانين العنصرية المعتمدة ضد السود داخل الحافلات بولاية ألاباما. وتمكنت روزا باركس من إجهاض واحد من أسوأ قوانين جيم كرو بولاية ألاباما بسبب رفضها التنازل عن مقعدها، لتلقّب، بعد ذلك، من قبل كثيرين ب"أم حركات الحقوق المدنية المعاصرة". حصلت روزا باركس على ميدالية الكونجرس الذهبية عام 1999، وعقب وفاتها في 2005 عن عمر يناهز ال92 عاما، أصبحت أول امرأة أمريكية تعرض جثتها بمبنى الكابيتول، وذلك قبل أن يتم نقل رفاتها إلى مدينة ديترويت بولاية ميشيجان.