أظهر استطلاع أجرته رويترز أن الاقتصاد المصري سينمو بنسبة 1.8% فقط في السنة المالية الحالية و 3.1 % في السنة المالية القادمة مع تعافيه ببطء من الاضطرابات السياسية التي أدت للاطاحة بالرئيس حسني مبارك وعطلت الاقتصاد. وتوقع الاستطلاع الذي شمل عشرة اقتصاديين استقرار معدل النمو السنوي للناتج المحلي الاجمالي في أكبر الدول العربية من حيث عدد السكان عند 1.8 % في السنة المالية التي تنتهي في 30 من يونيو 2012 دون تغير عن مستواه في السنة المالية الماضية. لكن هذا التوقع أعلى من 1.3 % في الاستطلاع السابق الذي أجري في سبتمبر. وتوقع المشاركون في الاستطلاع أن يتسارع النمو بعد ذلك الى 3.1 بالمائة في 2012-2013 لكنه سيظل بعيدا عن معدل ال6 بالمائة الذي يقول الاقتصاديون إن مصر تحتاج إليه لتبدأ خلق فرص عمل كافية للسكان الذين يبلغ عددهم 80 مليون نسمة. ويترنح الاقتصاد المصري تحت وطأة سلسلة من الاشتباكات العنيفة ضد المجلس العسكري الحاكم منذ أن أطاحت انتفاضة شعبية بالرئيس مبارك في فبراير ودفعت المستثمرين والسائحين للخروج من البلاد. لكن اقتصاديين يقولون ان تحديد جدول زمني واضح لنقل السلطة الى المدنيين قد يعزز النمو قليلا في السنة المالية 2012-2013. وقال ديفيد كاون الخبير الاقتصادي لدى سيتي "نرى أن النمو سيتسارع في السنة المالية القادمة." وأضاف "حالما نتجاوز المسائل السياسية والانتخابات وما شابه نأمل أن تكون هناك عودة لمزيد من الثقة وهو ما قد يؤدي لارتفاع تدريجي في الاستثمار وبعض التعافي في قطاع السياحة". وكانت السياحة -وهي مصدر رئيسي للايرادات في مصر- تشكل أكثر من عشر الناتج المحلي الاجمالي قبل أن تثني الاضطرابات السياسية السائحين عن القدوم. وتتوقع مصر أن تحقق تسعة مليارات دولار فقط من السياحة في عام 2011 بانخفاض بمقدار الثلث تقريبا عن مستوى الايرادات قبل عام. وتراجع الاستثمار الاجنبي المباشر الى 440.1 مليون دولار في الاشهر الثلاثة من يوليو الى سبتمبر مقارنة مع 1.60 مليار دولار قبل عام وهو ما ساهم في تكون عجز قدره 2.36 مليار دولار في ميزان المدفوعات مقارنة مع فائض قدره 14.7 مليون دولار قبل عام. وأضاف كاون "من وجهة نظرنا المعركة كلها هي الانتهاء من كل الانتخابات وتشكيل حكومة يمكنها البدء بأخذ قرارات سياسية ملموسة بشكل أكبر ثم التحرك من هذه النقطة." وغطت الاشتباكات العنيفة التي وقعت بين قوات الامن والمحتجين هذا الاسبوع على الانتخابات البرلمانية التي بدأت في 28 من نوفمبر تشرين الثاني وتنتهي في 11 من يناير لكن الجيش قال انه سينفذ تعهده بالانتقال الى الحكم المدني. ويقول محللون ان التهديد الاقتصادي الاكثر الحاحا هو تراجع الاحتياطيات الاجنبية لمصر مع تأثر السياحة والتصدير بالاضطرابات ومع خروج رؤوس الاموال من البلاد. وهبطت الاحتياطيات من نحو 35 مليار دولار في بداية 2011 الى نحو 20 مليار دولار في نهاية نوفمبر وقد تصل خلال الاشهر المقبلة الى مستويات يعجز عندها البنك المركزي عن منع هبوط حاد ومفاجئ في قيمة الجنيه المصري. وقال كاون "لقد استنفدوا احتياطياتهم من النقد الاجنبي لذلك فقد تراجعت الاموال التي يمكن استخدامها لدعم العملة في الفترات القادمة." ومن المتوقع أن يستمر الضغط على الجنيه اذ تشير توقعات الى أنه سيهبط الى 6.30 جنيه مقابل الدولار الامريكي بنهاية يونيو حزيران والى 6.50 جنيه بنهاية يونيو 2013 من نحو 6.02 جنيه في الوقت الراهن. واذا تراجعت قيمة الجنيه بشكل كبير فان هذا سيفرض ضغوطا صعودية على التضخم الذي من المتوقع أن يرتفع الى 9.4 بالمئة في نهاية يونيو قبل أن يتباطأ الى 8.9 % بنهاية يونيو 2013 نتيجة لانخفاض متوقع في أسعار الغذاء العالمية. وارتفع التضخم الى 9.1 بالمئة في 12 شهرا حتى نوفمبر مقارنة مع 7.1 % في أكتوبر. وقال سيد هيرش الخبير الاقتصادي المختص بالشرق الاوسط لدى كابيتال ايكونوميكس "نتوقع أن تتراجع أسعار الغذاء والطاقة العالمية في العام المقبل. لكن من الواضح أن التضخم سيظل غامضا جدا بناء على ما يحدث للجنيه المصري." وأضاف "قد يتدهور أكثر من ذلك ليصل الى ثمانية جنيهات مثلا مقابل الدولار اذا لم يتم الاتفاق على تمويل خارجي قريبا وهو ما سيزيد الضغوط التضخمية بالطبع." ورفضت مصر قرضا بقيمة ثلاثة مليارات دولار من صندوق النقد الدولي في يونيو. لكنها تقول الان انها قد تستأنف المحادثات مع الصندوق.