الطيب: هؤلاء أكثر أهل الجنة.. ودعاؤهم مستجاب والناس تحتقرهم الإسلام دين المساواة.. ويجب عدم التمييز بين الناس الإسلام أمر بالتواضع في آيات وأحاديث عديدة عرّف الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، التواضع بأنه انكسار القلب لله سبحانه وتعالى، وخفض جناح الذل والرحمة للعباد، وبحيث لا ترى لنفسك عليهم فضلًا وإن كنت ترى أن لهم فضلًا عليك. وأضاف «الطيب» في حديثه الأسبوعي مع التليفزيون المصري، أنه يتضح من التعريف أن التواضع له حالتان، الأولى باطنة: وهي انكسار القلب لله تعالى فهذا أمر خفي، والثانية ظاهرة: وهي معاملة الناس بالتواضع فهذا أمر ظاهر يستطيع أن يحكم عليه الناس. وأكد الإمام الأكبر، أن التواضع من القيم العليا في الإسلام، ومن القيم المهجورة مضيفا: لأن قيمة التواضع ربما لا نجدها في المجتمعات الإسلامية على الوصف الذي أراده الله تعالى والقرآن والرسول -صلى الله عليه وسلم- من المسلمين. ونبه على أن جميع الأديان حثت على التواضع، وكذلك الحضارة الحديثة في الغرب حثت على هذه القيمة العليا، رغم أنها تقدس الإنسان والفردانية وشهواته ورغباته والإرادة الحرية، إلا أنها تنظر إلى المتواضع على أنه إنسان راقٍ ومحتضر، ولمسنا ذلك حين الاختلاط بهم، مشيرًا إلى أنهم لا يتكبرون حين تمدحهم، معتبرًا التواضع منتشرًا في الغرب أكثر من البلاد الإسلامية. وأشار شيخ الأزهر، إلى أن هناك مبدأين يعتمد عليهما الناس في معاملاتهم، الأول المساواة ومن يتعمل بها ضروري أن يتواضع لأن ينتظر إلى أن الكل سواء في المعاملة، والثاني الطبقية ومن يتعامل بها يجد لنفسه مبررًا بأن يحترم طبقة ويحتقر الأخرى وهذه مشكلة. ونبه الإمام الأكبر، على أن القرآن الكريم ركز تركيزًا شديدًا على التواضع، وذكر أنه يكون منةً عظيمةً من الله تعالى إلى عباده، كما امتن الله على الرسول -صلى الله عليه وسلم- فكان متواضعًا في معاملاته مع المسلمين وغيرهم، مشيرًا إلى أن الله تعالى وصف التواضع بالرحمة التي تأتي منه إلى عبده، مستدلًا بقول الله تعالى: «فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ(159)» سورة آل عمران. فيما طالب الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، بأن يسود التواضع والمساواة بين الجميع، بأن ننظر إلى الفقير والمسكين والبائس كنظرتنا للغني والباشا والبيه، وأن نلغي هذه الألقاب، ويكفي أن نقول السيد فلان لجميع الناس من «البواب لرئيس الوزراء». واعتبر شيخ الأزهر، أن صفة التواضع والمساواة بين الناس تآكلت في المجتمع، وسادت الطبقية والألقاب واحتقار البعض للفقراء. ورأى الإمام الأكبر أن المجتمع الغربي متمسك بقيمة التواضع والمساواة، وتجدها حيّة في تصرفاتهم، فيطلقون على الجميع لقب «sir» من رئيس الوزراء إلى من يعمل في أدنى المهن حتى أنه يشعر بأنه مثل أعلى موظف في الدولة. وتابع: أننا نحرص في بلادنا على بعض الألقاب مثل البيه والباشا وأصحاب السمو وأصحاب الفضيلة والسعادة، ومن يخطئ في هذا يلام عليه، مؤكدًا أن الدول الغربية تقدمت بالعمل وليس الألقاب، وتطبيقها لمبدأ المساواة ولا يوجد عندها شخص واحد ألقابه نحو سطرين. ونبه شيخ الأزهر على أن الإسلام، جاء بعادات راقية، ولو طبقها المسلمون سنكون شعوبًا محترمة، تحترم بعضها بعضًا، ولكن أصبحنا نسوق الآن مصطلحات تنم على الطبقية واحتقار الناس كمن يقول: «أنت بيئة قاصدًا فلانا بعينه»، مطالبًا بعدم النظر إلى الذين يعملون في حرف متواضعة نظرة دونية. وحذر الإمام الأكبر، من الطبقية والألقاب فهي عادات جاهلية وللأسف الشديد وموجودة ولا تزال متجذرة، وهذا ليس من الإسلام أو حضارته. وقال الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، إنه يجب على الإنسان احترام الآخرين وعدم التعامل مع أحد باحتقار أو تقليل من شأنه، حتى لو كان شكله غير لائق أو فقيرًا أو مسكينًا. وأكد، أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- أخبر أن معظم أهل الجنة من الفقراء والمساكين المستضعفين الذين قد يحتقرهم الناس بسبب رداءة ملابسهم. واستدل على كلامه بما روي عن حارثة بن وهب عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ألا أخبركم بأهل الجنة؟ كل ضعيف متضعف، لو أقسم على الله لأبره، ألا أخبركم بأهل النار؟ كل عتل، جواظ، مستكبر»، موضحا أن العتل: الإنسان الفخور، والجواظ هو الممتلئ اللحم ويحتقر الناس. وذكر شيخ الأزهر رواية أخرى لهذا الحديث، فروى مسلم (2622) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «رُبَّ أَشْعَثَ، مَدْفُوعٍ بِالْأَبْوَابِ لَوْ أَقْسَمَ عَلَى اللهِ لَأَبَرَّهُ»، موضحا أن معنى «أشعث»: من صفات الشعر، وشعره أشعث يعني ليس له ما يدهن به الشعر، ولا ما يرجله، وليس يهتم بمظهره، ومعنى «أغبر»: يعني أغبر اللون، أغبر الثياب، وذلك لشدة فقر. وتابع في شرحه للحديث أن المقصود بقوله: «مدفوع بالأبواب»: يعني ليس له جاه، إذا جاء إلى الناس يستأذن لا يأذنون له، ويغلقون الأبواب في وجهه؛ لأنه ليس له قيمة عند الناس، رغم أنه له قيمة عند رب العالمين، ومعنى لو أقسم على الله لأبره يعنى أنه لو طلب منه شيئًا لستجاب الله لدعائه. واستطرد: ولهذا كان من دعاء الرسول -صلى الله عليه وسلم- كما رواه الترمذي (2352) عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «اللَّهُمَّ أَحْيِنِي مِسْكِينًا، وَأَمِتْنِي مِسْكِينًا، وَاحْشُرْنِي فِي زُمْرَةِ الْمَسَاكِينِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ». جدير بالذكر أن ابن كثير قال في "البداية والنهاية" (6/75) في شرحه للحديث: أن المراد بالمسكنة هنا التواضع والإخبات، وليس المراد قلة المال. ونقل الحافظ ابن حجر في "التلخيص" (3/109) عن البيهقي أنه قال عن هذا الحديث: «وَوَجْهُهُ عِنْدِي أَنَّهُ لَمْ يَسْأَلْ الْمَسْكَنَةَ الَّتِي يَرْجِعُ مَعْنَاهَا إِلَى الْقِلَّةِ، وَإِنَّمَا سَأَلَ الْمَسْكَنَةَ الَّتِي يَرْجِعُ مَعْنَاهَا إِلَى الإِخْبَاتِ وَالتَّوَاضُعِ». وأكد الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف،أن الإسلام دين المساواة وجاء ليساوي بين الناس، منبهًا على أنه يجب عدم التمييز والتفضيل بين الناس في المعاملة. واستدل «الطيب» خلال لقائه في الحديث الأسبوعي مع التليفزيون المصري، بما روي عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ،قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «النَّاسُ كَأَسْنَانِ الْمُشْطِ»، وبحديث الرسول -صلى الله عليه وسلم: «كُلُّكُمْ لآدَمَ وَآدَمُ مِنْ تُرَابٍ». وأكد الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب،شيخ الأزهر،أن الله تعالى أمر الناس بالتواضع،وعدم التكبر والاستعلاء،وورد الحث على ذلك في آيات قرآنية وأحاديث نبوية عديدة. واستشهد «الطيب»،خلال حديثه الأسبوعي مع التليفزيون المصري،بقول الله تعالى مخاطبا الرسول -صلى الله عليه وسلم-: «وَلا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَى» سورة طه - الآية 131، وقوله تعالى: «وَلا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلا تَمْشِ فِي الأَرْضِ مَرَحًا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ». واستدل على تواضع الرسول -صلى الله عليه وسلم-، بما روي أنه سُئلت عَائِشَة رضي الله عنها: «مَا كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعْمَلُ فِي بَيْتِهِ؟ كَانَ يَخِيطُ ثَوْبَهُ، وَيَخْصِفُ نَعْلَهُ، وَيَعْمَلُ مَا يَعْمَلُ الرِّجَالُ فِي بُيُوتِهِمْ».