أجرم تنظيم «داعش» وطغى فى فساده، واستوحشت عناصره فى الإجهاز على المسالمين فى شتى البقاع، والتى تسرب إليها عبر ثقوب الخطاب الدينى، الذى أخد منذ ظهور الإخوان فى حكم مصر، طريقه إلى التشدد والتطرف وتذكية العنف، حتى أنه لم يفرق بين من يواجههم هل هم من أهل السنة أم الشيعة؟، فشن التنظيم الإرهابى الضال، في أقل من أسبوع عدداً من الهجمات الإرهابية، حيث فجر مسجدًا للشيعة في الكويت، خلال أداء صلاة الجمعة، وفندقا في تونس استهدف عدداً من السائحين، وقاد هجمات على كمائن للجيش المصري في سيناء، وقتل 21 صائماً دون ذنب، مستعيناً بعناصر شبابية غرهم بأمواله، وجاهد فى اقناعهم بأنهم يقاتلون لنصرة دين الله، لكنه فى حقيقة الأمر، يذبح دينه بسكين بارد، لخدمة أفكار صهيونية لا تمت إلى الإسلام بأى صلة. وكل تلك الضربات الإرهابية، التي يقودها التنظيم الصهيوني المسمى «داعش»، تؤكد أن فصل الخطاب معهم هو الحل، من خلال اتباع طرق وأساليب جديدة بعيداً عن فكرة الدم والقتل التى يتبناها، والإرهاب الذى ينشره، بوضع خطط فكرية لمواجته، ودحره فى عقر داره، فإراقة الدماء والقتل ليست معضلة، ولا يوجد أبسط منها، لكن حفظ الدماء وتحقيق الأمن والطمأنينة هما الخيار الأصعب، خاصة أن الإسلام لم يدع إلى القتل، وإنما إلى نبذ العنف والتطرف، وأرسى دعائم التسامح منذ أكثر من 1400 عام، لذا فباتت الحاجة ضرورة وملحة نحو حماية شباب المسلمين من الوقوع فى براثن هذا العدو، ومنعهم من الانضمام الى صفوفه ونتركه يقتل في مواجهات مع قوات الأمن، ويقتل إخوانه في الجيش والشرطة، وهو ليجهل حقيقة الأفكار الصهيونية التى قام عليها التنظيم. ولم يعد خافياً على أحد أن التنظيم استطاع أن يستحوذ على عقول العديد من الشباب المسلم من كل حد وصوب، لذا لم تعد المواجهة بين قوات الأمن والميليشيات الإرهابية، بل أصبحت معركة أفكار وقناعات، وهنا لابد من ظهور دور الأزهر الشريف، لمواجهة أفكار التطرف، والتى تفرض على كل عالم أزهري، الدعوة لمحاربة تلك الأفكار من خلال وسطية الأزهر، باعتبارها حصناً منيعاً ضد التطرف والإرهاب على مر العصور، وعلى الرغم من تضارب الأقوال والأراء حول دوره فى الأحداث الأخيرة التى شهدتها مصر، ومدى الخلاف الذى أوجده بين النخبة، إلا أنه مستقلاً بذاته، ولم تستطع أى فئة الإجهاز عليه، أو أن يكون تابعاً لها. ويتوجب عليه كمؤسسة دعوية تمثل الإسلام فى العالم، أن ترسى دعائم تجديد الخطاب التى لم تعد واضحة منذ الاعلان عنها، وأن تنطلق بعلمائها ودعاتها، لتصحح المفاهيم المغلوطة لدى التكفيريين، لحماية الشباب من الانجرار وراء الافكار الارهابية الهدامة التى يقودها التنظيم. ولابد للأزهر من توحيد جهوده ضد الارهاب الذى تفشى، وعدم الانخراط فى قضايا هامشية وأمور جدلية لا طائل منها لن تنقذ الأمة من الخطر المحدق بها، وذلك بقصد تفتيت الجهود وإلهاء الشعب عن معركته الحقيقة، مع المتطرفين الذين سيطروا على الكثير من الشباب، الذين باتوا صيداً ثميناً وسهلاً للإرهابيين، ويجندوهم في ميليشياتهم تحت مزاعم تأسيس "دولة الإسلام"، لأنها تتقصد من ذلك تدمير الأمة ونشر الشقاق بينهم. وفى هذه الظروف العصيبة التى تعصف بالأمة، وما تمر به الدول العربية والإسلامية على السواء، من تفجيرات طالت مؤخرا من دول الكويتوتونس ومصر، لابد من التوحد والاصطفاف الوطنى والدينى لمواجهة التطرف، الذى يضرب بلادنا دون رقيب، أو وجود قوة تقف أمامه بما يهددنا جميعا ويسيء إلى إسلامنا. لكن تبقى وسيطة الأزهر، هى الملاذ أمامنا لمواجهة التطرف، ونحن ما زلنا نستغرق فى الماضى طويلًا، دون تأن أو دراسة دقيقة للظروف الراهنة التى تعانى منها المنطقة، بمشروع لم يعد معروفاً يتبع أى جهة، وأية دولة تقدم له هذا الزخم من الأموال والأفكار، والتى تجسدت في تنظيم «داعش» الإرهابى، الذى نشر العنف والتطرف، وابتداع يسئ إلى الدين الإسلامى القائم على الاعتدال والوسطية، وهو ما دفع الرئيس عبد الفتاح السيسي، إلى قوله للإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر وعلمائه الأجلاء، إنه سيسألهم أمام الله عن دورهم في مواجهة التطرف والإرهاب، لذا من الضرورى على علمائه تصحيح المفاهيم المغلوطة لدى الشباب بالحجج والبراهين وتفنيد إدعاءات الإرهابيين، وليس السكوت عليها أو مهاجمتها لمجرد الهجوم. فلابد من تنحية أية خلافات جانباً والتوحد خلف الأزهر، لمواجهة التنظيم الإرهابى الذى أخذ فى التمدد، وكثر أتباعه ومريديه، حتى قيل أنه وصل إلى سيناء، وأنه مسئول عن أفكار ولاية سيناء الإرهابى، التى ما زالت تقتل جنود الجيش، الذى لا شك أنه خط الدفاع الأول، وخط أحمر لا يسمح أى أحد منا على التجرأ عليه من أى دولة أو فئة مهما كانت. لذا، يتوجب التكاتف وعدم الانخراط وراء دعوات التفكك، التى تتزعمها «داعش» وتدعو، ذلك التنظيم الصهيونى القائم على القتل ولا يمتد للإسلام بصلة، والذى لن يقدر على مواجهته إلا الأزهر، خلال الجهود الأخيرة من أجل تجديد الخطاب الدينى، عن طريق عصرنة الإسلام وليس أسلمة العصر، كما أن الدولة الإسلامية لا يمكن أن يمثلها إرهابيو التنظيم الدموى الذى طغى وتفنن فى الابتداع، وحرف المنهج الدينى القويم، وأخذ بظاهر النص وليس معناه الحقيقى. وينبغى على الجميع ألا ينسى، أن ما جرى فى 30 يونيو امتداداً لثورة 25 يناير، والتى أطاحت بحكم الإرهابية المستبد، بعد انتشار العديد من الأفكار المتطرفة وإذكاء نار الفتنة فى كثير من البلاد، فخلال عامهم الوحيد فى الحكم تسببوا فى زرع بذور الشر، واقترفوا حوادث لم نكن نعهدها من قبل، وعقب زوالهم حكمهم، فإنه يتعين على الأزهر- الذى رفض ذلك النظام- لخطورته على المجتمع ،أن يعمل على إعادة الأمور لطبيعتها، وإصلاح ما أفسدته الجماعات التكفيرية. وما يجرى فى المنطقة العربية وعلى رأسها سوريا وليبيا والعراق ومؤخراً الكويتوتونس وأحداث سيناء البغيضة التى راح ضحيتها 21 صائماً مصرياً مجنداً لخدمة بلاده وحماية الحدود، ومكلف بالقضاء على التنظيم، يؤكد لنا الإرهاب بات عدوًا مشتركًا، ومرضاً عضال تفشى فى بلداناً، لذا يجب أن يتكاتف الجميع لمواجهته، وأن يقود الأزهر- ممثل الوسطية- حرباً ضروس تعتمد على محاربة الفكر بالفكر،ضد المتطرفين، ومنع تمددهم ونشرهم للأفكار الضالة التى تهدم المجتمعات العربية والإسلامية بل والعالمية أيضاً ، كما أنه هو المؤسسة الدينية الوحيدة التى كلمة مسموعة فى كثير من الدول، فضلاً عن الدعوة لمساندة الجيش المصري والجيوش العربية التى تقف فى واجهة آلة الحرب الإرهابية، وتقف لهم بالمرصاد، حتى يمكن تخليصنا من الذئاب المنفردة والمجتمعة، لنسلم بلادنا إلى الأجيال المقبلة وهى تنعم بالأمن والأمان وتكسوها الوسطية الدينية والعمل بتعاليم الإسلام السمحة.