أكد الدكتور مدين حامد عبد الهادي مدرس علاج وصيانة المخطوطات والوثائق الأثرية بقسم ترميم كلية الآثار بجامعة الفيوم أنه يمكن استخدام التكنولوجيا الحديثة في ترميم وصيانة المخطوطات والوثائق في ثلاث حالات،ومنها لأغراض قياسات التلف وفحص وتحليل مكونات ومواد المخطوطات والوثائق. وتابع ل"صدى البلد"، في الوقت الذي لا تفي بعض مواد العلاج لغرض ما بفعل حجم جزيئاتها،كأن تتم معادلة الحموضة بها بقلويات ترسب جزيئاتها على سطح الكتابات والورق بعد العلاج،وفي هذه الحالة ولمنع حدوث ذلك يلزم اختزال جزيئاتها تلك لأصغر حجم لها بما يعرف بالجزيئات النانوية،ولضمان أقصى درجات التغلغل والنفاذ،إضافة لما تقدم بالاستعانة بأي وسيلة فيزيائية لاختزالها ضمن مفهوم تقنية النانوتكنولوجي. وقال إنه يمكن إستخدام التكنولوجيا الحديثة أيضا عند الرغبة في علاج عدد كبير من المخطوطات التالفة،والتي لا تتحمل الانتظار في خطوة واحدة تعرف بالعلاجات الجماعية,وفي هذا يكون للتكنولوجيا قول آخر،ويحتاج كل ما تقدم إلى وعي بأهميتها، وأن تتضافر الجهود لتوفير وسائلها بغية إنقاذ آلاف المخطوطات والوثائق التي تعج بها متاحفنا ومكتباتنا ودورنا الثقافية. وتابع:هناك عدة مبادئ لترميم المخطوطات،لكني أؤكد غياب مفرداته في الوقت الحالي على أقل تقدير،خاصة في إسناد المهام إلى غيرها أهلها،وهو وضع ماثل في أقدم المؤسسات العاملة في مجال ترميم وصيانة المخطوطات والكتب والوثائق من الإشراف والاستشارة العلمية وصولا إلى أصغر الاختصاصيين في الحقل، بل أن البعض من صغار الصائنين والمرممين يتفوقون على أقرانهم من هؤلاء الذين لا يعرفون إلا البروباجندا والشر الإعلامي،وبالتالي لا تسألني عن مبادئ غائبة- وهي مطلوبة- في ظل منظومة غير مسئولة ومتربصة بتراثنا ومكتسباتنا نادرة الوجود. وحول مدي صعوبة ترميم المخطوطات والوثائق الأثرية،قال:أحيانا يقوم اختصاصيو الصيانة في بعض معامل الترميم بعلاج تلك المقتنيات الأثرية علاجا متلفا خاطئا وبدون قصد،لجهلهم وعدم درايتهم بما تعانيه تلك المواد من أكسدة كامنة أو تحلل اتلافي من بقايا اللجنين في المواد السليلوزية،أو حدوث الترابط العرضي لسلاسل الأحماض الأمينية في الحوامل البروتينية من الرق والبارشمنت مثلا أو الأيض والتكاثف الفينولي في بعض مركبات الأحبار،وهم غير قادرين على رصد ذلك، ولا يملكون ما يساعدهم على تمامه من معاف ومهارات. وقال:أحيانا تقوم المؤسسات والهيئات العاملة والمعنية بأمر صيانة وترميم المخطوطات،وبعض أقسام الترميم والصيانة في بعض الجامعات العربية بعدم علاج الكتابات التي تلفت في مجموعاتهم المخطوطة ، ووصل بها الحال إلى التلاشي التام أمام أعينهم ، ولا يتحركون أو يحركون ساكنا لعدم درايتهم أيضا بكيمياء الأحبار ومواد الكتابة، أو حتى تناولهم لتلك المسألة بالبحث والدراسة. وأضاف:التصوير الرقمي والميكروفيلم من الوسائل الجيدة والمناسبة لحفظ ما ورد بالسجلات والمخطوطات من معلومات ومعارف ونصوص،لكنها ليست مادة أو أداة لحفظ موادها ومكوناتها التي تلزمها الصيانة والترميم ويسبقها التوثيق بهذه الوسائل،كما أنها من وسائل التسجيل الحديثة التي توفر نسخا مصورة للنفائس المخطوطة لمطالعتها والإفادة منها دون المساس بأصولها،مما يحد ويقلل من تعرضها للتلف جراء تكرار تناولها وتداولها. والمواد الميكروفيلمية والمصغرات التوثيقية تتلف كذلك في بيئات غير مناسبة وهي وثائق في الأصل،فضلا عن غلو ثمنها،وأية وسيلة توفر سجلات جيدة ومرنة للتوثيق، ودونما تلف يذكر للأصول المخطوطة مع قلة كلفتها هي الأفضل لهذا الغرض.