أكد الأمير طلال بن عبدالعزيز، رئيس المجلس العربى للطفولة والتنمية ورئيس برنامج الخليج العربى الانمائى "أجفند"، أن مصر الدولة الأهم بالنسبة للعالم العربى عامة وللمملكة العربية السعودية بصفة خاصة. وقال إن مصر والسعودية تربطهما علاقات وثيقة منذ الأزل وأن عودة مصر للصف العربى هى دعم للمنطقة بأكملها. جاء ذلك فى كلمة للأمير طلال خلال فعاليات الندوة الفكرية بعنوان "مصر الموقع والدور" بحضور نخبة من السياسيين وأصحاب الفكر والرأى إضافة إلى استضافة المفكر التركى الدكتور سمير صالحة عميد كلية القانون والعلوم السياسية بجامعة غازى عنتاب باسطنبول التركية والمختص بالشئون العربية. وطرح الدكتور سمير صالحة رؤيته حول كيفية استعادة مصر لمكانتها العربية والإقليمية، وذلك من منظوره كباحث متخصص فى التحليل السياسى، حيث أكد أن هناك معوقات استراتيجية وإقليمية تواجه العودة المصرية التى ستصحح مسار باقى الدول العربية، معربًا عن اعتقاده بأن مصر ستكون هى النموذج التى ستريد الدولة العربية محاكاته مستقبلاً. وأوضح أن مصر بعد مضي عام على الثورة المصرية بدأت بالفعل فى الاستجابة للمطالب بتحسين ادائها في الداخل والخارج، مشيرًا إلى أن الثورة نجحت في قطع الطريق على محاولات رموز النظام السابق العودة إلى الإمساك بزمام الأمور. وقال إن المشهد فى مصر، كما نراه فى أنقره، يؤكد أن هناك رغبة حقيقية في إعادة تنظيم الشئون الداخلية السياسية الدستورية الاجتماعية الانمائية في مصر، موضحًا أنه يجب ألا تتحول حالة الاندهاش السياسي القائمة اليوم إلى صدمة تخيب الآمال وتعيد المصريين إلى نقطة البداية التي تحركوا منها في ساحة التحرير. وأضاف أنه لا يمكن لمصر أن تتحرك وتتغير دون إصلاحات حقيقية في الداخل، مشيرًا إلى أن الإصلاحات الدستورية الأخيرة في مصر ليست نهائية حاسمة وأن الدكتور محمد مرسى رئيس الجمهورية سيقود عملية إعلان دستور آخر بأسلوب وطريقة حضارية تجمع الشمل وتوحد شرائح المجتمع المصري. وأشار المفكر التركى الدكتور سمير صالحة، إلى أن الرئيس مرسي نجح في مخاطبة الجماهير والتعامل معها لكن الحكومة والقيادات السياسية في السلطة لم تصل إلى ذلك بعد حيث اقنع الرئيس مرسى الكثيرين بأنه يعيش مشاكل الناس ويتابع مصالحهم من خلال المعلومات التي ذكرها عن التلاعب بأسعار البوتاجاز، ودقيق الخبز والملابسات التي تحيط بمشكلات المرور وغير ذلك. وأضاف أن الرئيس مرسى أكد أن دائرة الفساد أوسع مما يظن كثيرون، أن القضاء عليها يحتاج إلى وقت طويل كما يحتاج إلى تعاون المجتمع في ذلك. وقال إن القاهرة أعلنت موقفها إزاء ما يجري في المنطقة العربية التي تعيش وسط الرياح والعواصف وهي تستعد لمراحل الدخول في إعادة رسم خرائط الشرق الأوسط، حيث لا نعرف بالضبط ما الذي سيحدث بعد سقوط النظام السوري، وتأثير ذلك على أكثر من بلد وعاصمة. وأكد أن مصر لم تنجح بعد في خلع عباءة الاشتراكية بمواصفاتها الكلاسيكية السلبية التي هربت منها العديد من الدول الشرقية منذ أواخر الثمانينيات وتبني التحول والانتقال إلى إعطاء الأولوية للحرية الفردية والاقتصاد الحر. وأشار إلى أن الانتخابات التي حملت الإخوان إلى السلطة حملتهم أيضًا مسئولية الإدارة والقيادة التي طالما سعوا من أجلها، متسائلاً هل سيفرط الإخوان بها بمثل هذه البساطة أم أنهم سيوسعون رقعة التمركز من خلال توسيع حجم الخدمات والمشاريع التي تنتظرها البلاد. وقال كلنا نعلم حجم التركة الصعبة التي سلمها النظام القديم سياسيا واقتصاديا، لكن مطلب تحمل المسئولية يعني قبول تحمل أعباء المساهمة في إيصال البلاد إلى ما تستحقه ويليق بها. وتساءل المفكر التركى الدكتور سمير صالحة "هل انتهى حقا وبمثل هذه السرعة شهر العسل بين القوى السياسية التي تعاونت على إسقاط مبارك، وبدأ صراع بينها من أجل تحديد شكل نظام الحكم الجديد"..مشيرا الى انه في ذات المكان الذي خرج فيه شباب الثورة لمعارضة النظام السابق، خرج الشباب الليبرالي مؤخرًا إلى ميدان التحرير يطالب بإسقاط اللجنة التأسيسية للدستور ذات الأغلبية الإسلامية، وتكوين لجنة تمثل جميع أطياف الشعب المصري. وقال إنه على الرغم من أن محكمة القضاء الإداري تتحرك لإحالة دعاوى بطلان الجمعية التأسيسية للدستور إلى المحكمة الدستورية العليا إلا أن قرار المحكمة لم يمنع الجمعية المطعون فيها من الاستمرار في عملها، حيث تحاول الانتهاء من كتابة مشروع الدستور وعرضه في استفتاء شعبي سريعا، قبل أن تتاح الفرصة للمحكمة الدستورية للنظر في القضية، فتنتهي الدعوى. وأكد أنه لا يمكن أن تكون المرأة هي الضحية الأولي للثورة المصرية على الرغم من دورها الرئيسي في الحراك حيث وقفت جنبا الى جنب مع الرجل في مواجهة الاستبداد والظلم والفساد وإهدار الكرامة. مشيرًا إلى أن نقاشات الدستور الجديد والمقترحات التي قدمت حول موقع ودور المرأة تحتاج الى مراجعة وتدقيق، فأهم ما تحتاجه المرأة الآن هو تأكيد حقوقها المحددة في التعليم والعمل والترشح للوظائف والمناصب وتوليها، والحماية من العنف بما في ذلك التحرش الذي لا ينكر أحد ازدياد خطره والاستغلال والاتجار. وأشار إلى أن مستقبل الدور الموكل إلى مصر هو دائما كبير وهو يأتي بحجم الموقع والأهمية وفى مقدمته انتشال إفريقيا القارة من أزماتها، وانتشال جامعة الدول العربية من تخبطها.