أصبحت بطاقات الدفع – التي سهلت الخدمات المالية للعالم منذ عام 1958 الوسيلة المثلى لتوصيل الدعم لمستحقيه، وذلك بدلا من دعم سلعة بعينها، كما أضحت أداة تستخدمها معظم حكومات العالم لتوصيل الضمان الاجتماعي والمعاشات وغيرها من الخدمات للمواطنين بسهولة ويسر وشفافية. وتعد الشفافية كلمة حاكمة في منظومة المدفوعات الالكترونية لأنها تعد مطلبا أساسيا سواء من جانب الحكومات الساعية لمكافحة الفساد وتقليص نسبه، أو من جانب المواطنين الذين يتولد لديهم شعورا بالثقة في أن طريقة عمل الحكومة ونسق توزيع الخدمات والمميزات يتسم بالعدل والوضوح بما ينعكس إيجابا على نظرتهم للحكومة في إطار العقد الاجتماعي. وبالنسبة للاقتصاد المصري، ستسهم المدفوعات الإلكترونية – حال تطبيق العمل بها على نطاق واسع – في توفير دورات مستنديه ورقية وجهد كبير داخل أروقة الحكومة، فضلا عن أنها ستمنح للمتعاملين ميزة الحصول على مستحقاتهم بشكل شبه فوري بدلا من انتظار دورة الشيكات الورقية المتعارف عليها مما سيؤدي إلي تسارع وتيرة انجاز الأعمال ودورة التحصيل ونسبة السيولة. كما سينعكس التوسع في نطاق المدفوعات الإلكترونية ايجابا على تقليص تكلفة انجاز الحكومة للعديد من المشروعات وعلى رأسها تكلفة دعم المحروقات، وتكلفة ادارة النقد (الكاش)، كما أن التجارة الإلكترونية المرتبطة إلي حد بعيد بنظم المدفوعات الإلكترونية ستسهم بشكل اساسي في تقليل حجم الاقتصاديات الموازية. وقد ناقشت فيزا كل هذه الأفكار والأطروحات خلال مشاركتها بمؤتمر شرم الشيخ الاقتصادي وخلال مناقشاتها مع مختلف الأطراف الحكومية بعد ذلك، حيث عرضت نتائج تعاونها مع أطراف عدة من بينها وزارة المالية ووزارة الاتصالات للخروج بخريطة طريق تؤسس لعملية المدفوعات الالكترونية الحكومية التي تتطرق للمرتبات والمعاشات والخدمات والضرائب وغيرها من متحصلات الدولة ومدفوعاتها. وقد تطورت صناعة الدفع الإلكتروني من المدفوعات البلاستيكية في أواخر التسعينيات، وبعد دخول التكنولوجيا أصبح يطلق عليها المدفوعات الإلكترونية والآن أصبحت تسمى النقود الرقمية والتي تتضمن الدفع عن طريق الموبايل والتجارة الإلكترونية. وقد أسهمت التطورات التكنولوجية في تنويع خيارات الدفع وإتاحة أشكال متعددة منها للمستهلك وهو ما يصب في صالح توسيع رقعة إستخدام منتجات وحلول المدفوعات الالكترونية. فالهواتف المحمولة تعتبر – شريطة توافر البنية التحتية والتشريعية الملائمة – وسيلة فعالة لنشر التعامل بالمدفوعات الالكترونية وتفعيل الشمول المالي. ومع نسب انتشار الانترنت المطردة والمصحوبة بانتشار الهواتف المحمولة الذكية، نري أن لمصر فرصة متنامية في تحقيق عائدات كبيرة من التجارة الالكترونية وهو ما قامت فيزا بدراسته بشكل مستفيض وقدمت دراسة كاملة حوله لوزارة الاتصالات المصرية للاستفادة بها. وقد أصدرت فيزا في 2013 تقريرا أكد أن نسبة نمو التجارة الإلكترونية في منطقة الشرق الاوسط وشمال افريقيا وصل إلى 45% مما يجعل هذه المنطقة في المركز الاول عالميا من ناحية النمو. وأوضحت الدراسة أن مصر تتصدر دول المنطقة في نسبة النمو بمبيعات عبر الإنترنت وصلت إلى 3.2 مليار دولار خلال 2011 وأعتقد أن مصر تحافظ على هذا المركز بين المنطقة التي حققت مبيعات تقدر بنحو 15 مليار دولار خلال 2012. ومنطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا تعتبر من أبرز الأسواق الناشئة في سوق الدفع على الإنترنت وأعتقد أنها تحافظ على معدلات نموها في ظل الانتشار الواسع للهواتف المحمولة والزيادة المطردة في أعداد مستخدمي الإنترنت. ويكفي أن ننوه إلى أنه عندما لجأت كوريا الجنوبية إلى إستخدام المدفوعات الالكترونية في عملية تحصيل الضرائب، نجحت في زيادة حصيلة الضرائب بنحو 30 مليار دولار خلال أربعة أعوام، وفي جنوب إفريقيا استخدمت الحكومة بطاقات فيزا للدفع الإلكتروني لتوصيل الدعم الاجتماعي لمستحقيه ومنهم 7 ملايين طفل يحصلون على إعانات حكومية، وفي موسكو يحصل ثلاثة ملايين روسي على معاشاتهم من خلال بطاقات فيزا.