* وقف تنفيذ قرار رئيس الهيئة العامة للتأمين الصحى بالامتناع عن صرف دواء لعلاج الأطفال مرضى التوحد * إلزام الدولة بتشكيل فريق طبى متكامل وعلاج دوائى لأطفال مرضى التوحد * المرض يعوق النمو والعلاج المبكر يخفف حدة الآثار ويغير حياتهم من هذا الاضطراب فرض مرض التوحد وجوده على ساحة القضاء المصرى العادل لأول مرة، ليدق ناقوس الخطر بأن هذا المرض أصبح ينتشر بسرعة مذهلة تهدد مستقبل الطفولة فى مصر، وهذا الانزعاج الأسرى وصل لساحة القضاء المصرى. وفى حكم جديد لأول مرة، أكدت محكمة القضاء الإدارى بالإسكندرية الدائرة الأولى بالبحيرة، برئاسة المستشار الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجى، نائب رئيس مجلس الدولة، أن الدولة ملزمة بتشكيل فريق طبي متكامل ما بين طبيب أطفال متخصص في النمو وطبيب نفسي وطبيب تخاطب وتوفير العلاج الدوائى لأطفال مرضى التوحد. وقالت المحكمة إن التدخل المبكر لعلاج أطفال مرضى التوحد هو العامل الجوهرى لسرعة ونجاح مواجهته، خاصة فى تلك السنوات الثلاث الأولى من عمر الطفل، هي التى يستطيع خلالها اكتساب المهارات بصورة أكثر إيجابية من اكتسابها فى المراحل العمرية الأخرى، ويحدث تغييرا ملحوظا وجديا في حياة الأطفال المصابين بهذا الاضطراب. وأضافت أنه يتوجب على كل من التأمين الصحى ووزير الصحة الإسراع فى إنقاذ هؤلاء الأطفال مما يعانوه من صعوبات حتى لا تسوء حالتهم فى العلاقات الاجتماعية المتبادلة واللغة والسلوك، خاصة أن هناك توعية دولية عن طريق الجمعية العامة للأمم المتحدة بهذا المرض، وتخصيص 2 أبريل يوما عالميا للتوعية دعما لحقوق الأطفال المصابين به، وتشجيعا لهم على دمجهم فى الأسرة البشرية وتحسينا لفرص الحياة الكريمة للفت انتباه أعضاء الجماعة الدولية، ويتعين على الجهة الإدارية أن تأخذ من مسلك المجتمع الدولى، ومصر عضو بارز فيه العبرة والعظة، بأن تحنوا على هؤلاء الأطفال لا أن تقسو وتعاقبهم بالحرمان من العلاج. وقضت محكمة القضاء الإدارى بالإسكندرية الدائرة الأولى للبحيرة برئاسة المستشار الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجى، نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية المستشارين صالح كشك ومحمد حراز، نائبى رئيس مجلس الدولة، بوقف تنفيذ قرار رئيس الهيئة العامة للتأمين الصحى السلبى بالامتناع عن صرف الدواء المقرر لعلاج الطفلة ياسمين على عبد الكريم الحوفى من مرض التوحد متوسط الشدة المتمثل فى عقار Efalex وMemexa وCerebrocetam شراب، وما يترتب على ذلك من آثار أخصها إلزام الهيئة بتشكيل فريق طبي متكامل ما بين طبيب أطفال متخصص في النمو وطبيب نفسي وطبيب تخاطب للطفلة، وعرض حالتها دوريا لتقرير مدى حالتها الصحية وأمرت بتنفيذ الحكم بمسودته بدون إعلان وألزمتهما المصروفات. وقالت المحكمة إنه يجب ألا يغيب عن ذهن الجهة الإدارية المدعى عليها المتمثلة فى هيئة التأمين الصحى ووزير الصحة أن مرض التوحد لدى الأطفال "Autism" هو مرض العصر بحسبانه إعاقة متعلقة بالنمو، وطبقا لرأى علماء الطب عادة ما تظهر خلال السنوات الثلاث الأولى من عمر الطفل، وهي تنجم عن اضطراب في الجهاز العصبي، مما يؤثر على وظائف المخ، ويكون انتشار هذا الاضطراب مع الأعراض السلوكية المصاحبة له، ومن ثم فإن التدخل المبكر لعلاج أطفال مرضى التوحد هو العامل الجوهرى لسرعة ونجاح علاج المرض، خاصة أن تلك السنوات الثلاث الأولى من عمر الطفل هي التى يستطيع خلالها اكتساب المهارات بصورة أكثر إيجابية من اكتسابها فى المراحل العمرية الأخرى. وأضافت أن التأمين الصحى ووزير الصحة بحكم تخصصهما فى المجال الطبى يدركان أن العلاج المكثف والمبكر يمكنه أن يحدث تغييرا ملحوظا وجديا في حياة الأطفال المصابين بهذا الاضطراب، مما يقتضى منهما الإسراع فى إنقاذهم مما يعانونه من صعوبات حتى لا تسوء حالتهم فى العلاقات الاجتماعية المتبادلة واللغة والسلوك، فعلاج الطفل المتوحد على نحو ما ذهب إليه رجال الطب يحتاج إلى فريق طبي متكامل ما بين طبيب أطفال متخصص في النمو وطبيب نفسي وطبيب تخاطبكما أن العلاج الدوائي يهدف بالأساس لتخفيف حدة الأعراض، ومن ثم فإن امتناع ممن ناط بهما القانون أو تباطؤهما عن تقديم العلاج بأشكاله المختلفة للأطفال دون السن المدرسى المصابين بالتوحد، وهم فى حالة خطرة على حياتهم هي جريمة مؤثمة ضد الطفولة. وأوضحت المحكمة أن كلا من التأمين الصحى ووزير الصحة يعلمان أنه نظرا لخطورة مرض التوحد عن الأطفال الصغار على المستوى الدولى، فإن الجمعية العامة للأمم المتحدة حددت فى ديسمبر 2007 بموجب قرارها رقم 139/62 يوم 2 أبريل من كل عام بوصفه اليوم العالمى للتوعية بمرض التوحد دعما لحقوق الأطفال المصابين به وتشجيعا لهم على دمجهم فى الأسرة البشرية وتحسينا لحياتهم وتوفيرا لفرص الحياة الكريمة لهم، وليس فى هذا الموقف الدولى سوى تعبير من الجماعة الدولية عن أهمية معالجة وخطورة هذا المرض، وهو ما كان يتوجب على الجهة الإدارية مراعاته، والعمل على هديه بأن تأخذ من مسلك المجتمع الدولى ومصر عضو بارز فيه العبرة والعظة لتحنو على الأطفال من مرضى التوحد لا تقسو عليهم. وأشارت إلى أن المشرع أنشأ بموجب المرسوم بقانون رقم 86 لسنة 2012 المشار إليه نظاما للتأمين الصحي على جميع المواليد والأطفال الرضع، ومن هم دون سن الدراسة، إذ ألزم الهيئة العامة للتأمين الصحى تقديم الخدمات العلاجية والتأهيلية والخدمات الطبية لهم والفحص بالأشعة والبحوث المعملية وغيرها من الفحوص الطبية والعلاج والإقامة بالمستشفى أو المصحة أو المركز التخصصى وإجراء العمليات الجراحية وأنواع العلاج الأخرى وصرف الأدوية اللازمة للعلاج، فضلا عن الخدمات الصحية كالتحصين ضد الأمراض، ويكون علاج الطفل ورعايته طبيا مدة انتفاعه إلى أن يشفي أو تستقر حالته، وهذا الالتزام بالعلاج لا مناص من تحقيقه ولا سبيل للفكاك منه باعتباره حقا من الحقوق الأساسية التى يتمتع بها الطفل فى بلده وتقوم الدولة على توفيره له ولا وجه لحرمانه منه، فإذا نكلت الدولة عن أداء هذا الالتزام دون سند مشروع، فإن مسلكها فى هذا الشأن يعد قرارا سلبيا غير مشروع. واستطردت المحكمة أن التأخير فى منح الطفلة جرعات العلاج الدوائى وتشكيل فريق طبى فى النمو والنفسى والتخاطب يعرض حياتها للخطر ويحرمها من حقها فى العلاج المجانى ويمس حقها فى الحياة الكريمة، وهما حقان دستوريان ويتوجب على الدولة ممثلة فى هيئة التأمين الصحى ووزير الصحة بذل العناية اللازمة لتخفيف معاناة الأطفال المرضى الذين يطرقون باب العدالة الذى لا يوصد فى وجهه طارق، وبحسبان أن مرض التوحد – وكما ذهب أهل التخصص من علماء الطب - من الإعاقات التطورية الصعبة بالنسبة للطفل وأسرته، حيث يعاني الصغير من مشاكل في التفاعل الاجتماعي وتأخر في النمو الإدراكي وفي الكلام وفي تطور اللغة، بالإضافة إلى البطء في المهارات التعليمية، كما يعاني نسبة منهم من حالات صرع ومن الحركات الزائدة وعدم القدرة على التركيز والاستيعاب، ولا ريب أن العلاج المكثف والمبكر، قدر الإمكان يمكنه أن يحدث تغييرا ملحوظا وجديا في حياة الأطفال المصابين بهذا الاضطراب، وهو ما لا يجب أن يغيب عن عقيدتها، مما يستنهض همة التأمين الصحى ووزير الصحة بعلاجهم وشمولهم بالرعاية الصحية والعلاج المجانى، وهو من أخص حقوقهم الدستورية الأصيلة. واختتمت المحكمة حكمها العادل المستنير بأن الطفلة ياسمين عبد الكريم الحوفى، 3 سنوات، مؤمن عليها لدى الهيئة العامة للتأمين الصحي طبقا للمرسوم بقانون رقم 86 لسنة 2012، وأن والدها فقير عامل باليومية ويقيم بقرية الظهرية بإيتاى البارود بمحافظة البحيرة، وأن الطفلة تعانى من مرض التوحد متوسط الشدة وتحتاج إلى الدواء العلاجى المتمثل فى عقار "ايفالكس" شراب و"ميميكسا" شراب و"سربيوستام" شراب، فضلا عن تخصيص فريق طبى متكامل لها من طبيب أطفال متخصص في النمو وطبيب نفسي وطبيب تخاطب، فمن ثم تلتزم هيئة التأمين الصحى بتوفير ما تقدم وبما يتناسب مع تطور حالتها الصحية بصفة دائمة ومنتظمة دون تأخير، وعلى التأمين الصحى ووزير الصحة أن يسعيا إلى علاجها فى الحال دون تأجيلها للغد ودون تقسيط أو تقطير فى علاجها، فلن يستطيع الأطفال أن يلبسوا ثوب العافية إلا إذا قامت الدولة نحوهم بواجبها الدستورى والقانونى والإنسانى، وبهذه المثابة يشكل امتناع الجهة الإدارية المدعى عليها عن صرف الأدوية المشار إليها للطفلة قرارا سلبيا مخالفا لأحكام الدستور والقانون. هذا وقد اعتبرت منظمات حقوقية أن هذا الحكم نصر كبير لجموع الأسر التى يعانى أطفالها من مرض التوحد، وهو أول حكم يصدر بعد أن حصلت الحكومة على ثقة البرلمان إعمالا للدستور، والتى ألزمت نفسها من خلال بيانها الذى ألقاه رئيس الوزراء أمام مجلس النواب للعامين ونصف العام المقبلين، وأصبح ملزما لها بتطوير الخدمات الصحية للفئات الأكثر عرضة للمخاطر.